متقاعدو العسكر يستعدون للعودة إلى الشارع
يرتقب أن يعقد مجلس الوزراء سلسلة اجتماعات لمناقشة موازنة عام 2025، إلا أنه ضمن الأولويات، سيقرّ حزمة مساعدات جديدة لموظفي ومتقاعدي القطاع العام استناداً إلى مشروع المرسوم الذي أعدّته وزارة المال ومجلس الخدمة المدنية، قبل أن يحال إلى مجلس شورى الدولة. يرمي المشروع إلى صرف مساعدات اجتماعية إضافية للموظفين عبارة عن راتبين إضافيين للموظفين في الخدمة، ومعاشين للمتقاعدين، فضلاً عن تقليص أيام الحضور شهرياً إلى 14 يوماً لاستحقاق المساعدة.ورغم أنّ حسابات البيدر الحكومي لا تتوافق مع حسابات حقل الموظفين، إلا أن الموظفين يصفون الزيادات المقترحة بـ«الزهيدة» لأنها لا ترفع قيمة الراتب إلى 7% ممّا كان عليه قبل 2019. كما أن اقتراح الزيادة بالصيغة المطروحة، كان لها مفاعيل تقسيمية على موظفي ومتقاعدي القطاع العام، إذ إن بعضهم يرفضه بشكل مطلق، وبعضهم يرى فيه علاجاً مؤقتاً. الرفض جاء من المتقاعدين، وعلى رأسهم متقاعدو العسكر، فيما أتى القبول بخجل من الموظفين الإداريين، إضافة إلى رغبة من الأساتذة الذين لم يحصلوا في مرسوم الزيادات الأخير على أيّ زيادة. لذا، يستعد الرافضون لتعطيل أيّ جلسة حكومية مقبلة لا تقرّ مطلبهم بـ«إعطائهم 40% من قيمة رواتبهم كما كانت عام 2019 وإدخالها في صلب الراتب، وإلغاء كل المساعدات الاجتماعية، وإقرار آليّة لتقسيط ما تبقّى من قيمة الراتب»، بحسب عضو تجمّع العسكريين المتقاعدين العميد جورج نادر.
لكن يتوقع فرملة أي تحرّك، أو أقلّه رسم حدود لتحركاته، إذ سيُعقد اليوم، برعاية قيادة الجيش، اجتماع يضم مختلف ممثلي متقاعدي الأسلاك العسكرية المؤلّفين من تجمّع العسكريين المتقاعدين ورابطة قدامى القوات المسلحة. وعلى جدول أعمال هذا الاجتماع، بند وحيد يرمي إلى توحيد المطالب بين التجمّع والرابطة والاتفاق على وفد موحّد لمفاوضة الحكومة، علماً أنه خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، ظهر الخلاف علناً بين تجمّع العسكريين المتقاعدين، ورابطة قدامى القوات المسلحة. من جهته، رفض التجمع، وهو صاحب الدعوات للتظاهر، والقادر على الحشد، كلّ دعوات التفاوض ما لم تدرس الحكومة مقترحه القاضي بإعادة الراتب تدريجياً إلى ما كان عليه عام 2019. واعتبر نفسه غير معنيّ بإرسال رابطة قدامى القوات المسلحة ممثلاً عنه لمفاوضة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وحتى اللحظة، «الاتصالات بين التجمع والحكومة مقطوعة، والتعاطي معنا سلبي»، بحسب نادر الذي توقع أيضاً «رفض الحكومة للورقة الموحدة». ولكن «لن يخرج التجمع عن مسعى قائد الجيش»، يؤكد نادر.
يختصر عضو تجمّع العسكريين العميد المتقاعد أندريه بومعشر المطالب بـ«العدالة والمساواة، وعيش حياة كريمة». ويضيف، «نحن نريد تأمين الحد الأدنى للعيش الكريم للفئات الدنيا من الموظفين والعسكريين والمتقاعدين». أما حجة عدم وجود أموال، أو الادعاء بمحدودية الإمكانات، فهو أمر مرفوض تماماً من العسكريين المتقاعدين، بحسب بومعشر. فمضاعفة الرواتب ليست حلاً، بل حلقة مفرغة تهدف الحكومة من خلالها إلى القول بأنّ الرواتب ضخمة. وبالتالي «نحن نسعى لنيل اعتراف بـ 450 دولاراً كحدّ أدنى للرواتب للفئات الدنيا، وإعادة 40% من قيمة الراتب، كما كانت عام 2019». والأهم في المفاوضات، وفقاً لبومعشر، هو «تحديد الحق، والكلفة، ومن أين سترصد الأموال، وكيف ستدفع. فنحن نريد خطة للتصحيح المتدرج والممنهج».
«بعد 35 سنة خدمة، أساس راتبي 74.4 دولاراً، والبقية مساعدات، واليوم أتقاضى 14% من راتبي قبل عام 2019»، يقول نادر في إشارة إلى هزالة الرواتب. «ويمكن لهذه الحكومة حسم هذه المساعدات ساعة تشاء، أو أيّ حكومة تأتي من بعدها»، بحسب نادر. وعلى مستوى قيمة الرواتب، تبقي عملية المضاعفة راتب العسكري أو الموظف من الفئات الدنيا على هزالته، ولا تؤمن له العيش الكريم، بينما تزيد من قيمة رواتب الفئات العليا. لذا «مطلبنا العودة بالرواتب بنسبة موحدة كما كانت قبل عام 2019، وكل ما عدا ذلك يعيدنا إلى المواجهة»، بحسب بومعشر.
على جبهة الموظفين الإداريين، المطالب ذاتها. «نريد سلسلة جديدة»، يقول ممثل المالية في تجمع الموظفين حسن وهبي. وعلى الحكومة الانتباه إلى أنّ الحرب الدائرة في الجنوب هي مهدّئ للتحركات المطلبية، بحسب وهبي، ولولاها لكان الناس في الشوارع. ويرى وهبي في مشروع مرسوم الزيادات الجديد إبرةً تخدير جديدة للموظفين، إذ «ستسكت المطالبات أقلّه حتى بداية العام الجديد بشرط إلغاء شرط الحضور 14 يوماً شهرياً». ويحسم وهبي بأن «وجود الواردات الحقيقية في الموازنة أكبر من المتوقعة»، لذا يجزم في حال عدم وجود إيجابية من قبل الحكومة بالتجاوب مع مطالب الموظفين، بـ«تحرك أكبر للإداريين، إنما من دون تنسيق التحركات مع متقاعدي العسكر، ولا مع أسلاك الموظفين الأخرى، إذ لن نتضامن مع أحد على حساب مصلحتنا».