الكلام إيجابي اليوم عن عودة الودائع... والهيكلة تهدد مصير 13 ألف شخص!

مستقبل ضبابي يشعر به موظفو المصارف في لبنان مع عودة الحديث عن إعادة هيكلة المصارف، فجزء كبير منهم سيذهب حتماً إلى منزله، ولكن ما الضمانات التي سيحصل عليها وكيف يمكن بالقانون المحافظة على حقوق هؤلاء؟
في هذا الإطار، يوضح رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج في حديث إلى "ليبانون ديبايت" أنه "منذ عام 2022 ولدى الموظفين نوعاً من التنبؤات أنه بمجرد إصلاح القطاع المصرفي سيكون هناك ثمن سيدفعه بعض الموظفين وهم مكرهون، حيث إنه بنهاية المطاف سيكون هناك قوانين جديدة ومن الممكن وجود مصارف عاجزة عن استيفاء المطلوب من أجل المحافظة على استمراريتها وحتى على رخصتها".
وهنا وبهذا "الخيار وهو عدم قدرتها"، يلفت إلى أنه "سيكون أمام هذه المصارف في حال كانت موجوداتها تغطي متطلباتها أن تذهب إلى تصفية ذاتية، وإذا كانت متطلباتها أكثر من موجوداتها فهي في حالة إفلاس، عندها، وفي الحالتين، سيذهب الموظفون إلى منازلهم".
ويلفت الحاج بأنه "في حال أراد أكثر من مصرف القيام بعملية دمج وقررت الدولة وبالتنسيق مع مصرف لبنان دمجهم جميعاً بمؤسسة مصرفية واحدة، ففي هذه الحالة من المؤكد أن الموظفين لن يتم توظيفهم جميعاً، حيث سيؤمن جزء منهم استمراريته وجزء آخر سيذهب إلى المنزل".
ويتطرق إلى الجانب القانوني المتعلق بمصير الموظفين ويقول: "نحن أمام نصين، الأول وهو المادة 50 من قانون العمل الذي يعطي بين 2 و12% في حال اعتبرنا الصرف تعسفياً، أو قانون الاندماج حيث تنص المادة 4 منه على أن الموظف يحصل كحد أدنى على 6 أشهر وكحد أقصى ما تقضاه الأجير في السنوات الـ 3 الأخيرة. هذه القوانين: قانون العمل عام 1975 والاندماج المصرفي عام 91 و98، سنت عندما كان لليرة قيمة وبأوضاع مالية واقتصادية واجتماعية أفضل بكثير من الوضع الحالي، ولكن اليوم ماذا سيكون مصير الموظفين الذين سيصرفون؟".
ويكشف من منطلق مسؤولية الاتحاد وفق القانون عن وجود نص قانوني يحمي الموظفين، وهو اقتراح موجود عن تعويضات مذكورة في عقد العمل الجماعي الذي يتم التفاوض عليه مع الجمعية، ولكن للأسف لم يتمكن من إقناع جمعية المصارف بإدراج مبدأ التعويضات ضمن العقد.
ووفق هذا المسار، لم يتبقَ كما يوضح الحاج أمامهم سوى تعديل المادة 4 من قانون الاندماج. على هذا الأساس تم تقديم مشروع مكرر معجل في عام 2022 تبنته كتلة الجمهورية القوية وتم تقديمه إلى المجلس النيابي لتعديل المادة 4 بمعنى أن يصبح الحد الأدنى للتعويض 24 شهراً من دون سقف لقيمة التعويضات، ولكن للأسف في الجلسة العامة التي كان من المفترض أن يُقر التعديل، رفع الرئيس نبيه بري الجلسة، وبالتالي طار القانون.
ويشير إلى أن السعي اليوم لتقديم مشروع القانون من جديد على أمل إقراره إما بقانون مستقل وإما عندما يتم دراسة قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي فيذكر ضمن الأسباب الموجبة أنه في حال حدوث صرف ناتج عن عملية دمج أو بيع أسهم أو تصفية أو إفلاس فموظفو المصارف هؤلاء يتقاضون هذا المبلغ.
ويوضح الحاج أنه منذ بداية الأزمة ولغاية اليوم، هناك حوالي 10 آلاف موظف خسروا وظيفتهم في القطاع المصرفي، والعدد الفعلي اليوم هو بحدود الـ 13 ألفاً، ففي نهاية عام 2018 كانوا حوالي 23 ألفاً، وقد استقال جزء منهم على خلفية تدني الرواتب وضبابية أفق المستقبل. مشيراً إلى أن الرواتب تم دولرتها في كافة القطاعات إلا أن معاشات موظفي المصارف لم تتدولر بعد.
وعن حجم المصارف التي ستبقى صامدة في حال الذهاب إلى الهيكلة، فهذا الأمر مشروط بالشروط. ففي حال، كما نسمع، بأنهم يريدون أن يكون 100 مليون دولار رأس المال فهذا عامل غير سهل، حتى لو أجاز القانون للمصارف بإعادة تقييم موجوداتها الثابتة، لكن 100 مليون دولار ليست كلمة سهلة. فعلياً، رأس المال تآكل في عهد حكومة حسان دياب بسبب عدم دفع اليوروبوند، والمصارف من أجل تغطية خسائرها باليوروبوند اضطرت أن تأخذ ضمانات. لذلك، لا نعلم كم عدد المصارف التي ستتمكن من البقاء.
ويلفت إلى أمر هام، وهو أن هذا الأمر مشروط بأمرين: أولاً بالاستقرار الأمني في البلد وبانعكاسه على الدورة الاقتصادية، وثانياً بالاستثمارات وما هو عدد المستثمرين العرب والأجانب الذين سيدخلون إلى القطاع. ولكن من المؤكد أن العدد الحالي للمصارف لن يبقى على حاله.
ويشدد الحاج، على أنه يجب إقناع المستثمر أن هذا القطاع لن يتعرض لنكسة كالتي حصلت وأن أموال المودعين ستُعاد، وذلك من أجل حل إشكالية الثقة. فاليوم المصارف في حالة عجز فيما يتعلق بالإجابة الواضحة عن إمكانية رد الأموال لأصحابها. كما أن التنظير الحالي عن إعادة الودائع شيء إيجابي، لكن على أرض الواقع ليس هناك أي شيء واضح كيف سيتم إعادة الودائع؟ والحديث مع العهد الجديد يختلف تماماً عن السابق وهذه بادرة إيجابية إلى حد ما. هناك اطمئنان إعلامي بأن حقوق المودعين ستعود، وليس كما كان يشاع سابقاً عن شطبها