منظّمات دولية وأطراف لبنانية لوضع النازحين في الخيم.. والتمويل الدولي بـ«القطارة»
أفادت معلومات «الأخبار» بأنّ المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، وفي مقدّمها مفوّضية اللاجئين (UNHCR)، تصرّ على طرح فكرة نصب خيمٍ للنازحين اللبنانيين الذين ينتشرون على الطرقات في بيروت، وللعائلات التي قد تضطر بفعل الاعتداءات الإسرائيلية إلى النزوح من مناطق كانت تُعتبر آمنة، كما حصل أول من أمس في الوردانية، وقبلها في كيفون والقماطية. وفي المعلومات أيضاً أن بعض النواب خصوصاً من خصوم حزب الله تواصلوا مع مسؤولين لبنانيين ومنظمات دولية، طارحين إخلاء المدارس بحجة استئناف العام الدراسي ونقل النازحين إلى خيم تُنصب في مساحات واسعة كالمدينة الرياضية مثلاً، من دون أن يخفي بعض هؤلاء خشيته من «تغيير ديموغرافي» في حال طالت الحرب.
الضغط لنصب الخيم مستمر في اللقاءات التنسيقية والتنظيمية على مختلف المستويات، مع المحافظين أو مع رؤساء البلديات، وغيرها من الاجتماعات التنسيقية بين المنظمات والدولة. ولا تفوّت وكالات الأمم المتحدة فرصة أي لقاء سياسي لتثير الأمر مع المعنيين، رغم تبلّغها رفض رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي فكرة الخيم، في حين تنشر لجنة الطوارئ الحكومية دورياً عن مدارس لا تزال تحتوي على غرفٍ شاغرة لاستقبال نازحين جدد، كما أنّها مستعدّة بالتنسيق مع وزارة التربية، لإضافة مدارس جديدة إلى لائحة مراكز الإيواء.
إلى ذلك، لا تزال وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة معها تمنح الدولة الأموال بـ«القطارة» كنوعٍ من الضغط للقبول بما تقدّمه من اقتراحات. وهو أسلوب اعتمدته هذه المنظمات على مرّ سنوات عملها في لبنان. ورغم أن عمل المنظمات الدولية ينبغي أساساً أن يكون وفق ثلاثة اتجاهات من التدخّل: الاستجابة الإنسانية الطارئة التي لا يجب أن لا تتعدى الأشهر الستة؛ والمشاريع التنموية ذات التمويل الطويل الأمد نسبياً؛ ومن ثم مشاريع الاستقرار الاجتماعي وتمويلها والتي عادة ما تستغرق بين ثلاث وخمس سنوات. غير أن الأمر مختلف تماماً في لبنان، حيث تحكم الفوضى عمل المنظمات الدولية، وتسير اتجاهات التدخل الثلاثة معاً في الآن عينه. فعلى مدى 12 عاماً لم تسعَ إلى بناء نظام استجابة محلي مُستدام يقود إلى أدوارٍ حقيقية لمؤسسات الدولة وأجهزتها. ورغم أن هذا هو الدور الأساسي للمنظمات الدولية، المُفترض بها تنمية البلدان وتحقيق تعافيها المبدئي ومن ثم استقرارها الاجتماعي، فضّلت المنظمات إضعاف الأنظمة الوطنية وخلق أُخرى رديفة، لأن تقوية الـ«سيستم» يقلّص دورها ويفكّ الارتباط بها، وبالتالي يضيّق «مجالات العمل الاستخباراتي الذي تقوم به بعض فرقها في لبنان، كما يحدّ من استفادة المنظمات نفسها والقيّمين عليها من الأموال التي يتسوّلونها باسم شعوب الدول النامية مثل لبنان» وفق متابعين لعمل المنظمات. وليس خفياً استشراء الفساد في «أكواريوم» المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، رغم ادّعاء العفّة. والأمثلة كثيرة عن هدرٍ كبير للأموال على رواتب وأمور لوجستية وإيجارات لمكاتب فاخرة ومصاريف مختلفة على رفاهية المنظمات والقيّمين عليها تُحسَب من ضِمن نفقات المشاريع التنموية.
وبحجة عدم إعلان حال الطوارئ في الحرب الدائرة حالياً، استمرت المنظمات في عملها في الشقين التنموي والاستقرار الاجتماعي، علماً أنّه في ظروفٍ مماثلة، يفترض أن يقتصر التمويل على الاستجابة الإنسانية حصراً، وتوقّف كل أشكال التمويل الأخرى.
سلوك المنظمات الدولية والوكالات التابعة للأمم المتّحدة ليس مريباً على هذا المستوى وحسب، وإنّما على المستوى الأمني أيضاً، إذ من اللافت استخدام المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة تطبيق «KOBO» الذي تُحدّد عبره عناوين إلكترونية لأماكن النازحين التي تزورها (مدارس، معاهد...)، تطبيقاً لفكرة الـ»GPS Coordinated». وبطبيعة الحال، تملك الأمم المتحدة جميع تلك العناوين، على مبدأ أنّ فِرَق العمل التابعة لوكالاتها، وللمنظمات العاملة تحت مظلّتها، تنشط في هذه البُقَع. لكن الأخطر، أنّ فرق العمل تجمع معلوماتٍ من الأرض، وتسلّمها إلى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) التي تشاركها بدورها مع جيش العدو الإسرائيلي، وبناءً على طلبه، بذريعة تجنيب فرقها الأذى، إلا أنّ تجربة الحرب على غزة، تثبت أنّ مشاركة الداتا مع العدو، كانت تتبعها دوماً عمليات قصفٍ لمراكز إيواء النازحين.