شبح البرد يخيّم فوق النازحين
بدأ موسم البرد في البقاع، فيما عدد كبير من العائلات النازحة لا يزال ينتظر «الفرش والحرامات»، رغم أن هذه الأخيرة من ضمن «المرحلة الأولى» التي يفترض أنها انتهت مع توزّع النازحين على مراكز النزوح. وحتى الآن، لم تفصح «الأفكار» التي تطرح على المستوى الحكومي، كيف سيكون شكل المواجهة مع فصل الشتاء في المناطق الشديدة البرودة كالبقاع والمناطق الجبلية، إذ لا تزال الاستجابة الحكومية لتأمين حاجات الشتاء في طور الدراسات والإحصاءات. وبحسب المصادر، «طلبت الحكومة مبلغ 59 مليون دولار لتأمين ثياب شتوية ووسائل تدفئة في المرحلة التي تلي تجهيز وتأهيل مراكز الإيواء، ومن ثم تقرير شكل وسيلة التدفئة ورصد آلية تأمينها وتوزيعها». وتصف هذه المصادر ما يجري بـ«الانفصام» بين واقعٍ كارثي قادم على النازحين في المناطق الباردة والطبقة السياسية، وهو سيحوّل الأزمة من أزمة تدفئة إلى أزمة صحية مع انتشار الأوبئة والفيروسات، الأمر الذي سيفرض عبئاً كبيراً على القطاع الصحي».
لهذا، لا يعوّل النازحون على ما تفكّر به الدولة ولا متى يمكن أن تقوم به، ومنهم مثلاً أحمد، السبعيني النازح إلى أحد مراكز الإيواء في عرسال في البقاع الشمالي، الذي يسأل: «بعد أكثر من شهرٍ ونصف شهر على الحرب، لم تستطع الدولة أن تؤمن لنا مساعدات غذائية كافية، فكيف ستوفر لنا الدفء؟». فيما يقول مهدي، النازح في مركز إيواء في دير الأحمر، إن «الجو البارد جعلنا لا نفكر بأي نوع مساعدات غير مستلزمات التدفئة». وهي هواجس تزداد يومياً بين النازحين والصامدين في بيوتهم مع تدنّي درجات الحرارة. وهو ما يعبّر عنه المشرفون على لجان الطوارئ في القرى المعنية بالنزوح في البقاع الشمالي من عرسال ورأس بعلبك والفاكهة الجديدة في البقاع الشمالي، إلى دير الأحمر والقرى المحيطة بها. إذ يحذّر هؤلاء من أن «المشهد سيكون كارثياً إذا لم يتم التعاطي بجدية أكبر مع موضوع التدفئة وتأمين متطلبات الشتاء». ويجزم رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر جان الفخري بأن «الإرباك سيّد الموقف على المستوى الحكومي ولجان الطوارئ حيث يخيّم جوّ من الضياع يرمي بثقله علينا؟ ولم نر جدية وسرعة في التعاطي، ولا تزال الأمور في طور الدراسة والإحصاءات ومن يتسلّم هذا الملف ومن يشرف عليه، وماذا سيعتمد للتدفئة وأيّ جهة ستتسلّم ملف توزيع المازوت؟ الجيش أم وزارة الطاقة أم الصليب الأحمر؟»، مشيراً إلى «أننا نحن نحتاج إلى المازوت للتدفئة اليوم وليس في فصل الربيع... ومين بيجيبو يجيبو»!
وتشير إدارة إحدى المدارس إلى أن «بعض المدارس في المنطقة تعتمد التدفئة المركزية، وكانت الحاجة الشهرية للمدرسة تصل إلى 2400 ليتر في الشهر بمعدل أربعة أيام في الأسبوع و6 ساعات تدريس. لكن الأمر يختلف اليوم، إذ يتطلّب الأمر تشغيل المولدات للتدفئة على مدى أيام الأسبوع كاملة ومع ساعات يومية تتخطّى الـ12 ساعة، وصولاً إلى 24 ساعة مع وجود أطفال ومسنّين وذوي احتياجات خاصة».
أمينة سر هيئة إدارة الكوارث في عرسال، ريما كرنبي، تشير إلى أن «المدارس الثماني المعتمدة كمراكز إيواء في البلدة تحتاج إلى تأهيل متكامل لضبط جوّ الغرف وتوفير تدفئة فعلية، إضافة إلى الحاجة إلى حرامات وفرش». ولفتت إلى أن «الوجاق على المازوت هو الأنسب لعدم وجود التدفئة المركزية في جميع المدارس في عرسال»، إضافة إلى أن «إحدى المدارس لا كهرباء فيها، والنازحون يضيئون هواتفهم أو الفوانيس التي وزعت عليهم من إحدى الجمعيات، كما أن هناك مراكز فيها حمامات ولكن لا توجد فيها معدات للنظافة الشخصية».