اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

حلمُ كلّ مريض في لبنان... "لأن البهدلة بتوجّع"!

صيدا اون لاين

في بلدٍ كان يُعرف يومًا بـ"مستشفى الشرق"، يعيشُ اللبنانيون اليوم معاناةً يومية في سبيل الحصول على حقّهم الأساسي في الرعاية الصحية. منذ اندلاع الأزمات المتلاحقة، الاقتصادية، السياسية، والمالية، تراجع القطاع الطبي في لبنان بشكل دراماتيكي، ليصبح أحد أبرز وجوه الانهيار العام، تاركًا المواطنين يصارعون الألم والقلق في آن واحد.

فالمستشفيات التي لطالما شكّلت مفخرةً للبنانيين، بات دخولها حلم كثرٍ في لبنان ممّن تركتهم الازمة الاقتصادية في منأى عن أبسط حقوقهم، وفي طليعتها الحق في الحصول على الطبابة، حتى أن تكلفة جراحة بسيطة قد تصل إلى ما يعادل راتب سنة كاملة لعائلة من الطبقة المتوسطة. غير ان معاناة أخرى تنضم إلى سابقاتها، وهي الفوضى الكامنة في هذا القطاع، ففي زمن تتسابق فيه الدول نحو التحول الرقمي والاعتماد على السجلات الصحية الإلكترونية، لا يزال لبنان غارقًا في فوضى الأوراق الطبية، في صورة مؤلمة تعكس عمق الأزمة في قطاع يعاني من ترهّل مزمن ونقصٍ حاد في الحداثة والتنظيم.

في المستشفيات والمراكز الصحية اللبنانية، من النادر أن تجد نظامًا موحّدًا لحفظ الملفات الطبية. كم من الفحوصات الطبية يكرّرها المريض لانه أضاع نتيجتها، وكم من دواء صُرف للمريض يتعارض مع ما يتناوله أساسا بسبب عدم قدرة الطبيب على الإطلاع على الملف الطبي الكامل؟

للأسف، لا يوجد حتى اليوم في لبنان نظام موحّد للسجلات الطبية يربط بين المستشفيات الحكومية والخاصة، ولا حتى بين العيادات والمختبرات. فكل مركز يعمل "على طريقته"، ما يجعل تنقّل المريض بين الأطباء أو المستشفيات رحلة مرهقة من نسخ الملفات يدويًا، وتصوير الأشعة، وجمع أوراق التحاليل، في وقت يفترض أن تكون كل هذه المعلومات متاحة بكبسة زر.

تخيّلوا أنكم في عيادة طبيب تزورونه في المرة الاولى، وأنكم لستم بحاجة إلى إطلاعه على كل مشاكلكم الصحية وما عانيتموه منذ سنوات، وكل العلاجات او الجراحات التي خضعتم لها، او الادوية التي تناولتموها وما إذا كانت لديكم حساسية على بعض الانواع منها. تخيّلوا أن يدخل بكسبة زر إلى ملفكم الطبي الإلكتروني الخاص، ويطّلع على تاريخكم الصحي كاملا من دون الحاجة إلى أي تفاصيل إضافية منكم... كم لهذا الامر ان يختصر من الوقت، ويصوّب عمل القطاع الطبي، ويحسّن جودة الرعاية الصحية، كما أنه بالتأكيد سيقلّل من الاخطاء في هذا المجال كتداخل أدوية غير ملائمة سويا على سبيل المثال.

أضف إلى ما تقدّم أن السجلات الطبية الإلكترونية من شأنها ان توفّر الوقت والكلفة، إذ ستنتفي الحاجة إلى البحث في الملفات الورقية، كما ستتيح تبادل المعلومات بسرعة بين المراكز الصحية، وهي تمكن الطبيب من مراجعة حالة المريض في الحالات الطارئة حتى ولو كان خارج المستشفى. ومن مزاياه الكثيرة ايضا انه يذكر الطبيب والمريض في آن واحد بالفحوصات الدورية اللازمة واللقاحات.
غير أن الولوج إلى هذه التكنولوجيا دونه بعض الصعوبات في لبنان خصوصا مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة التي ترزح تحتها البلاد منذ سنوات، كضرورة التأكد من حماية خصوصية المرضى وتأمين البيانات من الاختراق، مع الحاجة لتدريب الطواقم الطبية على استخدام الأنظمة، من دون أن ننسى طبعا التكاليف المرتفعة لإنشاء النظام الإلكتروني وصيانته.
في بعض الدول، مثل سنغافورة، كندا، الولايات المتحدة، أستراليا، استونيا، فنلندا، والدانمارك أصبحت هذه السجلات معيارًا أساسيًا، أما في الدول العربية، فهناك خطوات متقدمة بدأت في الإمارات، السعودية، وقطر، فيما لا يزال لبنان بعيدا نسبيا عنه... ربما العهد الجديد الذي أضاء نورا في نهاية النفق الذي نحن فيه عالقون منذ سنوات... يجعلنا نحلم بالكثير، ومنها السجل الصحي الالكتروني، فالصحة ليست رفاهية، بل حق، وتنظيم القطاع الصحي في لبنان يجب أن يكون أولوية، لان "البهدلة بتوجّع أكتر".

تم نسخ الرابط