خيانات ماليّة لبنانيّة عظمى في ملف سلامة الأوروبي.. وهو مطمئن لسير العمليّة القضائيّة في لبنان
لا يحتاج الأمر للكثير من الشرح، حتّى يبيّن فداحة الموقف الحكومي في ملف حاكم مصرف لبنان الجنائي، المفتوح في المحاكم الأوروبيّة، والمتّصل قبل كل شيء بأموال عامّة لبنانيّة مشتبه باختلاسها. في هذه اللحظات بالتحديد، ثمّة فريق قانوني يثابر على تنفيذ مهمّة حماية مصالح الدولة الماليّة، والحفاظ على حق لبنان في الأموال المشبته باختلاسها، والمحتجزة لصالح المحاكم الأوروبيّة. وهذا الفريق، يتسلّح بموقف هيئة القضايا ومن خلفها وزير العدل، المُصرّ على أنّ تكليف الفريق القانوني ما زال ساريًا وقانونيًا ولا تشوبه شائبة. وفي الوقت نفسه، ثمّة حكومة تعتبر أنّها سحبت من يد الفريق القانوني ورقة تكليفه، وتنتظر من وزير العدل أسماء مقترحة جديدة للموافقة عليها، في محاولة للتسويف وشراء الوقت لصالح سلامة.
هذه الخلاصة، التي باتت معروفة للجميع الآن، ليست سوى رأس جبل الجليد المرئي، والذي يخفي تحته كمًا هائلًا من المكائد والمناورات التي جرت لحماية ما يُشتبه بكونه "مسروقات" حاكم مصرف لبنان، المحتجزة في أوروبا. فالمسألة لم تعد تقتصر على عرقلة عمل الفريق القانوني الذي يدافع عن مصالح الدولة اللبنانيّة. بل بات هناك داخل السلطة السياسيّة والمنظومة الحاكمة، من يعمل علنًا كجزء من فريق الدفاع القانون عن رياض سلامة، حتّى حين يحتاج الأمر إلى ارتكاب "خيانات ماليّة عظمى" بحق الشعب اللبناني.
الخيانات الماليّة العظمى
ما تحت جبل الجليد الذي نراه، هو التالي: في باريس وأمام القضاء الفرنسي، وبينما كان الفريق القانوني الذي يمثّل مصالح الدولة اللبنانيّة يسعى للدخول على خط الدعوى في فرنسا، لحماية حق لبنان في الأموال المحتجزة، يتبيّن أنّ فريق الدفاع عن حاكم مصرف لبنان استحصل على إفادات من داخل وزارة العدل، ومن المدير العام في الوزارة بالتحديد، تطعن بمشروعيّة الفريق القانوني الذي يمثّل الدولة، وبصحّة تمثيله للدولة. وهذه الإفادات بالتحديد، تحوّلت إلى ورقة "جوكر" بيد فريق الدفاع القانوني عن الحاكم، لإبطال أي خطوة من جانب الفريق الذي يمثّل الدولة اللبنانيّة.
إنّها "بهدلة" لبنانيّة من الطراز الرفيع. فبينما يتسلّح الفريق المُدافع عن مصالح الدولة بعقد موقّع أصولًا من جانب وزير العدل نفسه، وبموجب اتفاق مع هيئة القضايا صاحبة الاختصاص في هذا الملف، تظهر فجأة مستندات موقّعة من موظّف فئة أولى في الجمهوريّة اللبنانيّة، تناقض العقود وتناقض المسعى الذي يهدف إلى حماية حقّ الدولة.
وهذا التناقض في الموقف الرسمي، هو أكثر ما يستند إليه فريق سلامة اليوم، لتحييد الدولة كليًا عن ملف الحاكم، للقول بأن لبنان لا يعتبر الأموال المحتجزة أموال مختلسة أصلًا. وعلى هذا الأساس، يحاول فريق الدفاع عن سلامة الوصول إلى إسقاط الملاحقة في مسألة الاختلاس، تمهيدًا لإسقاط تهمة تبييض الأموال المرتبطة بالأصول المشتبه باختلاسها.
في واقع الأمر، لم يكن ليجرؤ موظّف في وزارة العدل على الإقدام على فضيحة بهذا الحجم، لولا وجود مسار سياسي متكامل يهدف إلى حماية الحاكم، ولو على حساب المال العام اللبناني. في تطوّرات الأيّام الماضية أيضًا، يتبيّن أن رئاسة الحكومة تلقّت السير الذاتيّة المفصّلة للمحامين المعيّنين من قبل وزارة العدل، والذين تم التعاقد معهم بشكل قانوني وبحسب الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات.
وعلى هذا الأساس، يصبح من الواضح وجود نوع من "تواطؤ" داخل الحكومة اللبنانيّة، للادعاء زورًا أنّ مجلس الوزراء لم يمتلك "المعلومات الوافية" عن المحامين المعيّنين من وزارة العدل. وعلى أساس هذا الادعاء، اتخذ المجلس يوم الجمعة الماضية قرار الطلب من وزير العدل تقديم أسماء جديدة، لفريق الدفاع الذي سيتولّى حماية مصالح الدولة، ما يعني إبطال تكليف الفريق القانوني المعيّن اليوم. وكما بات الجميع يعلم، لم تهدف هذه الخطوة إلّا لإعطاء فريق الدفاع عن سلامة بعض الوقت، عبر تعطيل عمل الدولة القانوني في ملفّه، قبل البت بمصير الأصول المحتجزة في باريس في شهر تمّوز المقبل.
سلسلة الخيانات الماليّة العظمى لا تنتهي هنا، ففي مجلس الوزراء أيضًا، ثمّة من قرّر استبدال تمثيل وزير العدل بالمدير العام للوزارة، في جلسة يوم الجمعة، في حين أنّ وزير العدل هو الشخص الوحيد المكلّف بتمثيل الوزارة في هذا الملف. أمّا المدير العام، فلا يملك إلا صلاحيّة "اقتراح" أسماء للفريق القانوني، لا أكثر. وهذه المهزلة، التي تخالف أصول العمل في السلطة التنفيذيّة، تكشف مرّة جديدة الدور الملتبس الذي يلعبه المدير العام في الوزارة منذ البداية.
تحت جبل الجليد، ثمّة أيضًا معلومة لا يعرفها معظم من تابع الملف. ففي بادئ الأمر، لم يكن المدير العام نفسه مكترثًا لهويّة الفريق القانوني الذي يمثّل الدولة في باريس. بل وعلى العكس تمامًا، كان المدير قد أعطى موافقته على الأسماء المقترحة من هيئة القضايا، والتي وقّع معها وزير العدل عقد التكليف. لكنّ شيئًا ما حصل، وتغيّر موقف المدير العام على نحو مفاجئ، فبدأ بالمماطلة بدراسة ملف المحامين، ثم بدأ بإصدار الإفادات التي تبطل تكليف هؤلاء، ثم لعب الدور المشبوه، والذي يُطرح حوله ألف علامة استفهام، في جلسة يوم الجمعة الماضي.
جعجعة لبنانيّة بلا طحين أوروبي
ما يجري في لبنان، سيهدد مصالح الدولة اللبنانيّة ومصير الأموال المشتبه باختلاسها، لكنّه حتّى اللحظة لم يؤثّر بشكل جوهري على مسار الملاحقات الجارية في أوروبا. في هذه الأثناء، يبدو أن شركاء الحاكم في عمليّة تبييض الأموال المشتبه بها، وأوّلهم شقيقه رجا سلامة، قد اختاروا السير على دربه، لجهة التمّلص من حضور جلسات التحقيق الفرنسيّة. وهذا تحديدًا ما قام به شقيق الحاكم يوم أمس، متذرّعًا بتقرير طبّي. وعلى هذا الأساس، سيكون أمام القاضية الفرنسيّة إمّا قبول الذريعة الطبيّة، وتحديد موعد جديد للجلسة، ما سيسمح لفريق الدفاع عن الحاكم بشراء بعض الوقت، وإمّا رفض هذه الذريعة، وإصدار مذكرة توقيف بحق رجا سلامة، كما حصل مع شقيقه رياض في السابق.
المؤسف في كل هذه التطوّرات، هو أنّ شبكة الحصانات السياسيّة التي يتمتّع بها سلامة محليًا تتوسّع في كل يوم، بالتوازي مع ازدياد الضغوط القضائيّة التي يتعرّض لها في المحاكم الأوروبيّة، وتقدّم التحقيقات في ملفّه الجنائي. ما يؤكّد على هذه الحصانات، هو كلام سلامة نفسه، عن "اطمئنانه لسير العمليّة القضائيّة في لبنان"، ما يوحي بأن الحاكم يملك ضمانات اتجاه مصيره محليًا، إذا ما قرّر قدم السفر ومواجهة التحقيقات الأوروبيّة.
هذه الخلاصة، التي باتت معروفة للجميع الآن، ليست سوى رأس جبل الجليد المرئي، والذي يخفي تحته كمًا هائلًا من المكائد والمناورات التي جرت لحماية ما يُشتبه بكونه "مسروقات" حاكم مصرف لبنان، المحتجزة في أوروبا. فالمسألة لم تعد تقتصر على عرقلة عمل الفريق القانوني الذي يدافع عن مصالح الدولة اللبنانيّة. بل بات هناك داخل السلطة السياسيّة والمنظومة الحاكمة، من يعمل علنًا كجزء من فريق الدفاع القانون عن رياض سلامة، حتّى حين يحتاج الأمر إلى ارتكاب "خيانات ماليّة عظمى" بحق الشعب اللبناني.
الخيانات الماليّة العظمى
ما تحت جبل الجليد الذي نراه، هو التالي: في باريس وأمام القضاء الفرنسي، وبينما كان الفريق القانوني الذي يمثّل مصالح الدولة اللبنانيّة يسعى للدخول على خط الدعوى في فرنسا، لحماية حق لبنان في الأموال المحتجزة، يتبيّن أنّ فريق الدفاع عن حاكم مصرف لبنان استحصل على إفادات من داخل وزارة العدل، ومن المدير العام في الوزارة بالتحديد، تطعن بمشروعيّة الفريق القانوني الذي يمثّل الدولة، وبصحّة تمثيله للدولة. وهذه الإفادات بالتحديد، تحوّلت إلى ورقة "جوكر" بيد فريق الدفاع القانوني عن الحاكم، لإبطال أي خطوة من جانب الفريق الذي يمثّل الدولة اللبنانيّة.
إنّها "بهدلة" لبنانيّة من الطراز الرفيع. فبينما يتسلّح الفريق المُدافع عن مصالح الدولة بعقد موقّع أصولًا من جانب وزير العدل نفسه، وبموجب اتفاق مع هيئة القضايا صاحبة الاختصاص في هذا الملف، تظهر فجأة مستندات موقّعة من موظّف فئة أولى في الجمهوريّة اللبنانيّة، تناقض العقود وتناقض المسعى الذي يهدف إلى حماية حقّ الدولة.
وهذا التناقض في الموقف الرسمي، هو أكثر ما يستند إليه فريق سلامة اليوم، لتحييد الدولة كليًا عن ملف الحاكم، للقول بأن لبنان لا يعتبر الأموال المحتجزة أموال مختلسة أصلًا. وعلى هذا الأساس، يحاول فريق الدفاع عن سلامة الوصول إلى إسقاط الملاحقة في مسألة الاختلاس، تمهيدًا لإسقاط تهمة تبييض الأموال المرتبطة بالأصول المشتبه باختلاسها.
في واقع الأمر، لم يكن ليجرؤ موظّف في وزارة العدل على الإقدام على فضيحة بهذا الحجم، لولا وجود مسار سياسي متكامل يهدف إلى حماية الحاكم، ولو على حساب المال العام اللبناني. في تطوّرات الأيّام الماضية أيضًا، يتبيّن أن رئاسة الحكومة تلقّت السير الذاتيّة المفصّلة للمحامين المعيّنين من قبل وزارة العدل، والذين تم التعاقد معهم بشكل قانوني وبحسب الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات.
وعلى هذا الأساس، يصبح من الواضح وجود نوع من "تواطؤ" داخل الحكومة اللبنانيّة، للادعاء زورًا أنّ مجلس الوزراء لم يمتلك "المعلومات الوافية" عن المحامين المعيّنين من وزارة العدل. وعلى أساس هذا الادعاء، اتخذ المجلس يوم الجمعة الماضية قرار الطلب من وزير العدل تقديم أسماء جديدة، لفريق الدفاع الذي سيتولّى حماية مصالح الدولة، ما يعني إبطال تكليف الفريق القانوني المعيّن اليوم. وكما بات الجميع يعلم، لم تهدف هذه الخطوة إلّا لإعطاء فريق الدفاع عن سلامة بعض الوقت، عبر تعطيل عمل الدولة القانوني في ملفّه، قبل البت بمصير الأصول المحتجزة في باريس في شهر تمّوز المقبل.
سلسلة الخيانات الماليّة العظمى لا تنتهي هنا، ففي مجلس الوزراء أيضًا، ثمّة من قرّر استبدال تمثيل وزير العدل بالمدير العام للوزارة، في جلسة يوم الجمعة، في حين أنّ وزير العدل هو الشخص الوحيد المكلّف بتمثيل الوزارة في هذا الملف. أمّا المدير العام، فلا يملك إلا صلاحيّة "اقتراح" أسماء للفريق القانوني، لا أكثر. وهذه المهزلة، التي تخالف أصول العمل في السلطة التنفيذيّة، تكشف مرّة جديدة الدور الملتبس الذي يلعبه المدير العام في الوزارة منذ البداية.
تحت جبل الجليد، ثمّة أيضًا معلومة لا يعرفها معظم من تابع الملف. ففي بادئ الأمر، لم يكن المدير العام نفسه مكترثًا لهويّة الفريق القانوني الذي يمثّل الدولة في باريس. بل وعلى العكس تمامًا، كان المدير قد أعطى موافقته على الأسماء المقترحة من هيئة القضايا، والتي وقّع معها وزير العدل عقد التكليف. لكنّ شيئًا ما حصل، وتغيّر موقف المدير العام على نحو مفاجئ، فبدأ بالمماطلة بدراسة ملف المحامين، ثم بدأ بإصدار الإفادات التي تبطل تكليف هؤلاء، ثم لعب الدور المشبوه، والذي يُطرح حوله ألف علامة استفهام، في جلسة يوم الجمعة الماضي.
جعجعة لبنانيّة بلا طحين أوروبي
ما يجري في لبنان، سيهدد مصالح الدولة اللبنانيّة ومصير الأموال المشتبه باختلاسها، لكنّه حتّى اللحظة لم يؤثّر بشكل جوهري على مسار الملاحقات الجارية في أوروبا. في هذه الأثناء، يبدو أن شركاء الحاكم في عمليّة تبييض الأموال المشتبه بها، وأوّلهم شقيقه رجا سلامة، قد اختاروا السير على دربه، لجهة التمّلص من حضور جلسات التحقيق الفرنسيّة. وهذا تحديدًا ما قام به شقيق الحاكم يوم أمس، متذرّعًا بتقرير طبّي. وعلى هذا الأساس، سيكون أمام القاضية الفرنسيّة إمّا قبول الذريعة الطبيّة، وتحديد موعد جديد للجلسة، ما سيسمح لفريق الدفاع عن الحاكم بشراء بعض الوقت، وإمّا رفض هذه الذريعة، وإصدار مذكرة توقيف بحق رجا سلامة، كما حصل مع شقيقه رياض في السابق.
المؤسف في كل هذه التطوّرات، هو أنّ شبكة الحصانات السياسيّة التي يتمتّع بها سلامة محليًا تتوسّع في كل يوم، بالتوازي مع ازدياد الضغوط القضائيّة التي يتعرّض لها في المحاكم الأوروبيّة، وتقدّم التحقيقات في ملفّه الجنائي. ما يؤكّد على هذه الحصانات، هو كلام سلامة نفسه، عن "اطمئنانه لسير العمليّة القضائيّة في لبنان"، ما يوحي بأن الحاكم يملك ضمانات اتجاه مصيره محليًا، إذا ما قرّر قدم السفر ومواجهة التحقيقات الأوروبيّة.