تعاونية الموظفين: التغطية الأعلى والتقديمات الأشمل

مثلها مثل سائر المؤسّسات الصحيّة الضامنة، أرخت الأزمة المالية والاقتصادية وانهيار سعر صرف الليرة، بثقلها على أداء تعاونية موظفي الدولة. تغيّرت معادلة التغطية للمنتسبين إليها، ولم تعد تفي بالكلفة الاستشفائية، وأضحى الموظف العام الذي انهار راتبه وحجزت ودائعه في المصارف يتحمّل بنفسه عبء فاتورته وفاتورة عائلته الصحيّة. أين أصبحت تلك التغطية اليوم وكيف استطاعت التعاونية تجاوز تلك المحنة وقلب المعادلة؟
قبل الاسترسال في تطوّر أداء التعاونية، لا بدّ من تعريف التعاونية وذكر الفئات المنتسبة إليها. تعاونية موظفي الدولة في لبنان هي مؤسسة عامة ذات استقلالية إدارية ومالية، تموّل ميزانيتها من المالية العامة ومن الاشتراكات المقتطعة من الموظفين وهي 3 في المئة من الراتب (وفق أساس الراتب المعمول به دون الزيادات)، وأُنشئت بموجب المرسوم رقم 14273 في 29 تشرين الأول 1963.
تخضع الـ"تعاونية" كما تسمى باللغة العامية، لوصاية مجلس الخدمة المدنية ورقابة ديوان المحاسبة. وتهدف إلى تأمين التقديمات الصحية (الاستشفائية والمرضية والأدوية) والاجتماعية (منح التعليم، الزواج، الولادة، ومساعدات الوفاة لعائلة الموظف أو له إذا توفي أحد أفراد عائلته) لموظفي الإدارات العامة وموظفي الجامعة اللبنانية، وهناك تقديمات لعلاج الأسنان والعيون وهي غير موجودة لدى أي جهة ضامنة أخرى. وتستثنى من التقديمات الصحية والاجتماعية من التعاونية الأسلاك العسكرية والأمنية والقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية.
الانتساب إلى التعاونية إلزاميّ لموظفي ملاك الإدارة في الدولة (الإدارات العامة والتربية)، ويشمل عائلاتهم ووالديهم إذا لم يكن لديهم جهة ضامنة. يبلغ عدد المنتسبين إليها نحو 87 ألفاً فيما عدد المستفيدين من التعاونية يفوق الـ400 ألف. وصل عدد الموظفين في المؤسسة إلى 370، لكنه انخفض بعد الأزمة إلى نحو 260 موظفاً. فضلاً عن المتعاقدين الذين ينصّ عقدهم على استفادتهم مما لا يقدّمه الضمان، فهؤلاء يتمّ اقتطاع نسبة 1.5 في المئة من راتبهم شهرياً بدلاً من 3 في المئة للاستفادة من تقديمات العيون والأسنان ومنح التعليم.
تقدّم التعاونية للمنتسبين إليها خدمات متنوعة، منها، الخدمات الصحية، بتغطية بنسبة 90 في المئة من فاتورة الاستشفاء وفقاً للقانون و75 في المئة من فاتورة الدواء. والمساعدات الاجتماعية وتشمل منح التعليم، الزواج، الولادة، ومساعدات الوفاة. كيف تبدّلت تلك التغطية خلال السنوات الخمس الماضية؟
تطوّر التغطية منذ الأزمة
منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان في نهاية العام 2019، شهدت نسبة تغطية تعاونية موظفي الدولة في لبنان للمنتسبين إليها تقلبات ملحوظة بين عامي 2021 و2024 وجاءت كما يلي:
-عام 2021: بسبب الأزمة المالية وتدهور قيمة الليرة اللبنانية، انخفضت قيمة التقديمات الصحيّة والاستشفائية بشكل كبير، إذ بلغت نحو 10 في المئة من قيمتها الحقيقية.
-عام 2022: مع إقرار الموازنة العامة، بدأت التعاونية بزيادة تدريجية في التقديمات. في حزيران 2022، تمّت مضاعفة التقديمات أربع مرات كما أوضح مدير عام تعاونية موظفي الدولة نزيه حمّود لـ"نداء الوطن". وفي أواخر العام، ضاعفت التقديمات عشر مرات، ما جعل "دولار التقديمات" يعادل 15,000 ليرة لبنانية.
عام 2023 وتحديداً في شهر حزيران "زادت التقديمات الاستشفائية خمسين ضعفاً، ما أعاد التغطية إلى مستويات قريبة مما كانت عليه قبل الأزمة.
وفي العام 2024 ، في شهر حزيران أيضاً، تحسّنت التقديمات، وأصبحت كما لو كانت قبل الأزمة (90 في المئة)، حتى أن نسبة التغطية حالياً تتعدّى تلك النسبة وأصبحت أكثر شمولية باعتبار أن الفارق الذي يسدّده المنتسب إلى المستشفيات ضئيل جداً".
هذه الزيادات التدريجية في نسبة التغطية عكست جهود التعاونية في مواجهة التحدّيات الاقتصادية وضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية للمنتسبين.
الفروقات في التسعيرة وإنذارات
بالنسبة إلى التعرفات المحدّدة من تعاونية موظفي الدولة للمستشفيات الخاصة، فهي تختلف حسب تصنيف المستشفى، وبالنسبة إلى تعرفة المستلزمات الطبية يقول حمّود "نعتمد السعر الوسطي أي المعتدل لا السعر الأعلى ولا الأدنى. فتعتبر تسعيرة المؤسسة مقبولة لذلك إن نسبة 98 في المئة من المستشفيات راضية عن التسعيرة وتوفّر التغطية الاستشفائية للمنتسبين إلى التعاونية كاملة، فيما بعض المستشفيات الجامعية في منطقة بيروت وهي لا تتعدى الأربع تفرض فروقات على المريض". متمنياً على تلك المستشفيات (التي تلتزم معها التعاونية بسلف شهرية وفق حجم أعمالها)، عدم تقاضي أية فروقات من مرضى التعاونية لأنها مؤسسات إنسانية ويترتّب عليها مراعاة أوضاع المستخدمين الذين يتقاضون رواتب متدنّية تتراوح بين 400 و 500 دولار لموظفي الفئة الرابعة.
إنذارات إلى المستشفيات
وإذ تمنّى حمّود على المستشفيات التي تتقاضى فروقات إعادة حساباتها، أكّد أنه سيوجّه "إنذارات إلى المستشفيات التي تبالغ في قيمتها. وفي هذا الإطار توجّه حمّود برسالة إلى المنتسب المستفيد من تقديمات النقابة، طالبه فيها بعدم التوجّه إلى المستشفيات التي تتقاضى فروقات، ومراجعة تعاونية الموظفين إذا تبيّن لهم أن هناك غبناً في حقهم. وكانت الفروقات في المعدّات الطبية مثل الـ"بروتيز" أو تسعيرة الطبيب كبيرة". كما طالبهم "بسبب قلّة الموظفين التنبّه إلى المستندات المذكورة في الطلبات وملئها بشكل صحيح وإحضار إخراج قيد أو صورة عنه إصدار الـ2025 لمنح التعليم".
برنامج العمل
وبما أن حمّود جرى تعيينه بالوكالة منذ نحو شهرين مديراً للتعاونية، يسعى من خلال تلك المؤسسة إلى التعاقد مع مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. وسيترجم التعامل مع مستشفى الجامعة الأميركية عبر اتّفاق سيوقّع مع التعاونية يتعلّق بمركز "سان جود" (القسم الذي يعالج مرضى سرطان الأطفال)، إذ قال "وافقت الجامعة على أسعارنا وسنوقع اتفاقاً معها بين ليلة وضحاها".
إلى ذلك، هناك إمكانية للتعاقد قريباً مع مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت في حال التوصّل إلى اتّفاق حول بعض الحالات الاستشفائية الصعبة.
مطلب التعاونية للحكومة
تبرز ضمن أولويات مطالب تعاونية الموظفين، ملء الشواغر في الإدارة ما سيحسّن وضعها، ورفع الرواتب ودمج كل الملحقات لإعادة الثقة.
هناك حاجة استناداً إلى مدير التعاونية إلى موظفين وأطباء مراقبين من كل الاختصاصات وأطباء أسنان وصيادلة.
تحتاج التعاونية إلى الموظفين بسبب الشغور والترك الوظيفي والتقاعد والإجازات من دون راتب والاستيداع. وبالأرقام نحتاج إلى أكثر من 100 موظف لسدّ النقص في عدد الموظفين، ونحتاج أكثر من 50 طبيباً سواء صيادلة أو أطباء مراقبين شغرت مناصبهم، علماً أن التوظيف توقّف منذ العام 2017.