قرار ظني مرتقب في قضية المرفأ: البيطار راجع!
تساؤلات كثيرة تُطرح حول مصير التحقيقات في قضية المرفأ بعد انتهاء العدوان الإسرائيليّ على لبنان، وهل ستؤثر الأحداث الأخيرة بشكل مباشر على الجسم القضائي وعلى مسار القضايا الحساسة وضمنًا قضية المرفأ. المقصود هنا، اغتيال إسرائيل لقادة حزب الله، والخروقات التي تعرّض لها في شبكة اتصالاته، والتي ساهمت في تقليص قدراته عسكريًا، والتي تلاها هروب بشار الأسد من سوريا وسقوط نظامه، خصوصًا أن قضية المرفأ كانت مقرونة بالثنائي الشيعي، الذي حاول مرارًا "قبع" المحقق العدلي، طارق البيطار وتغييره أو عرقلة التحقيقات لفترات طويلة.
والحال، بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، صُوّبت "الأعين القضائية" على القاضي البيطار، لمعرفة تاريخ عودته لمتابعة التحقيقات، وإن كان سيحدد جلسات استجواب خلال الأسابيع المقبلة.
"عودة البيطار"
داخل قصر عدل بيروت، همسٌ حول أسباب توقف التحقيقات خلال الحرب الإسرائيليّة، خصوصًا بعد أن نشرت "المدن" سابقًا أن البيطار سينهي تحقيقات المرفأ قبل انتهاء العام 2024. للتوضيح أكثر، وحسب مصادر "المدن" فإن تحقيقات المرفأ جُمّدت خلال الحرب الإسرائيليّة على لبنان، وذلك لصعوبة تبليغ المدعى عليهم بمواعيد جلساتهم، خصوصًا بعد أن شهدت مناطق لبنانية كثيرة حركة نزوح واسعة حتى في العاصمة بيروت، إضافة إلى مغادرة آلاف المواطنين للأراضي اللبنانية حتى انتهاء الحرب، هذا عدا عن الانفجارات والاغتيالات الفُجائية في مختلف المناطق من دون استثناء، إضافة إلى تعرّض منطقتي الطيونة-الغبيري (القريبة من محيط العدلية) لقصف إسرائيليّ يوميّ. جميع هذه الأمور أدت إلى تجميد تحقيقات المرفأ لفترة معينة.
وحسب معلومات "المدن" فإن قضية المرفأ خرجت من موتها السريريّ مرة أخرى، وخلال الأسابيع المقبلة ستتحرك القضية، وسيستأنف البيطار عمله من النقطة التي توقف عندها سابقًا، وسيحدد جلسات استجواب للمدعى عليهم في القضية، وستنهى التحقيقات وتحول للنيابة العامة التمييزية، وسيطلب من الحجار إبداء الرأي والمطالعة، تمهيدًا لإصدار القرار الظني، وحسب المعلومات فهناك مساعِِ قضائيّة جديّة لتحديد لقاءات جديدة بين المحقق العدلي والمدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار لمناقشة القضية مجددًا. علمًا أن الاجتماعات توقفت بينهما منذ أشهر بعد فشل المفاوضات حول آلية متابعة هذا الملف وتباعد وجهات النظر بينهما.
ووضحت مصادر قضائية لـ"المدن" إلى "أن الفكرة التي طرحها الحجار أمام البيطار (أي تقسيم الملف إلى أجزاء وفقًا للمراجع المختصة) قد وصلت للرأي العام بطريقة غير دقيقة".
في المقابل، أكدت مصادر قضائية لـ"المدن" أن "البيطار لا يزال متمسكًا بالقضية ويرفض التنازل عنها، وسيتابع الملف لإنهاء التحقيقات".
للدقة أكثر، هذا لا يعني أن القضية ستقفل بعد أسبوعين وستُعرض أمام الرأي العام، بل إن التحقيقات ستتابع خلال الأسابيع المقبلة وتحديدًا في شهر كانون الثاني العام 2025، أكان لناحية تحديد مواعيد الاستجوابات أو سوى هنالك. وحسب معلومات "المدن" فإن التغييرات الأخيرة في لبنان لن تؤثر "ايجابًا أو سلبًا" على مجرى القضية، وذلك لأنها لم تكن عائقًا أمام البيطار، فهو كان مصرًا على متابعة ملفه بالرغم من أحداث الطيونة وكل التهديدات السياسية وجميع محاولات طمس التحقيقات، وهو اليوم لا يزال متسمكًا بالقضية لإنهاء تحقيقاته.
عراقيل قضائية
عمليًا، إن الإجراءات التي اتخذت بحق البيطار سابقًا، هي التي تُسمى بالعراقيل. وللتذكير، في العام 2023، ادعى المدعي العام التمييزي السابق، القاضي غسان منيف عويدات على البيطار أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ومنعه من السفر. وحسب معلومات "المدن" لا يزال المحقق العدلي ممنوعًا من السفر، الأمر الذي من شأنه التأثير سلبًا على مجرى التحقيقات، إذ لم يعد قادرًا على مغادرة الأراضي اللبنانيّة في حال قرر استجواب أي شخصٍ أجنبيّ تدور حوله الشبهات في هذا الملف.
وإن كان من الصعب التنبؤ بالمرحلة المقبلة، فمما لا شكّ فيه أن هذا الملف قد يُشعل الخلافات القضائية مجدّدًا، خصوصًا في ظل معلومات تفيد أن القاضي الحجار يفكر في الانسحاب من الملف، والتنحي وتسليم القضية لمحام عام تمييزي آخر. وحسب مصادر "المدن" فإن قرار التنحي قد يكون مستبعدًا، وذلك بسبب حرص الحجار على صورته ومهنيته أمام الرأي العام، ورغبته بختم مسيرته القضائية في أعلى منصب قضائي بنجاحٍ من خلال قدرته على تفكيك العراقيل الطاغية على ملف المرفأ. فهل سينجح الحجار في حلحلة هذه القضية قبل انتهاء ولايته؟ .