غوتيريش: على إسرائيل أنّ تحترم اتفاق الهدنة مع لبنان
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن تفاؤله "بقدرة لبنان على استعادة مؤسساته". مؤكدًا على أنّه على إسرائيل أنّ تحترم اتفاق الهدنة مع لبنان.
وعلى صعيد تشكيل الحكومة، نقلت وكالة "رويترز" عما أسمته، مصادر مطّلعة أنّ الإدارة الأميركيّة تُمارس ضغوطًا على كبار المسؤولين اللّبنانيين لمنع حزب الله أو حلفائه من تعيين وزير الماليّة القادم، وذلك في إطار مساعيها للحدّ من نفوذ الحزب في الحكومة اللّبنانيّة الجديدة. ووفقًا للمصادر الّتي نقلت عنها "رويترز"، فقد نقل المسؤولون الأميركيون رسائل مباشرة إلى رئيس الوزراء المكلّف نواف سلام والرئيس اللّبنانيّ جوزاف عون، تؤكد على ضرورة عدم مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة. كما أفادت التقارير بأن مسعد بولس، رجل الأعمال اللّبنانيّ الأميركيّ والمستشار السّابق للرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، كان أحد الناقلين لهذه الرسائل، حيث أشار إلى أهمية تشكيل حكومةٍ جديدة خاليةٍ من رموز "المنظومة السّابقة" لاستعادة الثقّة الدوليّة.
التأثير الأميركيّ على تشكيل الحكومة
تأتي هذه التحركات في وقت يواجه فيه لبنان أزمة سياسيّة معقّدة، إذ اعتبر مايكل يونج، الباحث في مركز مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط، أنّ الولايات المتحدة تعتبر وزارة المالية "خطًا أحمر" بسبب دورها المحوريّ في إدارة الإنفاق العام، خصوصًا في ظلّ الانهيار الماليّ الكارثيّ الذي شهده لبنان منذ عام 2019. وأوضح يونج أن "الولايات المتحدة تسعى إلى فرض نظام ما بعد حزب الله في لبنان، ولذلك فهي حريصة على منع الحزب وحلفائه من تولي مناصب حسّاسة".
وفي المقابل، عبّرت فرنسا عن موقفٍ أكثر مرونةً، إذ أكدّ المتحدث باسم الخارجيّة الفرنسيّة كريستوف لوموان أنّ الحكومة اللبنانية المقبلة يجب أنّ تكون شاملة وقادرة على تمثيل جميع مكونات الشعب اللّبنانيّ. وصرّح مسؤولون فرنسيون أنّ إضعاف حزب الله لا يعني تجاهل مطالب الطائفة الشيعيّة، مشيرين إلى أهمية دور الحزب في المشهد السّياسيّ اللّبنانيّ. كما أكدّت مصادر دبلوماسيّة أوروبيّة أنّ مشاركة جميع الأطراف اللّبنانيّة في الحكومة شرطٌ أساسيّ لضمان الاستقرار السّياسيّ والاجتماعيّ.
مقاطعة الحكومة
وقد أدى الصراع حول وزارة المالية إلى تصاعد التوترات السّياسيّة، حيث هدّد حزب القوات اللّبنانيّة بمقاطعة الحكومة في حال منح هذا المنصب إلى حزب الله أو حركة أمل. في هذا السّياق، التقى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في معراب، المدير العام لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيئة العمل الخارجي الأوروبي هيلين لو غال، يرافقها نائب رئيس القسم سيباستيان باربان، سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دو وال، رئيس شؤون السياسة والإعلام ألكسندر جولي، في حضور عضو الهيئة التنفيذية النائب السابق إدي أبي اللمع، رئيس جهاز العلاقات الخارجية الوزير السابق ريشار قيومجيان، طوني درويش وإيلي عبيد عن الجهاز.
وبحث المجتمعون في مختلف التطوّرات والمستجدات في لبنان والمنطقة، ولا سيما في أجواء الأمل الجديد والفرص المتاحة أمام لبنان والملامح الجديدة التي تتخذها المنطقة في الاتجاه الإيجابي. وأكد جعجع أنه "من أجل الاستفادة من الظرف الراهن، علينا الانطلاق من شبه الدولة المتبقية نحو إرساء أسس الدولة الفعليّة والإصلاح على المستويات كافة، إلى تعطيل تأثير ميليشيات ومافيات الفساد المتحكمة بالدولة وإيقاف الدعم الإيراني لجهة السلاح والمال لحزب الله، فضلاً عن ضرورة استعادة الدولة القرار الاستراتيجي وقرار الحرب والسلم، بحيث لا يتمكن حزب الله أو سواه من توريط لبنان في حروب جديدة ومدمرة، ووقف مزاريب الهدر والتهريب في المرفأ والكهرباء والتهرب الضريبي، والتي وحدها تكلف الدولة من ٣ إلى ٥ مليارات دولار في السنة، باعتبار أن ضبطها كفيل بتوفير هذه المبالغ على خزينة الدولة من دون المس بجيوب الناس".
كما شدّد على "رفضه مبدأ التعميم على جميع السياسيين، فهناك سياسيون جيدون وآخرون فاسدون، وعلينا التمييز بين الاثنين، لا أن نطلق الاتهامات جزافاً ونظلم جميع السياسيين على السواء، إذ إن السياسة في النهاية هي للسياسيين". وأوضح أنه "يجب أن تتشكّل الحكومة من شخصيات حازمة وقادرة على اتخاذ القرارات وتطبيق القوانين من دون مسايرة، شخصيات قادرة على المجابهة والمواجهة بشكل مستمر في وجه من يرفض قيام دولة فعليّة". كما أكد "ضرورة إعادة النظر في النظام السياسي للدولة في لبنان وإجراء إصلاحات عبر التوجه أكثر نحو اللامركزية". وأكدت السّفيرة لو غال بدورها لرئيس القوات أن "أوروبا يهمها لبنان البلد الجار وهي دائماً موجودة لدعمه ومساعدته".
الحراك الدبلوماسيّ المكثّف
وعصر اليوم، التقى وزير الخارجيّة المصريّ بدر عبد العاطي رئيس الوزراء المكلّف نواف سلام، مؤكدًا دعم القاهرة لاستقرار لبنان وتشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات الراهنة. وشدّد عبد العاطي على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من جنوب لبنان، معربًا عن تفاؤله بمستقبل البلاد في ظل قيادة الرئيس جوزيف عون وسلام. وأكد عبد العاطي أن مصر تدعم الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة السياسية في لبنان، مشددًا على أهمية تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية.
كما التقى عبد العاطي رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث شدّد على موقف مصر الداعم لوحدة واستقرار لبنان، مؤكداً أن بلاده مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي للبنان للخروج من أزمته. وأشار إلى أن القاهرة تكثف جهودها مع الدول الكبرى لضمان دعم لبنان ماليًا وسياسيًا في هذه المرحلة الحساسة.
على الجانب الإيراني، أجرى الرئيس نبيه بري لقاءً مع نائب وزير الخارجية الإيراني وحيد جلال زادة، حيث ناقش الجانبان الأوضاع السياسية في لبنان والعلاقات الثنائية بين بيروت وطهران، ما يعكس استمرار الاهتمام الإيراني العميق بالشأن اللبناني في ظل التوترات الإقليمية. وأكد زادة دعم بلاده للبنان في مواجهة الضغوط الخارجية، معتبراً أن "الاستقرار اللبناني لا يتحقق إلا من خلال التعاون بين جميع الأطراف اللبنانية".
التصعيد الإسرائيلي والتحديات الأمنية
على الصعيد الأمني، تتواصل التوترات بين لبنان وإسرائيل، حيث أبلغت الحكومة اللبنانية الأمم المتحدة عن خروقات إسرائيلية متكررة للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار. وندد وزير الخارجية اللّبنانيّ عبدالله بو حبيب خلال لقاءاته اليوم، بهذه الخروقات، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل لمنع التصعيد. ويخشى مراقبون أن تؤدي هذه التوترات إلى مزيد من التعقيد في المشهد اللبناني، خصوصًا في ظل استمرار إسرائيل في احتلال أجزاء من الأراضي الجنوبية.
وبينما يترقب الشارع اللبناني انفراجة في الأزمة السياسية، يبقى مستقبل الحكومة مرتبطًا بالتوافقات الدوليّة والمحليّة الّتي لم تحسم بعد. ويبدو أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث، خصوصًا في ظل استمرار التدخلات الخارجية والتجاذبات السياسية التي تعيق الوصول إلى حل نهائي يضمن الاستقرار للبنان.