أسامة سعد: ليتذكر المشككون والحاقدون أن صيدا حمت المقاومة النبيلة، وفي الوقت ذاته حافظت على قرارها المستقل
تحت عنوان: "لحرية لبنان، ولكرامة الإنسان، ولعروبة فلسطين، كانت المقاومة الوطنية وستستمر... "، وإحياءً للذكرى 42 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وبدعوة من التنظيم الشعبي الناصري أقيم احتفال جماهيري حاشد في ساحة الشهداء في صيدا احتفاءً بالمناسبة.
حضر الاحتفال إلى جانب الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، النائب شربل مسعد، ورئيس بلدية صيدا الدكتور حازم بديع، وممثلون عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وشخصيات اجتماعية وثقافية وحشد كبير من المواطنين.
رفع المشاركون في الاحتفال الأعلام اللبنانية والفلسطينية، وأعلام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.
الاحتفال بدأ بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني. ثم قدمت الفرقة الموسيقية في الكشاف المسلم - مفوضية الجنوب عدداً من المعزوفات الوطنية، كما قدمت فرقة الكوفية فقرة فنية من وحي التراث الفلسطيني. واختتم النشاط بإضاءة الشعلة.
وتحدث الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، ومما جاء في كلمته:
التحيّة لكم في ذكرى مولد رسول الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام..
بوسائل بسيطة وبإرادة ثورية صادقة انطلقت المواجهة مع العدوان والاحتلال ..
تصدّت القوات المشتركة للغزو ببسالة قبل أن يتمكن جيش العدو من احتلال العاصمة بيروت والجنوب والجبل والبقاع الغربي..
كانت الأثمان باهظة .. عشرات الألوف من الشهداء والجرحى، وعشرات الألوف من الأسرى في مجازرَ ارتكبت بحقِّ المدنيين ..
لم يهنأِ العدو بانتصاره يوماً واحداً .. إذ من سواد ليل الهزيمة والاحتلال التمع ضوءٌ من فوهة بنادق المقاومين الأوائل ..
خرجت شرذمة صغيرة في السادس عشر من أيلول عام 1982، ببضع بنادق وقنابل صغيرة ليُطلقوا أولى رصاصاتهم على جنود الاحتلال، ليضيئوا بذلك فجراً عربياً جديداً لمستقبل لبنان والأمة العربية ..
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية كانت واجباً مستحَقاً لحق شعبنا في الكرامة والعدالة والتحرير ..
انقلبت المعادلة من هزيمةٍ واحتلالٍ إلى إنجازات نصرٍ وتحرير ..
لم يكن المقاومون الأوائل بحاجة إلى مسيّرات أو صواريخَ ذكية ٍ أو استراتيجيةٍ لقلب المعادلة .. تسلحوا بمبادئهم الثورية وببضعِ بنادقَ ورصاصاتٍ قليلةٍ، وبقناعاتهم بأن السكوتَ عن الاحتلال جبنٌ وتخاذل..
مقاومة الاحتلال والعدوان واحدة من أعظم أدوار التنظيم الشعبي الناصري التي لم يغِب عنها يوماً ولن يغيب..
من السخف أن توصم المقاومة بهوية طائفية ومذهبية ففي ذلك إساءةٌ كبيرة لها كخيارٍ وطني عام وشامل في مواجهة الاحتلال والعدوان..
مقاومون وطنيون عروبيون أحرار .. هكذا نحن لمن يريد أن يعرف ..
خارج محاور الإقليم، هي تتصارع مرة وتعقد الصفقات مرات أخر.. الصفقات بين أقوياء الإقليم والأقوياء الدوليين لمصلحة العدو الصهيوني وضد مصالح الشعوب العربية ..
في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع العدو لم نحصل على الغاز والنفط، وخسرنا حوالي 1400 كم مربع من بحرنا .. وكاريش الذي أعطيَ للعدو لا يزال شغالاً ، وكسّب العدو اعترافاً بدولته ..
سقط من سقط في التبعية والارتهان والتموضع الطائفي والمذهبي .. ونحن الثابتون على عهد معروف ومصطفى وكل المناضلين الأوائل .. صامدون أنتم يا مناضلي التنظيم على وطنيتكم وناصريتكم الحقة، وعروبتكم التقدمية التحررية..
صامدون دفاعاً عن حق شعبنا في الحرية والعدالة والعيش الكريم ..
تقاومون عدواً غاصباً بقدر ما تقاومون سلطةً جائرةً مجرمة تنكسر وتنهزم عند صمودكم ومقاومتكم كل موجات المد الطائفي والمذهبي البغيض .. وسوف تتحطم أمام إرادتكم الوطنية الصلبة كل محاولات الاستباحة والهيمنة على إرادة شعبنا من شرق أو غرب ..
عهدكم أن لا تفريط في استقلالية قرار التنظيم وهذا عهدي لكم أيضاً ..
وهذا عهدنا لصيدا عرين الوطنية والعروبة وعاصمة الأحرار والثوار من الجنوب إلى كل لبنان وفلسطين..
هو التنظيم تعيش فيه صيدا ويعيش فيها ..
معاً نعشق الحرية ونرفض الهيمنة ونقدس المقاومة النبيلة، ونذود عن حقوق الكادحين والمنتجين بسواعدهم وعقولهم، ومعاً نحتضن التنوع ونصونه ..
صيدا عزيزة بمناضلي التنظيم وبكل الأحرار من قواها الحية ..
تصدى أبناؤها للاجتياح سنة 82 كما لم يتصدَّ أحد .. وقدّموا الأثمان الباهظة من شهداءٍ وجرحى ومعتقلين ..
سجّل أبناؤها أعلى معدل عملياتٍ ضد العدو في لبنان ( 4000 عملية سنة 84 ) ..
من المعيب أن يذهب البعض بعيداً في المزايدات وكأن لا قبله ولا بعده ..
بشأن القرار المستقل والمقاومة، ليتذكر المزايدون والمشككون والحاقدون والغافلون المضللون أن صيدا بقيادة رمز مقاومتها مصطفى معروف سعد حمت المقاومة النبيلة، وفي الوقت ذاته حافظت على قرارها المستقل ضد أعتى القوى .. وهي كذلك من قبل ومن بعد ..
العدو يواصل عدوانه ويهدد بتوسيع الحرب وتصعيد كبير ..
علينا الاستعداد وإسقاط كل العقبات أمام مقاومة وطنية ليست في جلباب أحد ..
فستكون صيدا محروسة بجسارة أبنائها .. وسيكون الجنوب محروساً بصمود أهله وبسالة مقاوميه ..
تبقى فلسطين هي القضية الأساس، يتعرض شعبها لحرب مجرمة بهدف دفعه للاستسلام ..
على مدى عقود واجه الشعب الفلسطيني الاحتلال، ودفع الأثمان الباهظة كما لم يدفعها أحد، ولم يرفع يوماً راية الاستسلام أو الانكسار..
تقدم أميركا كل شيء لإسرائيل وتبرر جرائمها المشينة ..
ذلك سقوطٌ أخلاقي ..
لا حقوق إنسان إذا كانت تخص الشعب الفلسطيني ... !!!
هذا عار على جبين الإنسانية ..
غير أن العار الأكبر هو عارُ النظام العربي الرسمي الساكت والمطبع والمطيع لأميركا وما تطلبه من أدوار له ..
الشعب العربي الفلسطيني يذبح لا هم.. المهم الرضا الأميركي وسلامة النظام ..
بئس هذا الزمن العربي ..
زمن يستدعي كل غضب وكل ثورة ..
أميركا تؤدي كل الأدوار .. تدعم العدوان.. تضع السقوف للصراع.. ووسيط مقبول من الكل ..
تلك مفارقة ومعادلة خبيثة فيها من الأفخاخ الكثير ولا تبشر بأي خير ..
أميركا تفاوض الجميع، وتبدي الاستعداد لعقد الصفقات، ويبادلها الآخرون الاستعداد ذاته ..
رجالها يحظون باحترام خاص أينما حلوا ..
ها هو هوكشتاين يُستقبل على كفوف الراحة وإن كان ضابطاً صهيونياً ..
على أمل أن لا تخذل السياسات والصفقات المقاتلين في الميدان ..
التحيّة لشعبنا الصامد في لبنان وفلسطين ..
التحيّة للمقاومين البواسل في لبنان وفلسطين ..
التحيّة للشهيد ماهر الجازي ..
تحيّة إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وشهدائها وجرحاها وأسراها ..
عاشت فلسطين حرة عربية عربية عربية ...
وكان لعريف الاحتفال "خليل المتبولي" كلمة، قال فيها:
من صيدا العزّة والكرامة ... من قلعة صيدا الشامخة الأبيّة ... من مساء صيدا المفعم بالمقاومة والانتصار... من صيدا عاصمة الجنوب أرحب بكم جميعًا كل حسب منصبه وموقعه ...
بداية سنكون مع النشيدين الوطني اللبناني والفلسطيني ويليهما نشيد الله أكبر يعزفونهم لنا موسيقى الكشاف المسلم في لبنان مشكورين، ومن بعدهم سنكون مع فقرة فنية وطنية تقدمها فرقة الكوفية مشكورين أيضًا لمشاركتهم الذكرى معنا...
نلتقي اليوم في الذكرى الثانية والأربعين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، هذه الجبهة التي ولدت من رحم المعاناة والتحدي، لتكون رمزًا للصمود والمقاومة في وجه الاحتلال والعدوان، والتي شكلت منذ بدايتها القوة الحقيقية للشعب اللبناني في مواجهة الظلم والاستبداد، ووقفت شامخة في وجه محاولات طمس الهوية الوطنية وضرب الإرادة الشعبية. في هذا اليوم المجيد، نحيي ذكرى أولئك الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، وصنعوا تاريخًا مشرفًا من النضال في سبيل حرية لبنان وكرامته...
إن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية لم تكن مجرد قوة عسكرية، بل كانت فكرة ونهجًا يتجاوز الحدود الجغرافية والطائفية، ويتجسد في وحدة وطنية عميقة. لقد لعبت الجبهة دورًا محوريًا في تعزيز المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكانت صوتًا لكل لبناني حر يرفض الخضوع والإذلال في كل مدينة وقرية لبنانية، كان للجبهة حضورها الفاعل، وفي صيدا بالذات، كانت الجبهة حامية للمدينة وأهلها، وسندًا لكل من قاوم الاحتلال، مجسدةً وحدة النسيج الوطني اللبناني. وقد أكدت أن العمل المقاوم ليس خيارًا بل واجبًا
لقد كانت صيدا، بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي، جزءاً لا يتجزأ من هذه المقاومة. صيدا التي صمدت في وجه الاحتلال، كانت مهدًا للكثير من الثوار، وعاصمة للجنوب الذي حمل راية المقاومة دفاعًا عن لبنان وسيادته. لقد كانت وستبقى ثابتة على نهج المقاومة، حاضنةً للمقاومين، وملهمة لأجيالها القادمة... ولن ننسى شهداءها، ولن ننسى تضحيات أبناء هذه المدينة التي كانت دائمًا في مقدمة الصفوف.
لا يمكن أن نذكر جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية دون أن نستذكر ارتباطها الوثيق بالقضية الفلسطينية. فمنذ انطلاقتها، أدركت الجبهة أن مصير لبنان وفلسطين متلازمان، وأن تحرير الأرض اللبنانية لا ينفصل عن نضال الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة. اليوم، ونحن نرى ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، نعي أكثر من أي وقت مضى أن النضال الفلسطيني هو امتداد للنضال اللبناني، وأن المقاومة لا تعرف الحدود.
إن غزة، هذا الجرح النازف في قلب الأمة، تقف اليوم شامخة رغم الحصار والقصف والتدمير، لتعلم العالم أن شعبًا يؤمن بقضيته لا يمكن أن يُهزم. وما يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم وقهر لن يثنيه عن مواصلة كفاحه من أجل العودة والتحرير.
إن هذا الترابط بين الماضي والحاضر يثبت لنا أن المقاومة ليست مرتبطة بزمان أو مكان معينين، بل هي موقف مبدئي يجب أن نحمله في قلوبنا. الاحتلال في فلسطين اليوم ، يحاول فرض إرادته على شعب أعزل، لكنه يواجه أمة تعيش على الأمل وتتمسك بحريتها وكرامتها.
إن التضامن بين شعوبنا هو سلاحنا الأقوى. يجب أن نواصل دعمنا لغزة وكل أرض عربية تواجه الاحتلال، ويجب أن نعمل جاهدين لنقل رسالة أن العمل المقاوم، مهما كانت التحديات، هو الطريق لتحقيق الحرية والكرامة. فلا سلام حقيقي ولا استقرار دون استعادة الحقوق، ودون دحر الاحتلال بكل أشكاله.
في هذه الذكرى، نجدد العهد على أن نبقى أوفياء لدرب الشهداء، وأن نواصل المسيرة حتى تحقيق النصر الكامل. إن دور المقاومة مهما كان شكلها لم ينتهِ، بل يستمر ما دامت هناك حقوق مغتصبة، وأرض محتلة، وقضية عادلة. نحن اليوم أمام تحديات كبرى، لكن بوحدتنا وصمودنا، سنكون قادرين على مواجهة كل الصعاب، وسنظل دائمًا صوت الحق والحرية في وجه الظلم والاستبداد.
تحية إجلال وإكبار لشهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ولشهداء فلسطين، ولشهداء المقاومة اليوم الذين لم يتراجعوا يومًا عن درب الحرية.