إختر من الأقسام
آخر الأخبار
رئيس الحكومة اللبنانية يلغي “مجلس الوزراء” ونواب “أمل” يهاجمون الأحلام القديمة بالفيدرالية والتقسيم
رئيس الحكومة اللبنانية يلغي “مجلس الوزراء” ونواب “أمل” يهاجمون الأحلام القديمة بالفيدرالية والتقسيم
المصدر : سعد الياس- القدس العربي
تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ أذار ٢٠٢٤

لم تهدأ الضجة التي أحدثها قرار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بالاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأجيل التوقيت الصيفي إلى نهاية شهر رمضان في 21 نيسان/إبريل المقبل، وقد استفاق اللبنانيون على توقيتين في ظاهرة غريبة وغير مألوفة، إذ بدت المناطق المسيحية تسير على التوقيت الصيفي بتقديم الساعة ساعة فيما بقيت المناطق الاسلامية على التوقيت الشتوي.

وبين هذا وذاك، طلب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من أمين سر كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن التواصل مع الرئيسين بري وميقاتي في محاولة لايجاد مخرج للازمة التي استجدت، منطلقاً من ضرورة الحد من الانقسامات الخطيرة الحاصلة تحديداً في ظل ما يعانيه الناس من ازمات لا تعد ولا تحصى. وجاء هذا المسعى في اطار ما كان أعلن عنه جنبلاط في تغريدته أن “أزمة البلد أكبر من تقديم أو تأخير الساعة ولا داعي لاتخاذ قرارات تصب في الأتون الطائفي البغيض”.

واذا كان البعض قرأ في القرار “الارتجالي” الصادر عن بري وميقاتي محاولة لتحويل الانظار عن رسالة صندوق النقد الدولي وفضيحة توسعة مطار بيروت الدولي، فإن تداعيات القرار تسببت بانقسام طائفي عامودي بعد اجماع غالبية القوى المسيحية على رفضه لمخالفته قرار التوقيت العالمي، والبلبلة التي يشكلها على انتظام عمل المؤسسات وفي مقدمتها حركة المطار والملاحة الجوية والحجوزات والتوقيت المعتمد في شركات الخلوي، وكان لافتاً أن المطار اعتمد ساعتين ساعة للوصول وساعة للمغادرة.

بيان بكركي

واتخذت الاحزاب المسيحية موقفاً موحداً برفض قرار ميقاتي وبري، ولم يثمر الاتصال الذي جري بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرئيس ميقاتي عن تراجع الاخير، ما دفع ببكركي إلى إصدار بيان جاء فيه “إن القرار المفاجئ بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي لمدة شهر، الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال السيد نجيب ميقاتي ارتجاليًا ومن دون التشاور مع سائر المكونات اللبنانية، ومن دون أي اعتبار للمعايير الدولية، وللبلبلة والأضرار في الداخل والخارج، يحول دون إمكانية البطريركية المارونية والأبرشيات والمؤسسات التابعة لها، الالتزام به. وبالتالي، تلتزم بتقديم الساعة ساعة واحدة منتصف هذه الليلة، ليلة السبت-الاحد 25-26 آذار 2023”.

ومن وجوه العصيان في وجه قرار رئيس الحكومة، اعلن عدد كبير من المؤسسات الاعلامية المسيحية عدم التزامه واستمراره بالتوقيت العالمي وفي طليعة هذه المؤسسات قنوات LBCI و MTV وOTV واذاعة “صوت لبنان” واذاعات “صوت كل لبنان” و”المدى” و”صوت المحبة” ومواقع اخبارية عديدة في طليعتها “ليبانون فايلز” و”النشرة” و”السياسة” وImlebanon، وصحيفة “نداء الوطن”، ومجموعة “النهار”، وانضمت إلى هذه المؤسسات في وقت لاحق قناة “الجديد”.

وأطل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في مؤتمر للتيار وحمل ضمناً على الرئيسين بري وميقاتي، وقال “بوقاحة كبيرة، وبتعالي بيحكوا عن رئاسة الجمهورية، وبيحجموا دورها لتكون ببعد واحد، وباستخفاف بيحددوا من اليوم شغلة او شغلتين يعملهم الرئيس وبزيادة عليه!”، وأضاف “ضلت المنظومة ست سنين تخبط بالرئيس القوي وتجمع العالم ضده لتحاصره، وعملت المستحيل لتسقطه، وما قدرت! سقطت البلد لتسقطه من كتر حقدها على فكرة الرئيس القوي. اليوم بدن يجيبوا الرئيس الضعيف، ليكون ساقط حكماً بين ايديهم. بدن ياه مجرد من برنامج وفكر وشعب، رئيس بيرجع ساعة البلد بدل ما يقدم ساعة الاصلاح فيه! الـ IMF بيقلن الوقت عم يخلص، بيقوموا بيرجعوا الساعة لورا اجت الساعة قد ما ترجعوها لورا!”.

جعجع ينتقد “الأيش يا خال”

وصدر عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بيان انتقد فيه “اتخاذ قرارات وزارية على فنجان قهوة وأيش يا خال وليس على طاولة مجلس الوزراء”، ورأى “أن القرار الوحيد الصادر عن الحكومة بما يتعلق بالتوقيت الصيفي هو قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20\8\1998 القاضي بتقديم الساعة ساعة واحدة وبالتالي فإن مذكرة الامانة العامة لمجلس الوزراء غير دستورية وغير قانونية وتعتبر كأنها لم تكن”. وتمنى على ميقاتي “أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات الدستورية والقانونية ويتصرف بما تملي عليه واجباته الوطنية”.

في المقابل، أعرب الرئيس ميقاتي عن أسفه “للمنحى الطائفي الذي اتخذته مسألة تأخير التوقيت”، وأكد في بيان “يبدو أن البعض يحاول تحويل الانظار عن تعطيله لعملية الانتخاب او فشله في تأمين التوافق المطلوب لاتمام الاستحقاق الرئاسي، بالتصويب مجدداً على الحكومة التي تجهد لتأمين استمرارية عمل المرافق العامة ومعالجة القضايا الاساسية قدر المستطاع وبما تسمح به الامكانات”. وقال “بدل ان تأخذ القيادات الوطنية والسياسية المواقف والتحذيرات الدولية من خطورة الاوضاع بعين الاعتبار وتتوحد على اتمام المعالجات المطلوبة، وتتفعل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبر عنها صندوق النقد الدولي، بدل كل ذلك نشهد محاولة لجر البلاد إلى انقسام طائفي لتأجيج الصراعات، واعطاء اجراء اداري بحت منحى طائفياً بغيضاً”. وختم “نظراً للظروف المستجدة المتعلقة بمحاولة البعض جر البلاد إلى انقسام طائفي لتأجيج الصراعات، ولأننا نتحمل المسؤولية الدستورية بقناعة وطنية ولكن من دون ان نسمح بجرنا إلى الانتحار او إلى ما لا يشبه قناعاتنا، لكل هذه الاسباب نعلن الغاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة الاثنين”.

انقلاب على الطائف

ولوحظ أن حرب البيانات اندلعت رداً على مواقف الاحزاب المسيحية وخصوصاً على ما غرد به النائب القواتي غياث يزبك الذي قال “لنا لبناننا ولكم لبنانكم ولنا توقيتنا ولكم توقيتكم”. وقد رد نواب كتلة “التنمية والتحرير” التي يترأسها الرئيس بري بقولهم: “انها ليست قضية ساعة ولا قضية توقيت صيفي او شتوي، انها مسألة تفكك بلد او وحدته، انها احلام قديمة بالفدرالية والتقسيم وهي محاولة انقلاب حتماً على الطائف ومن قلب جهنم التي اوصلوا البلد إليها في السنين العجاف الماضية”.

واعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “لبنان أمانة وطنية وخلو مركز رئيس الدولة لا يعني تعطيل البلد”، وقال “دعونا من الطائفية لأنها سبب سرطان هذا البلد ومادة حرائقه وكيس متاريسه، واليوم البلد على شفير انهيار شامل وشعب لبنان يلتهم الجمر ومطلوب من الزعامات السياسية والروحية الخروج من سرطان الطائفية الذي فتك ويفتك بهذا البلد، وأنا المفتي الشيعي مستعد للتضحية من أجل المصالح المسيحية الوطنية، لذلك أتوسل إليكم إنقاذ لبنان من لعبة الطائفية والحسابات الدولية لأن الصيد هنا مسموم خاصة أن واشنطن تقود أسوأ سيناريو لتمزيق لبنان بهدف إعادة بنائه من تحت الرماد وتعتمد لذلك سياسة عنق الزجاجة لإدارة الانهيار الكامل”.

قرار عشوائي

من جهتها، فإن كتلة “تجدد” التي تضم النائبين السنيين فؤاد مخزومي وأشرف ريفي إلى جانب النائبين المسيحيين ميشال معوض وأديب عبد المسيح رأت “أن قرار التوقيت الذي صدر عن اجتماع بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وأريد به الإيحاء بأنه يسهل على الصائمين صيامهم في شهر رمضان المبارك، هو قرار عشوائي، اتخذ خارج القواعد الدستورية والأسس العلمية، ولا علاقة له بتسهيل يوم الصيام، الذي يبدأ عند شروق الشمس وينتهي عند مغربها، سواء تم تقديم الساعة أو تأخيرها. كما أن عشوائيته، تصيب انتظام عمل الناس من كل الطوائف، وتؤثر على حركة الطيران، باعتراف رئيس الحكومة نفسه، ونتيجته الوحيدة، مزيد من الفوضى والتشنجات”.

واستغربت الكتلة “صدور هذا القرار العشوائي”، وسألت عن “خلفياته ولا سيما أنه سُرب بالصوت والصورة ولأول مرة، من مقر رئيس المجلس النيابي، وبشكل مقصود، فأظهر رئيس الحكومة فاقداً للقرار والصلاحيات، وأنتج ردة فعل طائفية مقيتة ومرفوضة، وأدى إلى إلهاء اللبنانيين عن مشاكلهم الحقيقية، وأظهر أن جهة محددة تحكم البلد وتقوده إلى حيث تشاء، ولو أدى ذلك إلى نشوء فتنة”. ودعت الكتلة “باسم تنوعها المنبثق من التنوع اللبناني، جميع اللبنانيين إلى رفض ومواجهة هذا السجال العقيم، وعدم الانجرار إلى ما تخطط له المنظومة”.

بدورها، اعتبرت الجماعة الإسلامية “أن قرار تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي، أتى ليميط اللثام عن مكنونات النفوس، ومدى الاحتقان والاختلاف الكبير بين مكونات السلطة، التي لا تفوت فرصة إلا وتبرهن عن فشلها واختلافها”. وأعلنت في بيان “أن تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي ليس حاجة ملحة، ولا ضرورة ملحة، ولا مطلباً حياتياً، وليس من شأنه أن يقدم في الأمر شيئاً، والمواقف الطائفية التي أطلقت بعد القرار زادت الطين بلة، وختمت: “ليت الخلاف على تأجيل تقديم الساعة، يكون إيذاناً بأن ساعة رحيلكم أيها الفاسدون والفئويون قد حانت”.

أما النائب أحمد الخير فدافع عن موقف رئيس الحكومة ولفت إلى “أن الافلاس السياسي دفع عدداً من الأحزاب السياسية إلى خلق سجال طائفي عقيم حول مواضيع لا يجب أن تكون موضع خلاف. وعليه فإن قرار رئاسة مجلس الوزراء بالابقاء على التوقيت الشتوي خلال شهر رمضان الكريم هو قرار طبيعي ومنطقي ووطني، ولا يجوز لأي حزب سياسي أن يعطيه منحى مختلفاً، بهدف التجييش الطائفي والتغطية على الافلاس والفشل السياسيين، وحالة التعطيل التي أوصلتنا إليها هذه القوى السياسية”.


عودة الى الصفحة الرئيسية