الغارات تتكثف والشهداء بالعشرات ونتنياهو يرفض وقف اطلاق النار
تدخل العمليّة الّتي سمتها الحكومة الإسرائيليّة بـ "سهام الشمال" يومها الرابع على لبنان، وأدّت حتّى اللحظة إلى سقوط ما يناهز الـ 600 ضحية وآلاف الجرحى ونزوح نحو 150 ألف شخص إلى مناطق في عمق البلاد، بحسب ما صرّحت به الحكومة اللّبنانيّة.
وإن كانت حدّة الهجمات المتبادلة بين الجيش الإسرائيليّ وحزب الله قد تراجعت في السّاعات الأخيرة، مع إطلاق واشنطن وباريس مبادرة لوقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان لمدّة 21 يومًا ومقترح لوقف القتال الدائر وتسوية الحدود لإزالة التوتر الدائم بين البلدين؛ وبعد نحو الـ 19 ساعة عن عدم تسجيل هجمات صاروخيّة من لبنان على مواقع إسرائيليّة، نفذ الحزب هجومًا على منطقة عكا وخليج حيفا، ليؤكد جيش الاحتلال أنّه رصد إطلاق ما يربو عن 45 صاروخًا من لبنان، مُدعيًّا أنّه تمكن من اعتراض بعضها فيما سقطت أخرى في منطقةٍ مفتوحة.
تكثيف الغارات
واستشهد 12 لبنانياً وأُصيب 9 بجروحٍ متفاوتة، فجر اليوم الخميس 26 أيلول، في قصفٍ إسرائيليّ على بلدة الكرك شرقيّ لبنان. كما استشهد 23 شخصاً من اللاجئين السّوريّين في العدوان الإسرائيليّ على بلدة يونين في قضاء بعلبك. وكثّف الجيش الإسرائيليّ غاراته على مناطق واسعة من لبنان ابتداءً من الجنوب وصولًا إلى البقاع وبعلبك الهرمل وجبل لبنان. ونفّذ جولة جديدة صباحيّة من الغارات الجويّة استهدفت تبنين والنبطية وكفرتبنيت جنوب لبنان. كما استهدفت غارات أخرى بلدات البازورية والمجادل وطيردبا بقضاء صور. واستشهد 3 أشخاص في الاعتداءات الإسرائيليّة اليوم على عيتا الشعب وشهيد سوريّ بفعل غارة الاحتلال على بلدة قانا الجنوبيّة. كما عمد الاحتلال إلى "خرق جدار الصوت مرتين وعلى علو منخفض فوق بيروت وضواحيها وصيدا وصور ومنطقة جزين وإقليم الخروب".
وبقاعًا شن الجيش الإسرائيليّ غارةً على السلسة الشرقية لجرد كفرزبد، كما وأغار على بلدة القصر وبلدة حوش السيد علي الحدودية في قضاء الهرمل، فضلًا عن المنطقة الواقعة بين بلدتي دبين وبلاط بجانب مقام النبي حزقيل، وكذلك على بلدة الطيبة. واستهدفت مسيّرة إسرائيليّة منزلًا في أعالي كفرحمام، كما استهدفت 3 شبان من بلدة حلتا داخل سيارتهم أثناء تفقدهم لحظيرة مواشي على طريق كفرحمام - كفرشوبا، مما أدّى إلى استشهادهم.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ أن "طائرات سلاح الجوّ وبتوجيهٍ من هيئة الاستخبارات والقيادة الشماليّة، أغارت خلال ساعات الليلة الماضية على نحو 75 هدفًا لحزب الله في البقاع وفي جنوب لبنان، حيث تمّ استهداف مستودعات أسلحة ومنصات جاهزة للإطلاق نحو إسرائيل ومبانٍ عسكريّة ومسلحين وبنى عسكرية للتنظيم". وشدّد على أنّه يواصل تنفيذ ضربات في لبنان، حيث استهدف، صباح اليوم، عشرات الأهداف، بما في ذلك مسلحون ومبانٍ عسكرية ومخازن أسلحة في عدة مناطق". وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه "في منطقة قرية شبعا في جنوب لبنان، قامت مقاتلات سلاح الجو، بضرب عدد من المسلحين الذين تمّ رصدهم في المنطقة"، وتابع "نواصل مهاجمة وضرب وتجريد حزب الله من قدراته وبنيته التحتية".
في المقابل، أعلن حزب الله أنّه قصف "مُجمعات الصناعات العسكريّة لشركة رفائيل في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا بِصليات من الصواريخ"؛ وفي بيانٍ آخر، أعلن قصف "مستعمرة كريات موتسكين بِصليات من الصواريخ".
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيليّ إن الجبهة الداخليّة دعت سكان مدينة صفد ومحيطها البقاء قرب الأماكن المحصنة، في ظلّ تواصل إطلاق صواريخ حزب الله. وفي وقت لاحق قال الجيش الإسرائيليّ إن عشرات الصواريخ أطلقت تجاه عكا وخليج مدينة حيفا، بينما دعت الجبهة الداخلية السكان في شمال الجولان وكريات شمونة والجليل إلى البقاء قرب أماكن محصنة.
وأصدر المجلس الإقليمي للجولان بيانًا أوضح فيه تعليمات قيادة الجبهة الداخلية الجديدة في أعقاب تقييم جديد للوضع الأمني؛ وقال إن هذه التعليمات ستظل سارية المفعول اعتبارًا من اليوم وحتى إشعار آخر. وبحسب البيان، طلب من سكان بلدات شمال هضبة الجولان السوري المحتل، تقليل حركة التنقل في المناطق السكنيّة، وتجنب التجمعات الكبيرة، والبقاء بالقرب من المناطق المحمية في حال حدوث أي طارئ. كما أضاف المجلس أن القرى الأخرى مطالبة بالاستماع والتحلي بالحذر تجاه تحذيرات القيادة. وأفاد بأنه "في إطار التأهب، تمّ نشر حواجز متنقلة على طرقات الجولان، والتي ستُفعّل حسب الحاجة".
لا وقف لإطلاق النار
ونفى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بينامين نتنياهو، الأنباء المتداولة عن وقف إطلاق النار في لبنان، مشدّدًا على أنّها معلومات "غير صحيحة"؛ وأوضح، في بيان، أن الحديث يدور حول مقترح أميركي-فرنسيّ، "لم يردّ عليه نتنياهو حتى الآن"، وذلك بعدما اقترحت واشنطن وحلفاؤها وقفا لإطلاق النار لمدة 21 يوما، إثر تصعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ يوم الإثنين الماضي.
وعبّر وزراء في الحكومة الإسرائيليّة عن رفضهم لوقف إطلاق النار في لبنان ووقف الهجمات الإسرائيليّة المتصاعدة، وشددوا على ضرورة استمرار الضربات العسكريّة ضدّ حزب الله إلى حين "تحقيق نصرٍ كامل"، في حين قال مصدر في مكتب رئيس الحكومة إن "هناك ضوءًا أخضر لوقف إطلاق النار بهدف التفاوض"، بحسب ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية، صباح اليوم، الخميس. وفي ظل هذه التقارير، أشار مكتب نتنياهو، في بيان، إلى "المعلومات المتعلقة بتوجيهات مزعومة لتخفيف حدّة القتال في الشمال" مشددًا على أنها "غير صحيحة"، وأضاف، في بيان، أن نتنياهو وجه الجيش الإسرائيليّ بـ"مواصلة القتال بكل قوة، وفقًا للخطط المعروضة عليه". وشدد البيان على أن "العمليات العسكرية في قطاع غزة ستستمر حتى تحقيق جميع أهداف الحرب".
وقال وزير المالية الإسرائيليّ، بتسلئيل سموتريتش، في بيان له: "المعركة في الشمال يجب أن تنتهي بواحد من السيناريوهات فقط - تحطيم حزب الله وسلب قدراته على تهديد سكان الشمال. لا يجب منح العدو وقتًا للتعافي من الضربات القوية التي تلقاها أو التهيؤ لمواصلة الحرب بعد مرور 21 يومًا. إما استسلام حزب الله أو الحرب، فقط بهذه الطريقة يمكننا إعادة الأمن لسكان الشمال وللدولة".
بدورها، قالت وزيرة الاستيطان والمهام القومية، أوريت ستروك: "لا يوجد تفويض أخلاقي لوقف إطلاق النار. لا لـ21 يومًا، ولا حتى لـ21 ساعة. حزب الله حول لبنان إلى برميل بارود، والقرار 1701 جعل سكان الشمال رهائن ومهجرين في أرضهم. لا نكرر أخطاء الماضي، ولن نتوقف حتى نصلح الوضع."