مساحات زراعية في مرمى العدوّ: بعد الفوسفور أتى التهجير
ألحق العدوّ الإسرائيلي أضراراً كبيرة بمساحات زراعية شاسعة في لبنان، بدءاً بقنابله الفوسفورية وصولاً إلى تهجيره مزارعين من قراهم، ليلحقوا بقافلة النازحين الهاربين من جنون العدوان. الأمن الغذائي مهدّد، والقطاع الزراعي يعاني ويئنّ، ومعه شريحة لا بأس بها من الإقتصاد التي كانت تعتمد على تصدير الإنتاج إلى الخارج.
دقّ وزير الزراعة عباس الحاج حسن ناقوس الخطر، حين أعلن أن 10 آلاف مزارع نزحوا من قراهم الجنوبية والبقاعية على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن لبنان يعاني اليوم من إحدى أكبر موجات التدمير والنزوح في تاريخه الحديث.
آلاف الدونمات من الغابات والأراضي الزراعية أحرقتها إسرائيل خلال الحرب الحديثة، وهجرت أعدادًا هائلة من السكان بينهم آلاف المزارعين من أهم المناطق الزراعية في لبنان.
تدهور زراعي كبير شهدناه في لبنان خلال الآونة الأخيرة، وينقسم هذا التدهور إلى قسمين، بحسب رئيس حزب البيئة العالمي د. دومط كامل.
القسم الأول بيئي بحت، والثاني يتعلق بنزوح المزارعين من قراهم بسبب العدوان الإسرائيلي الذي طالها، وهنا أشار كامل لـ"لبنان 24" إلى أن المزارعين أصيبوا في الصميم، إذ لم يعد بسبب الحرب المستعرة، نقل محاصيلهم ومزروعاتهم من منطقة إلى أخرى وبيعها للإستفادة من سعرها.
وفي هذا الإطار، شدد على أن العديد من المناطق دمّرت مزروعاتها وبالتالي باتت خالية بشكل نهائي من الإنتاج، والمناطق التي لا تزال نوعاً ما منتجة ولو بشكل بسيط، لا تستطيع التحرك لتوزيع ما تنتجه من مزروعات.
وقال كامل إن حركة النزوح أيضاً شكّلت مشكلة في هذا السياق، إذ يسجّل استهلاك مخيف خاصة في طرابلس والجوار حيث يستهلك النازحون كميات كبرى من كل أنواع الخضار والفاكهة ما أدّى إلى إرتفاع الأسعار بالتزامن مع ندرة التوزيع على الأسواق.
كما لفت إلى أن الكميات التي كان يتم تصديرها من لبنان بات قلّة قليلة فقط قادراً على تصديرها إن تمكّن، فضلاً عن أن المحاصيل غير كافية لعدد النازحين نظراً لازدياد الطلب الكبير.
وكشف أن المحاصيل التي يتمّ ريّها بمياه الصرف الصحي والتي يتم توزيعها على مختلف الأسواق في كل المناطق تقريباً تعدّ "كارثة جنونية"، وهذا ينطبق على الخس، الملفوف، النعنع، البقدونس وغيرها التي لا يمكن غسلها بسهولة.
وفي حين تساءل كامل عن مدى القدرة على الإستمرار بتغطية الطلب على المحاصيل، أشار إلى أن التغير المناخي أيضاً ساهم بتفاقم الأزمة إذ أن مناطق عدّة يتّكل مزارعوها على المطر لريّ مزروعاتهم كانوا أمام واقع أليم يتمثل بقلّة المتساقطات.
أمّا عن مناطق الجنوب، المعروفة بإنتاجها الوفير للزيتون والزيت على وجه الخصوص، فأكد كامل أنه لا يمكن القيام بأي نشاط زراعي في منطقة عسكرية، إذ لا مزارعين ولا عمّال وبالتالي هي مجمّدة لحين عودة السلام واستتباب الأمن كي تعود الحركة إلى طبيعتها.
وقال: "خلال شهر سيتساقط الزيتون كلّه، وفي ظل الظروف الراهنة لن يتّجه أي نازح إلى قريته لتحصيل مزروعاته وتعريض حياته للخطر".
وختم كامل بالتوصية بزراعة المناطق الآمنة لتغطية النقص الحاصل على غرار كسروان، جبيل، المتن وسواها من المناطق البعيدة عن الحرب.
على الرغم من سوداوية المشهد، ربّما الإيمان هو السبيل الوحيد للعثور على بصيص النور الذي نحتاجه بشدّة. من هنا، فلنتذكّر أن لبنان أرض مباركة، وطأها يسوع المسيح وبارك زيتها وزيتونها، وجال في جنوبها الذي يعاني اليوم الأمرّين إلا أنه لا بدّ وأن ينهض.