أحد أبرز التحدّيات التي تواجهها حكومة العهد الأولى

لا يختلف اثنان على وصف إدارات الدولة بأنّها مترهلة وأنّ الهدر والفساد يعشعش في غالبية مرافقها، وأنّ هذا الأمر كبّد الخزينة خسائر فادحة، في الوقت الذي كانت فيه القوى السياسية بمختلف شرائحها ملتهية عن معالجة هذا الملف بالمناكفات والتجاذبات.
لا شك أنّ الإصلاح الإداري يشكّل أحد أبرز التحدّيات التي تواجهها حكومة العهد الأولى، لا سيما في ما يتعلق بملء الشغور في المناصب العليا، أي في الفئة الأولى، كون أنّ هذا التعيينات تحتاج الى توافق سياسي واسع كان متعذّرا وجوده في السنوات الأخيرة.
وفي دراسة وضعت في زمن غير بعيد فانه يبلغ عدد مراكز الفئة الأولى الشاغرة 134 مُقسَّمة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وفي الفئتين الثانية والثالثة، أي في صفوف الموظفين الذين يسيّرون عمل إدارات الدولة، فالأعداد غير معلومة.
ويبدو وبحسب ما ينقل عن رئيس حكومة نوّاف سلام فإنّه سيصار إلى اعتماد قاعدة جديدة للتعيينات، تقوم على مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، بخلاف ما كان يحصل في السابق، لجهة اعتماد الحصص والمحسوبيات على حساب الكفاءة والنزاهة والإنتاجية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلّا باستعادة مجلس الخدمة المدنية لدوره، المعروف بالتدقيق في السيرة الذاتية لكلّ مرشح، ليقترح 3 أسماء لكل مركز شاغر تتوفَّر فيهم شروط العلم والكفاءة والنزاهة، على أن يختار مجلس الوزراء أحدهم، ويُصدر مرسوماً بتعيينه.
وفي هذا السياق يقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ"اللواء": لقد تمكّنا من إحصاء 235 وظيفة تعتبر وظائف فئة أولى أو وظائف قيادية، أو وظائف مهمة بالسلك القضائي والعسكري، وهذه الوظائف موزعين على الشكل التالي: 108 للمسيحيين، 111 للمسلمين، و11 وظيفة انشأت السنوات الماضية ولا نعرف من يشغلها حتى الآن، ومن الـ235 وظيفة هناك 134 وظيفة شاغرة، 63 وظيفة تعود للمسيحيين، و56 للمسلمين، ومن أبرز المواقع الشاغرة عند الموارنة قائد الجيش اللبناني، حاكم مصرف لبنان المركزي، ومدير عام الجمارك اللبنانية، ومدير عام وزارة المال، ومدير عام وزارة التربية الوطنية، ومدير عام وزارة النفط، ومدير عام الموارد المائية والكهربائية، ومدير عام الأحوال الشخصية، ومدير عام الدفاع المدني، ورئيس اللجنة الإدارية للمشروع الأخضر. أمّا الوظائف التي تعود الى الشيعة هي: المدير العام للأمن العام، مدير عام الشؤون الاجتماعية، مدير عام التعليم المهني والتقني، مدير عام المغتربين. أما الوظائف التي تعود للطائفة الكاثوليكية هي: مدير عام تلفزيون لبنان، مدير عام الطرق والمباني في وزارة الأشغال، مديرة بورصة بيروت. أما الوظائف التي تعود للأرثوذكس هي: رئيس المركز التربوي للبحوث والانماء، رئيس هيئة إدارة السير، مدير عام وزارة العمل. أما الوظائف التي تعود الى السنّة هي: رئيس مجلس الإنماء والاعمار، مدير عام وزارة السياحة، مدير عام قوى الأمن الداخلي (لاحق). كما ان للطائفة الدرزية 8 مواقع شاغرة منها: مدير عام وزارة الصحة، ورئيس مجلس إدارة ومدير عام تعاونية موظفي الدولة.
وفي جدول إحصائي حول كيفية توزيع المناصب على كل طائفة بالعدد، مع عدد الشاغرة منها ونسبة الشغور حتى كانون الثاني من العام 2025 يتبيّن الآتي: عدد الوظائف الإجمالية لمختلف الوظائف 235 عدد المناصب الشاغرة منها 134، نسبة الشغور 57 في المئة.
ودعا شمس الدين، إلى إعطاء التعيينات والتشكيلات في السلك الدبلوماسي والقنصلي الأهمية القصوى، مذكّراً بأن هناك 69 سفارة لبنانية في العالم تعاني فراغاً في مركز السفير، أبرزها سفارات لبنان لدى دول القرار، أي الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا والصين، عدا عن الدول الأوروبية والعربية، مشيراً إلى إمكانية تعيين السفراء من داخل وخارج الملاك.
انطلاقا ممّا تقدّم فإنّ انخراط الحكومة في ورشة ملء الشغور بوظائف الفئة الأولى، لا يحجب الاهتمام عن التعيينات في الفئتين الثانية والثالثة، لكون هؤلاء الموظفين يسيّرون عمل إدارات الدولة