اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

حماس للجنة الحوار: ليس لطرف فلسطيني أن يقرر وحده مصير السلاح

صيدا اون لاين

يوحي لقاء وفد حركة حماس برئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السفير رامز دمشقية بأنه أبعد من لقاء كسر الجمود بين الحركة والحكومة اللبنانية، بل أقرب ليكون طي صفحة في العلاقة التي شابها الكثير من التباين والجفاء بعد البيان الذي أصدره مجلس الدفاع الأعلى، بداية شهر أيار، ووجّه فيه تحذيراً إلى حركة حماس، إثر إطلاق صواريخ في اتجاه الأراضي المحتلة وقصف الاحتلال للضاحية الجنوبية.

اللقاء جاء بطلب من رئيس لجنة الحوار التي تتبع رئاسة الحكومة مباشرة، ما يعني أن جملة من العوامل قادت إلى تغييرات في موقف رئاسة الحكومة من حماس. دمشقية شدد خلال اللقاء على ضرورة انخراط حماس في عملية تسليم السلاح الجارية على غرار ما تفعله فتح، "وليس هناك مشكلة في التدرّج بالخطوات للوصول إلى التسليم الكامل".

وفد حماس، برئاسة ممثلها في لبنان أحمد عبد الهادي، ردّ وفق مصدر فيها، بالآتي:

أولاً: من حيث المبدأ لا مشكلة في مناقشة أي قضية يمكن أن يؤدي الوصول لنتائج حولها إلى تطوير العلاقات اللبنانية الفلسطينية.

ثانياً: قضية السلاح لا يمكن لحركة حماس أن تنفرد بقرارها، ولا يمكن لأي طرف أن يبتّ بمصير السلاح بمعزل عن الأطراف الأخرى، وهذه القضية تحتاج إلى قرار جماعي فلسطيني.

ثالثاً: قضية السلاح تناقش ضمن سلّة واحدة، تبحث أيضاً حقوق الشعب الفلسطيني الاجتماعية والإنسانية في لبنان.

رابعاً: في شهر تموز قدّم تحالف القوى الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة أنصار الله، وثيقة كاملة تحت عنوان "رؤية فلسطينية مشتركة لمقاربة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، تعبّر عن وجهة نظرها، وهي صالحة للنقاش والحوار مع الحكومة اللبنانية. ويُذكر أن الرؤية تشدد على أن المقاربة "ينبغي أن تكون شاملة وليست فقط أمنية".

وتذكر الرؤية أن "إدارة الوضع الأمني وضبطه في المخيمات، تكون من مسؤولية "القوة الأمنية المشتركة" في كل مخيم، وبإشراف "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، وبالتنسيق الكامل مع الجيش ومخابرات الجيش". وحول السلاح داخل المخيمات تطرح الرؤية أن "يتم تنظيمه وضبطه، عبر القوّة الأمنية المشتركة"، وبإشراف "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، وبالتنسيق مع الجيش ومخابراته".

وخُتم اللقاء بالاتفاق حول ثلاث نقاط: الدعوة للقاء فصائلي جامع مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، يُعقد في السرايا الحكومي خلال الأسبوع المقبل، أما النقطة الثانية فهي ضرورة التنسيق أمام تراجع خدمات الأونروا، وانعكاساته على واقع اللاجئين الفلسطينيين، النقطة الثالثة هي استمرار اللقاءات بهدف متابعة النقاط المطروحة وتعزيز العلاقات.

بدّد اللقاء مخاوف، وسوّى نتوءات كادت تودي بالعلاقة بين السلطة اللبنانية وحركة حماس خلال أربعة أشهر. وإذا كان التباين تصاعد مع انخراط حركة حماس في حرب الإسناد من لبنان (10 تشرين الأول 2023) ثم إطلاق "طلائع طوفان الأقصى" (4 كانون الأول 2023)، إلا أن ذروة التشنج كانت بعد تحذير مجلس الدفاع الأعلى لحماس إثر عملية إطلاق صواريخ. وخلال الشهرين الأخيرين تواترت الأنباء عن ضغوط تتعرض لها الحكومة اللبنانية لحظر نشاط حركة (حماس). لكن ما الذي غيّر الموقف؟

قامت حركة حماس، ولأول مرة في تاريخها، بتسليم عدد من العناصر المتهمة بإطلاق الصواريخ، ما اعتُبر خطوة مسؤولة فرملت اندفاعة الأجهزة والحكومة اللبنانية، وأعطت الأصوات التي تدعو للتريث داخل الحكومة قوة إضافية لموقفها. وبلغ عدد الموقوفين 11 موقوفاً، من المنتظر أن يُطلق سراح ثلاثة منهم خلال اليومين القادمين، حسب مصادر لـ "المدن"، وهؤلاء الثلاثة غير ضالعين في عملية إطلاق الصواريخ. والأهمّ، أن اقتناعاً تشكّل لدى عدد من قادة الأجهزة الأمنية بأن إطلاق الصواريخ لم يكن بقرار مركزي.

ويجب عدم التغافل أن حركة حماس تملك علاقات واسعة مع طيف واسع من المسؤولين الأمنيين، ترسخت خصوصاً خلال أعوام التوتر الأمني في لبنان في بداية الثورة السورية، والانفجارات المتنقلة. فخلال تلك الفترة كان هناك تنسيق قوي، قاد إلى إطلاق مبادرة فلسطينية داخلية استطاعت تحييد المخيمات الفلسطينية، وضبط الأمن، خصوصاً في مخيم عين الحلوة. وكانت الاتصالات على مدار الساعة بين حماس وبعض الفصائل الفلسطينية من جهة وبعض قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية من جهة أخرى لإنضاج تلك المبادرة. وأصدر حينها تنظيم داعش بياناً يهدد فيه بتصفية بعض قادة حماس في لبنان. كما كان التواصل حاضراً خلال الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، خصوصاً عام 2023، حين قدم الدكتور موسى أبو مرزوق إلى لبنان، وقادت مبادرته بالتعاون مع الرئيس نبيه بري والأجهزة الأمنية إلى وقف إطلاق النار.

ومن المهم ذكره أن السلطات اللبنانية التي كانت تقدّر أن تسليم سلاح فتح سيقود تلقائياً إلى تسليم الفصائل الأخرى لسلاحها، وستُحل المشكلة الأمنية في المخيمات، رأت في الاشتباكات الأخيرة المتنقلة من مخيم برج البراجنة إلى شاتيلا وعين الحلوة والرشيدية، دليلاً على أن مشكلة السلاح الفلسطيني تحتاج إلى طروحات أشمل، لتضم الفصائل الأخرى من جهة، ويُعاد الاعتبار إلى مبدأ المقايضة بين السلاح والحقوق، والذي جرى تجاوزه منذ أيار العام الجاري، بعدما كان مبدأ أساسياً في حديث لجنة الحوار قبل هذا التاريخ. وإسقاط هذا المبدأ سبب رئيسي في تراجع شعبية قبول الفلسطينيين  بتسليم سلاحهم بلبنان.

خلاصة القول إن لقاء وفد حماس برئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني السفير رامز دمشقية ربما طوى مرحلة شهدت جفاء في العلاقة بين السلطة اللبنانية وحركة حماس، ووضع حدّا لما قيل عن توجهات حكومية لحظر الحركة التي تملك أذرعاً اجتماعية في المخيمات، وهو ما أخاف كثيراً من الفلسطينيين. ومن المرجح أن يكون اللقاء قد أوجد مسارات جديدة لمعالجة قضية تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان. ولا يعني ما سبق أن الطريق ممهدة لحلول قريبة، فدونها عقبات تتصل بالواقع الفلسطيني وتناقضاته وصراعاته الكثيرة، وأزمات لبنان المتفرعة، وتدخلات الإقليم والعالم التي لم تعد تكتفي بالعموميات، بل يشغلها أيضاً الاهتمام بتفاصيل الحياة السياسية في المخيمات.

تم نسخ الرابط