اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

لبنان في عصر "الإنفلونسرز"... كيف تحوّل الانهيار إلى دولار؟

صيدا اون لاين

في بلد يعيش إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، حيث فقدت الليرة أكثر من 98% من قيمتها، وتحولت البنوك إلى سجون مالية تبتلع ودائع الناس، وجد اللبنانيون أنفسهم أمام خيارَين: الاستسلام للانهيار، أو البحث عن مصدر دخل خارج النظام التقليدي. ومع تفاقم الأزمة بفعل جائحة كورونا، التي شلّت الاقتصاد وأغلقت آلاف المؤسسات، اتجه الكثيرون إلى العالم الافتراضي بحثاً عن فرصة للنجاة.

وهكذا، بينما أغلقت الشركات أبوابها، فتح اللبنانيون كاميرات هواتفهم، ليصبحوا بين ليلة وضحاها صنّاع محتوى، يروّجون لأنفسهم أو لمنتجات، يحلّلون الأوضاع المعيشية، أو حتى يحولون معاناتهم اليومية إلى محتوى ساخر يجذب الملايين.

طوق نجاة في زمن الانهيار

لم يكن التحوّل إلى "الإنفلونسرز" رفاهية، بل أصبح ضرورة، فمع فقدان آلاف اللبنانيين وظائفهم، وجد البعض في العالم الرقمي وظيفتهم الجديدة. وسط الركود القاتل. وقالت لارا ناصر، إحدى المؤثرات اللبنانيات، في حديثها لـ"نداء الوطن"، إنّ صناعة المحتوى لم تكن رفاهية بل ضرورة بقاء. فقد بدأت توثيق حياتها اليومية على منصات مثل إنستغرام وتيك توك بعد إغلاق شركتها بسبب الأزمة، وسرعان ما أصبحت مرجعية في مجالات الجمال والموضة، محققة دخلاً ثابتاً من الإعلانات المدفوعة وبرامج الشراكة.

لكن رغم النجاح الكبير، قررت لارا إغلاق حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي لأسباب شخصية وعائلية، موضحة أن هذه التجربة كانت مفصلية في حياتها، لكنها لم تكن مستدامة على المدى الطويل.

الدولار الرقمي... شريان حياة

مع انهيار الاقتصاد، بات البحث عن الدخل بالدولار حلم كل لبناني، وهنا جاءت قوة السوشيال ميديا، حيث لا علاقة للأزمة المالية اللبنانية بالعالم الافتراضي، ولا تتحكم المصارف في التحويلات الإلكترونية. ووجد المؤثرون طرقاً متعددة لتحويل المتابعين إلى مصدر دخل حقيقي، مثل:

-الإعلانات المدفوعة: حيث تدفع الشركات مقابل الترويج لمنتجاتها على صفحات المؤثرين.

-برامج الشراكة على يوتيوب وتيك توك، التي تتيح لصنّاع المحتوى تحقيق دخل بالدولار.

-الاشتراكات المدفوعة، حيث يدفع المتابعون مبالغ شهرية للوصول إلى محتوى حصري.

-التسويق بالعمولة، حيث يحصل المؤثر على نسبة من مبيعات المنتجات التي يروّج لها.

وهكذا، وفي وقت أصبحت  فيه الرواتب لا تكفي حتى لشراء حاجيات أساسية، بات بعض المؤثرين اللبنانيين يحققون شهرياً ما يعادل رواتب عشرات الموظفين، فقط من خلال هاتف وكاميرا.

من التأثير إلى النفوذ: هل أصبح المؤثرون لاعباً سياسياً؟

مع تزايد عدد المؤثرين، تحوّل بعضهم إلى أصحاب نفوذ يتجاوز الإعلام التقليدي. فخلال الاحتجاجات، استخدم الناشطون وسائل التواصل لتعبئة الشارع، وكشف الفساد، بينما لجأ بعض الأحزاب السياسية إلى استقطاب مؤثرين لتوجيه الرأي العام، أو حتى لشن حملات دعائية مقنّعة.

لكن الوجه الآخر لهذه الظاهرة هو دخول محتوى الإثارة والفضائح والجدل المصطنع إلى الساحة، حيث لجأ البعض إلى التضليل، واستغلال قضايا حساسة، والترويج لمنتجات مشبوهة، بحثاً عن المزيد من المشاهدات والأرباح.


"لبنان بلد الإنفلونسرز"... فرصة أم فقاعة؟

في النهاية، يبقى السؤال: هل تحوّل لبنان فعلاً إلى "بلد الإنفلونسرز"؟ وهل يمكن أن يكون هذا المجال بديلاً اقتصادياً حقيقياً؟ أم أنه مجرد فقاعة ستنتهي مع تغير خوارزميات المنصات؟

ما هو مؤكد، أن اللبنانيين أثبتوا مرة أخرى قدرتهم على التحايل على الأزمات، وتحويل الانهيار إلى فرصة، لكن يبقى التحدي الأكبر هو بناء صناعة محتوى مستدامة، تضمن استمرارية هذا النجاح، بدلاً من أن تتحول إلى مجرد مرحلة أخرى من الصعود والهبوط في بلد اعتاد الأزمات.

تم نسخ الرابط