أورتاغوس "أعجبت" بإقتراح سلام للجان: مهلة للسلاح والإصلاح

عموماً اتسمت زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى لبنان بالإيجابية. لم تحمل تهديدات مبطنة ولا شروطاً جديدة. بابتسامتها وأناقتها جالت على الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية جوزاف عون، رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام. خلوة مع كل منهم لمدة نصف ساعة تقريبا، تسبق الاجتماعات الموسعة. سألت واستفسرت حول موضوعين أساسيين: سلاح حزب الله وانتشار الجيش في الجنوب، والإصلاحات المطلوبة كشرط مقدم لإعادة الإعمار. إيجابيتها لم تمنعها من الإبلاغ صراحة بضرورة التزام لبنان بجدول زمني محدد لإنجاز هذه الإصلاحات وإلا كانت عملية إعادة الاعمار على المحك. وكذلك الأمر بالنسبة لسلاح حزب الله الذي استوضحت عن مراحل التعامل معه والوقت المتبقي لانجاز العملية ربما لكونها شرطاً للانسحاب الإسرائيلي.
أورتاغوس التي دونت محضرا بالأجوبة التي تلقتها لم تقدم من جانبها جوابا شافياً عن الانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها إسرائيل، ولا حملت جواباً مطمئناً من ناحية وقف الاعتداءات ولجم توسعها، رغم التطمينات التي قدمها لبنان وتوضيحاته بشأن اطلاق الصواريخ في الآونة الأخيرة.
اصلاحات الحكومة
نهار مكثف باللقاءات والاتصالات أجرته أورتاغوس في اليوم الأول لزيارتها. جولتها على الرؤساء اتسمت بالإيجابية بتقاطع ما أوردته مصادرهم. وعلى خلاف ما سبق زيارتها من توقعات سلبية وهواجس تتصل بتهديدات حزب الله، فإن أورتاغوس لم تتحدث بلهجة الفرض والتهديد، لكنها أعطت أولوية لمسألة سلاح حزب الله ونصحت بأن يكون تحقيق الخطوات المطلوبة أي السلاح والإصلاحات في جدول زمني محدد وهي نقطة تحدثت عنها في بعبدا. وحسب ما قالت مصادر رئيس الحكومة التي نقلت لـ"المدن" فإن أورتاغوس أكدت على ضرورة تطبيق الخطة الإصلاحية وخصوصاً لجهة رفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، وعبرت عن ارتياحها لكون الحكومة قد أقرت آلية التعيينات واعتبرتها خطوة جيدة ومؤشراً إيجابياً على طريق إصلاح القطاع العام في لبنان وقطع الطريق على الفساد والمحسوبيات.
وفي بداية اللقاء مع رئيس الحكومة، توقفت أورتاغوس عند الإجراءات المتخذة في المطار وأشادت بأهميتها لضمان سلامة المسافرين والطيران المدني. وفي موضوع الجنوب، قالت مصادر رئيس الحكومة إن الموفدة الأميركية ركزت على ضرورة استكمال الجيش اللبناني انتشاره وتكثيف وتيرة عمله لبسط سيطرة الدولة وحصر السلاح بالدولة. وكان رئيس الحكومة نواف سلام واضحاً بالقول إن الجيش سيستكمل انتشاره لبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، مطالباً بانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها بما يعزز موقع الدولة ودورها في الجنوب. وفي موضوع الجيش أبدى رئيس الحكومة ثقته بالدول الشقيقة والصديقة لدعم لبنان في تقوية مؤسسات الدولة وبخاصة المؤسسة العسكرية.
لجان التفاوض الديبلوماسي
ورداً على سؤالها عن لجان التفاوض الديبلوماسي أجابها سلام بأن موضوعاً كهذا يحصل إما من خلال اللجنة التقنية العسكرية المشابهة للجنة ترسيم الحدود البحرية أو الدور الذي قام به أموس هوكشتاين أو من خلال الديبلوماسية المكوكية. وحسب المصادر فقد عبرت أورتاغوس عن إعجابها بالفكرة. لينتهي اللقاء بإشادة سمعها رئيس الحكومة من الموفدة الأميركية التي نقلت له تقدير بلادها لمقدار ثباته على مبادئه في ما يتعلق بالاصلاح وبصلابة مواقفه.
الخصوصية اللبنانية
يوم أورتاغوس الأول في لبنان امتد حتى ساعات متقدمة من الليل حيث كانت مستغربة استضافتها في عوكر إلى مأدبة عشاء عدداً من الوزراء في الحكومة، بينهم وزراء الطاقة والأشغال والصناعة والتنمية الادارية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي للإطلاع منهم على مشاريع الاصلاحات المرتقبة، على أن تلتقي اليوم وزير المالية ياسين جابر وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد وتختم زيارتها بمؤتمر صحافي.
مصادر سياسية متابعة للزيارة قالت إن لهجة أورتاغوس اختلفت عن الماضي وهي بدت متفهمة للخصوصية اللبنانية إلى حد ما في ما يعكس خشية أميركية على الاستقرار في لبنان وأن الولايات المتحدة وإن كانت تضغط على لبنان بخصوص الاصلاحات وسلاح حزب الله فهي من جهة ثانية لا تريد لذلك أن يتسبب بانفجار الأوضاع في الداخل، ولو أن أورتاغوس قالت صراحة إنها ترغب في أن يكون لبنان قد حقق المطلوب منه وقطع شوطاً على مستوى الاصلاحات وتدمير سلاح حزب الله على أمل أن تلمس خطوات تنفيذية على هذا المستوى خلال زيارتها المقبلة نهاية الشهر الجاري.
وبعيدا عن مضمون ما قالته في المواقع الرئاسية الثلاثة وعما أودعته الرؤساء وبقي طي الكتمان، فإن أورتاغوس ولاسيما باجتماعها مع وزراء في الحكومة في مقر سفارة بلادها في عوكر قد كرست الواقع الأميركي السائد وأكدت أن عمل الحكومة سيكون تحت المجهر الأميركي كما انتشار الجيش وتدمير سلاح حزب الله ولاسيما الثقيل منه، وأن فرنسا فشلت في ثنيها عن إحراج لبنان بتحديد مهل زمنية تراها عاملا مهدداً للاستقرار الداخلي في لبنان.
ستبقى الزيارة موضع متابعة، وستتكشف نقاشاتها تباعاً ولاسيما ما أبلغته سراً للرؤساء في ما يتعلق بالمفاوضات الديبلوماسية والوضع المقبل في المنطقة من سوريا إلى إيران وإمكانية تحييد لبنان بعد إنجاز المطلوب منه.