صيدا مدينة رمضانية مميّزة... عادات تراثية وجولة للمسحّراتي

تعتبر مدينة صيدا منذ عقود طويلة خلال شهر رمضان مدينة رمضانية بامتياز، هي أولاً مدخل الجنوب وعاصمته، ومدينة تاريخية وأثرية منذ القدم، ومدينة ساحلية، تتمدد بمحاذاة شاطىئ البحر الأبيض المتوسط، وصلة وصل بين الجنوب وبقية المناطق اللبنانية ونقطة التقاء لأقضية الزهراني وجزين في الجنوب والشوف في جبل لبنان.
ومما ساهم في جعلها مدينة رمضانية مميزة يقصدها الجميع في شهر رمضان، أن القوى والهيئات والجمعيات السياسية والحزبية والدينية على اختلافها، تتوحد وتتلاقى خلال شهر الصوم، فلا مكان بينها لأي تجاذبات أو خلافات وإنما فقط تنافس على إحياء الشهر الفضيل كل على طريقته وحسب إمكاناته.
وخلال العقود الأخيرة أضفت مؤسسة الحريري في صيدا، بشخص رئيستها النائبة السابقة بهية الحريري بعداً اضافياً على شهر رمضان من خلال تنظيم المعارض والأمسيات الدينية والموسيقية، ودعوة شخصيات ووفود لبنانية وعربية وأجنبية إلى المدينة، واصطحابهم في جولات ميدانية خلال الليل على حارات المدينة القديمة وتفقد المواقع والمعالم الأثرية التاريخية بالتعاون مع البلدية وجمعية التجار، في ظل وضع أمني مستتب، وهو لا يزال قائماً في صيدا، التي سلمت من العدوان الإسرائيلي والحرب الأخيرة على الجنوب ولبنان، ولجأت اليها مئات العائلات النازحة من الجنوب.
حياة أبناء المدينة تتبدل وتتغير خلال شهر الصوم، نهارهم يتحوّل الى ليل وليلهم الى نهار الى حد ما. الحركة التجارية تتراجع نهاراً وتقفل خلالها المطاعم والمقاهي والافران، قبل أن تعود الى فتح أبوابها بعد وقت قصير من موعد الافطار بحيث تعج ساحاتها وشوارعها الداخلية والخارجية بالناس لغاية موعد السحور، وتدب الحركة في المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي والأفران، وغالباً ما يطيب أكل الفول والحمص أو تناول مناقيش الزعتر والجبنة والكشك وأخذ "نفس أركيلة" التي لها نصيب وافر من رواد الأماكن التي يقصدونها.
وصيدا لا تزال تحافظ على بعض من عاداتها وتقاليدها التراثية التي يتوارثها الابناء عن الآباء والأجداد، ومنها دور المسحراتي في التجوال داخل الاحياء السكنية على وقع الضرب على طبلة وترداد عبارات منها، "قوموا ع سحوركم جايي رمضان يزوركم"، و"يا نايم وحّد الدايم".
وفي اليوم الأول من بدء الصوم، طغت معالم الزينة والأنوار المضيئة على ساحات المدينة وشوارعها، متناسقة مع شرفات المنازل التي زينت والتي تجري إضاءتها طوال الليل.