خسارة بـ 500 ألف تنكة زيت: موسم الزيتون جنوباً "على أمه"
أخرجت الحرب على لبنان، موسم الزيتون من حسابات المزارعين في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية. فالقصف اليومي واستهداف المدنيين لتهجيرهم، والتوغّل بالنار، هي عوامل منعت المزارعين من التوجّه إلى حقول الزيتون لقطاف الموسم الذي يفترض أنه بدأ في منتصف تشرين الأول. هذه الخسارة أصابت ثلث المساحات المزروعة بالزيتون والتي تنتج 19% من مجمل الزيتون في لبنان.
«الموسم على أمه» يقول نقيب المزارعين في الجنوب محمد الحسيني. ويؤكّد أنّ «خسارة هذا الموسم، ليست الأولى، بل للسنة الثانية على التوالي يفقد المزارعون في قرى الحافة الأمامية (حيث تدور المعارك الآن) القدرة على الوصول إلى بساتينهم». وبسبب توسّع الحرب، امتد الخطر ليشمل كلّ أراضي محافظتي لبناني الجنوبي، والنبطية، إنّما «بنسب متفاوتة» وفقاً للحسيني. فعدد قليل من المزارعين في أول الجنوب، أي في قضاء صيدا، وتحديداً قرى شرق صيدا، استطاعوا الوصول إلى حقولهم، وبدؤوا فعلاً بالقطاف. فهذه المناطق تعدّ آمنةً، بحسب الحسيني.
رغم بشاعة المشهد، إلا أن خروج الزيتون الجنوبي من الحسابات الزراعية انعكس انتعاشاً في مناطق أخرى تنتج الزيتون والزيت، مثل محافظتي عكار والشمال حيث يتوقع ارتفاع الأسعار. وهذه المناطق تنتج 61% من مجمل إنتاج لبنان من الزيتون، بالإضافة إلى 712 ألف تنكة زيت أو ما يعادل 59% من مجمل زيت الزيتون المخصّص للطعام، وفقاً لأرقام وزارة الزرعة. هذه النسبة باتت تساوي في حسابات هذا الموسم 100% بسبب غياب الإنتاج الجنوبي البالغ 19.5% من مجمل إنتاج الزيت، أو نحو 235 ألف تنكة زيت.
وبحسب رئيس تجمع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون جورج عيناتي «يُراوح سعر تنكة الزيت الجديدة من 180 دولاراً إلى 200 دولار». وبرأي عيتاني «هذا سعر غير عادل». أما في قرى صيدا حيث بدأ القطاف، فإن سعر تنكة الزيت المعصور حديثاً تباع بـ 150 دولاراً، وفقاً للحسيني. ولكن، لن يبقى سعر الزيت على حاله مرتفعاً، يقول الحسيني، متوقعاً انخفاض سعر «التنكة» وصولاً إلى 100 دولار. ويعيد الحسيني السبب في توقعه هذا إلى «غزارة موسم الزيتون هذه السنة، إذ يحمل الشجر ثمار الزيتون بكميات كبيرة».
ومن جهته، توقع عيناتي أن يصل مجمل الإنتاج في لبنان إلى حدود 60 ألف طن من الزيتون. وهذه الكمية لا تأخذ في الحسبان الزيتون الجنوبي الباقي بلا قطاف. لكن «ستكفي هذه الكمية الاستهلاك المحلي» وفقاً لعيناتي، إنما بشرط حسن الإدارة، إذ «يقدّر الطلب في السوق المحلي بـ16 ألف طن فقط». وبعكس معظم السلع في السوق اللبنانية، لا يستورد لبنان ثمار الزيتون بتاتاً، بحسب أرقام الجمارك. بل يصدّر منها كميات قليلة مقارنةً مع الإنتاج المحلي. ففي عام 2023، تمّ تصدير 21 طناً فقط من ثمار الزيتون الطازجة إلى 24 دولة. بمعنى آخر، الكميات المصدرة قليلة جداً، ومردودها وصل إلى نحو 30 ألف دولار فقط.
من جهة ثانية، تنشط حركة التصدير بشكل كبير على زيت الزيتون. ففي عام 2023، صدّر لبنان أكثر من 8 آلاف طن من الزيت، أي نحو 500 ألف تنكة زيت، وبلغت قيمتها 36.5 مليون دولار. وهذا ما يتخوّف منه عدد من مزارعي الزيتون، إذ يتوقعون ارتفاعاً كبيراً في أسعار الزيت والزيتون، بحجّة العرض والطلب، وعدم كفاية الكميات المنتجة للسوق المحلية. لكن، لن يعود هذا الارتفاع بالفائدة عليهم، يقولون، بل سيعود على التجار الكبار الذين سيسعون إلى تصدير زيت الزيتون إلى الخارج لمضاعفة الأرباح، ولا سيّما مع وجود إقبال كبير على الزيت اللبناني في عدد من الأسواق العالمية. ففي عام 2023، وفقاً لإحصاءات الجمارك، احتلت الولايات المتحدة المركز الأول في لائحة مستوردي زيت الزيتون باستيراد 21.6% من مجمل كمية الزيت التي صدّرها لبنان. وصلت حصة أميركا إلى 1803 أطنان، أو نحو 92 ألف تنكة زيت. واستوردت إسبانيا 310 أطنان من الزيت، أي 15.5 ألف تنكة قيمتها 1.6 مليون دولار، وكانت حصة أستراليا 524 طناً من الزيت بقيمة 1.8 مليون دولار. إلا أنّ أبرز ما تكشفه أرقام الجمارك معدل سعر تصدير تنكة الزيت الواحدة، والبالغ 79 دولاراً، أي أقلّ من سعرها في السوق المحلية والذي يُراوح بين 100 دولار في موسم غزارة الإنتاج و140 دولاراً في موسم الشحّ.