إسرائيل تفاوض بالنار وهوكشتاين يعدّ أوراقه.. بري تسلّم ملاحظات الـ"حزب" ويرسل الردّ اليوم
يبدأ الأسبوع الحالي بساعات طويلة من الانتظار لما ستحمله الوساطة الأميركية الجديدة بشأن وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان. واعرب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن أمله في أن تسفر الاتصالات الجارية عن وقف لاطلاق النار تمهيداً الى المرحلة الثانية المتعلقة بتنفيذ القرار 1701.
وأكّدت مصادر واسعة الاطّلاع أن الرد اللبناني دخل مرحلة الصياغة النهائية التي يُتوقّع أن تُنجز اليوم وتُرسل عبر السفارة الأميركية في بيروت إلى الموفد الرئاسي الأميركي اموس هوكشتاين. وبناءً عليه، يُفترض أن يقرر الأخير السفر مباشرة إلى المنطقة.
وكتبت«الأخبار»:التطور الأبرز، أمس، تمثّل في تسلّم الرئيس نبيه بري من قيادة حزب الله موقف الحزب من المسوّدة التي نقلتها السفيرة الأميركية
ليزا جونسون إلى رئيس المجلس الأسبوع الماضي. وقالت المصادر إن المقاومة تتعامل بانفتاح كبير مع المقترح، وتركت لرئيس المجلس ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي متابعة النقاش مع الوسيط الأميركي حول بعض النقاط. وبحسب المصادر، فإن «الغموض الإيجابي» بدأ يتكشف عن «مسار إيجابي في تعامل لبنان مع المقترح الأميركي، وإن الأسئلة التي يُعتقد بأنها يمكن أن تفجّر التفاوض تحوّلت إلى استفسارات، مع توسيع هامش المناورة أمام المفاوض الرسمي اللبناني».
وقالت المصادر إن الملاحظات اللبنانية صارت موحّدة حول النقاط المتصلة باللجنة المقترحة للإشراف على تطبيق القرار 1701، وكذلك حول البند المتعلق بفكرة الدفاع عن النفس، والذي يحمل تفسيرات متضاربة، خصوصاً أن المقترح يصرّ على العنوان القديم الذي صدر القرار 1701 على أساسه عام 2006، لجهة اعتباره قراراً يأمر بوقف العمليات العدائية على جانبي الحدود، ولا يدعو إلى فرض وقف نهائي للحرب.
وبحسب المصادر فقد رفض حزب الله وجود ألمانيا وبريطانيا في اللجنة المشرفة على تطبيق القرار، ويبدو أنه تم التسليم بعدم تمثيل ألمانيا كونها موجودة أصلاً في إطار القوات الدولية، بينما لا تمانع الولايات المتحدة عدم ضم بريطانيا، خصوصاً أن لندن نفسها تتهيّب الدخول في منطقة قد تعرّض قواتها لمخاطر كبيرة.
ووسط حذر شديد يبديه المسؤولون اللبنانيون، لم تصل أي أجواء جديدة من العاصمة الأميركية. لكنّ مصادر عربية وأوروبية قالت إن «انفتاح لبنان وتفاعله الإيجابي سيساعدان على خلق مناخ ضاغط على حكومة إسرائيل للسير بالاتفاق ومباشرة تنفيذه، ويغلقان باب المناورة أمام حكومة نتنياهو في حال كانت تريد مواصلة الحرب حتى تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منتصف كانون الثاني المقبل».
وبحسب مصادر سياسية بارزة فإن «ردّ حزب الله الذي سُلّم للرئيس بري جاء بما ينسجم مع القرار 1701»، مشيرة إلى أن «زيارة هوكشتاين ليست لإعلان وقف إطلاق النار، بل لمناقشة الموقف اللبناني قبل نقله إلى تل أبيب». وأكدت المصادر أن «المفاوضات انتقلت إلى دائرة جدية جداً، وأن نتنياهو يواجه ضغطاً مزدوجاً للقبول بوقف إطلاق النار»، لذلك «انتقل إلى مرحلة توسيع الأهداف في الوقت المتبقّي له».
ويبدو أن الجانب الفرنسي ليس بعيداً عن الاتصالات الجارية. ووفق ما هو مقرّر، فإن اجتماعات ستُعقد في العاصمة الأميركية، تتخللها اتصالات مع إسرائيل وأطراف أخرى، قبل سفر هوكشتاين مباشرة إلى بيروت، ومنها إلى تل أبيب. وفي حال التوصل إلى تفاهم، سيتوجه إلى العاصمة الفرنسية حيث يصار إلى إصدار إعلان دولي حول الاتفاق، قبل إعداد ورقة عمل مشتركة بين الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية، على أن تتم مناقشة ما إذا كان ذلك يتطلب اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي أو الاكتفاء بإعلان دولي عن الاتفاق.
ورغم الحذر الكبير الذي تبديه جهات لبنانية وعربية، فإن معلومات نُقلت من العاصمة الأميركية، تفيد بأن الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما قال لوفد عائلات أسرى العدو لدى حماس إن نتنياهو هو من لا يريد عقد صفقة، أشار أيضاً إلى أن لديه مخاوف من أن يعمد الأخير إلى عرقلة مشروع اتفاق لوقف الحرب مع لبنان. وهو أمر عزّز مناخ الحذر، رغم أن هوكشتاين نفسه كان قد أشار إلى أن نتنياهو لا يواجه إدارة بايدن هذه المرة، بل يضع نفسه في مواجهة إدارة ترامب، وأن المسوّدة جرى إعدادها بمشاركة موفد نتنياهو إلى الولايات المتحدة رون دريمر، وتحت إشراف الرئيس ترامب وفريقه.
وكتبت" النهار": أفادت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين أن اكثر من مسؤول فرنسي أكد لـ"النهار" أن التنسيق وتبادل التقييم بين فرنسا والولايات المتحدة يجري بشكل مستمر منذ اللقاء الأخير الذي تم بين الرئيسين جو بايدن وإيمانويل ماكرون في قمة باريس في الصيف الماضي. وتوقعت مصادر فرنسية رفيعة أن يزور هوكشتاين العاصمة الفرنسية بعد جولته في لبنان وإسرائيل. وقالت إن الورقة الأميركية ليست بعيدة عن الطرح الفرنسي لوقف النار الذي تم تقديمه قبل شنّ
إسرائيل الحرب الواسعة على لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن الجانب الأميركي أكد للفرنسيين أن هوكشتاين نال من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الضوء الأخضر لمسعاه في لبنان. وكشفت مصادر فرنسية مطلعة لـ"النهار" أن ما يجري حالياً هو البحث في تقليص التصعيد ووقف النار بين إسرائيل و"حزب الله"، والموضوع الأساسي الآن هو معرفة حقيقة ما يدور في ذهن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالنسبة إلى حربه في لبنان واحتمال انسحابه. فالاقتراح الأميركي يسعى لوقف النار حالياً وبعد ذلك التفاوض لتنفيذ القرار 1701، وينبغي أولاً معالجة وقف الحرب وإقناع إسرائيل بالانسحاب والاتفاق على من يضمن سحب "حزب الله" سلاحه من جنوب الليطاني. وزيارة هوكشتاين إلى بيروت المتوقعة الثلاثاء ستتركز على النقاط التي أراد توضيحها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري حول الورقة الأميركية التي بحسب مصادر فرنسية وأميركية لم يرفضها بري لكنه طلب تعديل بعض النقاط منها حول الجنسيات التي ستُمثل في آلية مراقبة وقف النار وكيفية عمل هذه الآلية. فهناك نقاط عدة مطلوب توضيحها.
إلى ذلك، تقول مصادر دبلوماسية غربية انه تم تدمير قدرات "
حزب الله" بشكل كبير إضافة إلى البنية التحتية المدنية والاقتصادية والاجتماعية ومخابئ أمواله لكن ما زال للحزب قدرات عسكرية وصواريخ وهو مستمر في استخدامها وأن تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان أصبح غير ممكن بسبب مراقبة إسرائيل المعابر وقصفها المستمر لها.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن التركيز منصب حاليا على ملف وقف إطلاق النار، في الوقت الذي ينعدم فيه التوقع النهائي بشأن مصيره، على أن هناك ثوابت محددة لن يخرج عنها لبنان، في حين أنه ليس معلوما ما إذا كان الجانب الإسرائيلي يقبل بالقرار الذي يتم ترتيبه وإن زيارة هوكشتاين تحرك العمل التفاوضي لكن قد لا تمنح الضوء الأخضر لبت الأمر في انتظار اجواء لقائه مع الجانب الإسرائيلي.
إلى ذلك اعتبرت المصادر أن نقاطا أساسية في مسودة وقف إطلاق النار تخضع للتشاور اللبناني، وإن ما يقدم إلى هوكشتين هو عبارة عن موقف متكامل من مسألة القرار ١٧٠١ ونشر الجيش وغير ذلك بما يتوافق مع ما خرج من القمة العربية الإسلامية.
لكن معلومات تحدثت عن ان الاغتيالات التي حصلت امس ضد كوادر حزب لله عقدت الموقف رغم بروز «ايجابيات» في الرد.
وفي المعلومات ان لبنان ابلغ واشنطن موافقته على اقتراح وقف النار، وان هوكشتاين سيصل الى بيروت غداً لاعادة قراءة بعض المصطلحات بما لا يتعارض مع الدستور اللبناني.
وفي حين تردد ان هوكشتاين سيزور باريس اليوم الاثنين قبل زيارته بيروت الثلاثاء، ثم تل ابيب الاربعاء، فإن الموقف الفرنسي قد يكون «ضابط ايقاع» في النقاش مع الاميركي حول التفاصيل والشروط التي يطلبها الكيان الاسرائيلي ويوافقه عليها الاميركي، خاصة ان احداً لا يعلم بالضبط ما هي التفاصيل المخفية في الاتفاق الاميركي – الاسرائيلي، ولكن ستكون بالتأكيد حسب بعض التسريبات العبرية والاميركية في مصلحه اسرائيل.
واوضحت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» انه لم يتم الابلاغ عن زيارة هوكشتاين الى باريس اليوم، وفي حال زارها سيكون النقاش مركزاً حول ما يمكن ان يقبل به لبنان وتقبل به اسرائيل ايضاً بما يؤمّن وقف الحرب والدمار والكلفة على الشعب اللبناني. وقالت المصادر: ان فرنسا سبق وابلغت الاميركيين واسرائيل ان بعض الشروط الاسرائيلية التي اضيفت في ورقة هوكشتاين الجديدة على ورقة الرئيسين الفرنسي ماكرون والاميركي بايدن في ايلول الماضي من الصعب ان يقبلها لبنان، لا سيما الضمانات التي تطلبها اسرائيل على حساب سيادة لبنان، وتعديل لجنة المراقبة الثلاثية وآلية عملها وغيرها من نقاط.
لكن المصادر اكدت ان مجرد وجود فرنسا في اللجنة الى جانب الاميركيين يحقق نوعاً من التوازن فيها بإعتبار فرنسا هي اكثر الاصدقاء التي تراعي مصالح لبنان، وقد اكد ذلك الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي. واشارت الى ان همّ فرنسا الاساس هو وقف الحرب لذلك فهي وافقت منذ البداية على اي جهد او محاولة او مسعى لوقف الحرب فورا تخفيفاً لمعاناة اللبنانيين. وهي تسعى بل وتضغط لوقف الخروقات الجوية والبرية الاسرائيلية وتسعى ليكون هذا من ضمن التعهدات والتطمينات للبنان.
وترى المصادر الدبلوماسية ان القرار بوقف الحرب او عدمه بيد نتنياهو، ولم يعُد سراً ان نتنياهو لم يعد يراهن على ما يمكن ان يقدمه له الرئيس الاميركي المنتهية ولايته جو بايدن بعد نحو شهرين، لكنه لا شك يراهن على ما يمكن ان يقدمه له الرئيس المنتخب دومالد ترامب، خاصة ان الادارات الاميركية المتعاقيبة ديموقراطية او جمهورية طالما مَدّت اسرائيل بكل اسباب الحياة والبقاء وهي الان تفتح لنتنياهو كل مخاون السلاح واعطته «كارت بلانش» ليفعل ما يريد.
على هذا، اذا صحت المعلومات عن زيارة لهوكشتاين الى باريس اليوم قبل بيروت. يَفترض لبنان ان فرنسا ستكون الى جانبه لجهة ما يعني «تلطيف» بعض مضمون وشروط الورقة الاميركية– الاسرائيلية»، لأنه ما لم يوافق عليها
لبنان ستبقى ورقة اميركية– اسرائيلية لا قيمة لها، وستبقى الحرب قائمة الى اجل غير مُسمّى.
وكتبت" الديار": وبحسب مصادر مواكبة عن كثب لمسار التفاوض، فان لبنان سيضع ملاحظاته على المقترح الاميركي، ويسلمه اليوم الاثنين للسفيرة الاميركية في بيروت، لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان ابرز الملاحظات وهي: رفض اللجنة الامنية الدولية للاشراف على تطبيق القرار 1701 والتمسك بالآلية السابقة المرتبطة باليونيفل والجيش اللبناني.
وتضيف المصادر:»كما ان الملاحظات ستتحدث صراحة عن رفض اي سماح للجيش «الاسرائيلي» بأي تدخل بري او جوي او بحري تحت اي مبرر او حجة، وان كان الرئيس بري قال صراحة ان ما وصله من مقترح، لا يلحظ اي حرية حركة للجيش الاسرائيلي».
وترجح المصادر ان يكون هذا الاسبوع الذي يشهد زيارة المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت و»تل أبيب» مفصليا، فاما تنجح مساعي التهدئة ونكون في هدنة خلال ايام ، او يسقط المقترح الموضوع راهنا على الطاولة، ونكون في خضم تصعيد اضافي كبير من قبل «اسرائيل» وحزب الله يستمر أقله حتى منتصف كانون الثاني المقبل».
وتعتبر المصادر انه «بعكس ما يُصوّر البعض، فان «اسرائيل» تبدو مستميتة على وقف للنار اكثر من حزب الله. فالحزب لم يعد لديه ما يخسره في هذه الحرب، وهو يخوض معركة حياة او موت، أما نتنياهو فيتعرض لضغوط كبرى سواء دولية كما اميركية، اضافة لضغوط داخلية من المعارضة واهالي الاسرى، والاهم ضغوط من الجيش «الاسرائيلي» الذي يبدو منهكا بعد اكثر من عام من القتال في غزة ولبنان».