الحرب في يومها الثاني: استهداف الجنوب والبقاع والحزب يرد
بعد اليوم الدمويّ الرهيب الذي شهده لبنان أمس، جرّاء الهجوم الجويّ الإسرائيليّ الأوسع منذ العام 1982 على مساحاتٍ شاسعة من الجنوب والبقاع وضاحيّة بيروت الجنوبيّة فضلًا عن مواقع في كسروان وجبيل، تجددت المواجهات اليوم الثلاثاء 24 أيلول. أطلقت اسرائيل على العملية تسميّة "سهام الشمال" ضمن خطة عسكريّة متدحرجة ضدّ "حزب الله" لإلحاق "ضرّر استراتيجيّ" به، وقد أدّت إلى دمارٍ ضخم وحصيلة ضحايا تجاوزت الـ 558 شهيدًا بينهم 50 طفلًا و94 امرأة وما يناهز الـ 1600 جريح وهجّرت آلاف النازحين من بيوتهم. وقد تجدّدت المواجهات المُسلّحة بين حزب الله والجانب الإسرائيليّ، منذ بواكير صباح اليوم.
هجمات حزب الله
صباحًا، دوّت صافرات الإنذار في مناطق واسعة في الجليل ونهاريا والناصرة ومرج ابنه عامر، وخليج حيفا، لتنذر عن إطلاق رشقات صاروخية ومسيرّات مفخّخة من الأراضي اللّبنانيّة، حيث أطلقت ثلاث صليات صاروخيّة من لبنان، وسُمعت انفجارات مع سقوط شظايا صاروخيّة عقب تفعيل الدفاعات الجويّة الإسرائيليّة. ليُعلن حزب الله أنّه أستهدف وللمرّة الثالثة، فجر الثلاثاء، مطار مجيدو العسكريّ غرب العفولة، وهذا هو القصف الأول لمطار مجيدو من قبل حزب الله خلال المواجهات الحالية مع إسرائيل المستمرة منذ نحو عام. فضلًا عن استهدافه لقاعدة ومطار "رامات دافيد" بصلية من صواريخ "فادي 2"، وكذلك استهداف القاعدة العسكريّة "عاموس" بصلية من صواريخ "فادي 1"، وكذلك استهداف مصنع المواد المتفجرة في منطقة "زخرون يعقوب" الّتي تبعد عن الحدود 60 كيلومترًا. وأفاد حزب الله بأنّه قصف المخازن اللوجستيّة للفرقة 146 في قاعدة نفتالي بصليةٍ صاروخيّة.
هذا ونقلت تقارير إسرائيليّة معلومات أفادت عن إصابة العديد من الإسرائيليين بجروحٍ متفاوتة، وذلك أثناء هروبهم إلى المنطقة المحمية، حيث جرى نقلهم إلى مستشفى "هعيمك" في العفولة. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق 100 صاروخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل خلال السّاعات الماضية، وأكدّت استهداف كريات شمونة بنحو 50 صاروخًا تسببت باندلاع حرائق في مواقع مختلفة. وأعلنت تلك المصادر إصابة منزل في مدينة طمرة شمالي إسرائيل، ونقل 9 مصابين بجروحٍ طفيفة إلى مستشفى نهاريا، و5 مصابين إلى مستشفى هعيمق في العفولة.
كما وأكدّت إذاعة الجيش الإسرائيليّ إطلاق 15 صاروخًا اعتراضيًّا في مناطق الجليل الأعلى وقضاء حيفا، ورصدت وسائل إعلام انفجارات مدوّية في سماء الناصرة والعفولة. ووفقًا لموقع "والا" الإسرائيلّي، دوّت 377 صفارة إنذار في إسرائيل خلال الساعات الـ 24 الأخيرة وهو الرقم الأعلى منذ 8 تشرين الأول الماضي.
وفي سياقٍ متصل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة عن رؤساء بلديات مدن دخلت في نطاق صواريخ حزب الله أنّه لا يوجد ما يكفي من الملاجئ لديها. وقال رئيس بلدية صفد إن نصف سكان المدينة لا يجدون ملاجئ تحميهم من الصواريخ.
الهجوم الجويّ بقاعًا
واستشهد وأًصيب العشرات من عائلة واحدة، فجر الثلاثاء، في مجزرةٍ إثر غارة إسرائيليّة على منزلٍ في شعت بالبقاع، الذي تعرض منذ صباح الأمس، إلى سلسلةٍ متصلة وواسعة ومُكثّفة من الغارات الجويّة والّتي طالت مساحات واسعة من البقاع الغربيّ وصولًا للشماليّ، أدّت إلى دمار العشرات من المنازل المدنيّة الّتي كانت مأهولة، وحرائق ضخمة في الأحراج والبساتين، والرقعة الخضراء في سهل البقاع وبعلبك. وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيليّ أن سلاح الجو بدأ موجة جديدة من الغارات على لبنان، نحو السّاعة الـ 12 من ظهر اليوم واستهدفت اليوم، مدينة بعلبك وبلدات عين بورضاي وبوداي وطاريا ودورس في البقاع شرقي لبنان. فضلًا عن بلدتي حارة الفاكهاني ومقنة – قضاء بعلبك.
واستهدف الاحتلال المدخل الجنوبيّ والجنوبيّ الشرقيّ والمدخل الشماليّ لمدينة بعلبك، وصولًا إلى تلال عمشكي ورأس العين، والأحياء السكنيّة في العسيرة، قبة دورس، الشراونة، التلّ الأبيض، ومحلة الكيال التي تشكل امتدادًا للموقع الأثريّ. وصرّح محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر لوسائل إعلام عدّة، إن قصف الاحتلال الإسرائيليّ مستمر، وهناك حركة نزوح سُجلت إلى خارج المحافظة باتجاه زحلة وبيروت وجبل لبنان. وأوضح خضر أن "النزوح لم يكن بالأعداد نفسها الّتي شهدناها من المناطق الجنوبيّة ونتوقع كل شيء من العدو في هذه المرحلة". وأضاف "فتحنا عددًا كبيرًا من المدارس للنازحين وهناك المئات توجهوا إليها".
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، قال خلال تقييم لوضع عقده اليوم، إنه "يحظر إعطاء حزب الله استراحة، ويجب مواصلة العمل (العدوان) بكل القوة، وسنسرع العمليات الهجومية اليوم وتعزز جميع المنظومات، وصورة الوضع تلزم باستمرار العملية المكثفة في جميع الجبهات".
غارات مُكثّفة جنوبًا
وكما البقاع، جدّد الجانب الإسرائيليّ غاراته الجويّة المكثّفة على قرى وبلدات الجنوب اللّبنانيّ بكل قطاعاته (الشرقي، الغربيّ والأوسط) فضلًا عن أقضية صيدا وصور ومرجعيون والنبطيّة. واستهدفت الغارات حتّى السّاعة كل من بلدات رامية وعين بعال والرمادية والجميجمة، فضلًا عن صديقين وجبال البطم وقانا والرمادية وطورا وغيرها. ذلك وسط استمرار حركة نزوح سكّان القرى الجنوبيّة من منازلهم نحو بيروت وجبل لبنان والشمال.
هذا وشهدت العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبيّة، تحليق مُكثّف للطائرات الحربيّة الاستطلاعيّة التابعة لسلاح الجوّ الإسرائيليّ منذ الأمس حتّى اللحظة.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن طائراته "استكملت موجة هجوم ثانية، منذ الصباح". وذكر أنه "بتوجيه من قيادة المنطقة الشمالية وشعبة المخابرات، هاجمت القوات الجويّة أهدافًا تابعة لحزب الله في البقاع، وفي عمق لبنان، وفي مناطق أخرى في جنوب لبنان، بما في ذلك المباني الّتي تمّ تخزين الأسلحة فيها، والمقرّات، وغيرها من البنى التحتيّة العسكريّة". وزعم أنّه "خلال الهجمات، ظهرت انفجارات فرعيّة بشكلٍ واضح، ما يشير إلى وجود أسلحة كثيرة مخزّنة في المباني".
وتعليقًا على حجم الضرّر الذي لحق بحزب الله جراء الهجوم الجويّ المتواصل، وصدور بعض المعلومات الّتي تُشير إلى تدمير نصف قدراته العسكريّة، قال مسؤول سياسيّ إسرائيليّ اليوم، الثلاثاء، إنه تبقى بحوزة حزب الله نصف كمية الصواريخ الدقيقة التي كانت لديه قبل الحرب، في أعقاب الغارات المكثفة على لبنان، أمس. ونفى الجيش الإسرائيلي مزاعم المسؤول وأعلن أن معلومات كهذه ليست معروفة له وأنه لا يزال يبحث في نتائج الغارات. وقال الجيش الإسرائيليّ "لا معلومات مؤكدة حول حجم الضرر بقدرات حزب الله".
تعليق رحلات الطيران
وأعلنت 14 شركة طيران عالميّة، اليوم الثلاثاء، تعليق رحلاتها الجويّة من وإلى المطارات في إسرائيل، وذلك إثر تصعيد الحرب في "الجبهة الشماليّة" مع لبنان. وأوقفت الخطوط الجويّة البريطانيّة، والأذربيجانية، وشركة "ويز إير"، اليوم الثلاثاء، رحلاتها من وإلى مطار بن غوريون، بحسب ما أوردت القناة الـ 12 الإسرائيليّة. كما وألغت شركة "فيزير" العملاقة، منخفضة التكلفة، رحلاتها إلى إسرائيل من جميع وجهاتها في القارة الأوروبيّة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عددًا من شركات الطيران العالميّة أعلنت اليوم عن إلغاء رحلاتها من وإلى المطارات في إسرائيل، وهي: "ويز"، "إيفيريا"، "بريتش آيروايز"و"أذربيجان آيرلاينز"، وذلك حتّى منتصف تشرين الأول المقبل.
وفي لبنان، أعلن مطار رفيق الحريريّ الدوليّ على موقعه الإلكترونيّ إلغاء أكثر من 30 رحلة جويّة من بيروت وإليها يوم الثلاثاء. وأظهر الموقع إلغاء رحلات لشركات طيران مختلفة من بينها الخطوط الجويّة القطريّة والخطوط الجويّة التركيّة وشركات أخرى من الإمارات. وأعلنت الخطوط الجويّة القطريّة، اليوم الثلاثاء، أنها علقت رحلاتها إلى بيروت حتى الأربعاء مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله. وقالت شركة الطيران الوطنية القطريّة في بيان إنّه "نظرًا للوضع القائم في لبنان، علقت الخطوط الجوية القطرية مؤقتا رحلاتها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وإليه حتى 25 أيلول ". وأضافت "تبقى سلامة ركابنا على رأس أولوياتنا".