غارات مكثفة على الجنوب: هاجس أنفاق الحزب يؤرق اسرائيل
منذ صباح اليوم، الأربعاء 11 أيلول، وسلاح الجوّ الإسرائيليّ، يشنّ سلسلةً مكثفة من الغارات على البلدات والقرى في جنوب لبنان، بزعم أن الغارات هذه تستهدف العديد من المواقع والبنى التحتيّة العسكريّة التابعة لحزب الله. وبمقابل الأحزمة الناريّة العنيفة الّتي ينفذها الطيران والقصف المدفعيّ على أطراف البلدات، ينفذ الحزب بدوره عددًا من العمليات العسكريّة على مواقع قوات الجيش الإسرائيليّ عند الحدود. فيما تتسم المواجهات بطابعٍ تصعيديّ يومًا بعد آخر.
وأفادت تقارير لبنانيّة، أنّه ومنذ الصباح تتعرض القرى والبلدات الجنوبيّة لقصفٍ مُكثف، وأفيد عن 16 غارة شنّها الطيران الإسرائيليّ المعادي استهدفت المنطقة الحرجيّة المتصلة بين أطراف بلدات زبقين، الشعيتية والقليلة. كما ونفذ 3 غارات استهدفت الأطراف الشمالية لبلدة الناقورة جنوب لبنان، وغارة أخرى على علما الشعب وأيضًا على أطراف يحمر الشقيف وزوطر الشرقية.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ أنّه "وفي أربع مناطق مختلفة في جنوب لبنان استهدف نحو 30 منصة صاروخيّة وبنى عسكرية لحزب الله شكلت تهديدًا على مواطني إسرائيل، كما قصفت قوات الجيش الدفاع بالمدفعية في منطقة الضهيرة في جنوب لبنان". وبعدها بقليل نفذ الطيران الإسرائيليّ غارةً من مسيّرة استهدفت دراجة على طريق ميس الجبل، أدّت إلى استشهاد شخص ووقوع إصابة واحدة على الأقل، في الحصيلة الأوليّة. ونعى الحزب شهيده هاني حسين عزّ الدين مواليد العام 2001 من بلدة دير قانون النهر في جنوب لبنان. هذا وأفيد عن استهداف العدو لحديقة مارون الراس بمحلقتين مفخختين خلفتا أَضرارًا في منشآتها.
من جهته، أعلن الحزب عن سلسلةٍ من العمليات أولها استهدف فيها مقاتلوه، تجمعًا لجنود العدو في محيط موقع الراهب. وفي بياناتٍ متتاليّة أشار إلى استهدافه لكل من: موقع رويسة القرن، وثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخيّة، ودشمة يتموضع فيها جنود العدو في موقع المطلة بالأسلحة المناسبة.
وصعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي ليلاً من عدوانه على قرى لبنان الجنوبية، بعد يوم من معاودته استهداف منطقة البقاع شرقًا، وشنّه غارة استهدفت مبنى في منطقة النبطية، في عمق الجنوب. وشنّ جيش الاحتلال فجرًا أكثر من 15 غارة جوية على بلدات جنوبي صور، مستهدفاً البساتين والأودية المجاورة لبلدات القليلة، وزبقين، والحنية، ومجدل زون، وطير حرفا.
مستوطنو الشمال
إلى ذلك، أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن نشطاء من هيئة "نقاتل من أجل الشمال"، تظاهروا أمس الثلاثاء ضمن قيود التجمع مقابل بلدية نهاريا، مطالبين بالقتال حتى إزالة التهديد. وقال النشطاء إنه "من غير الممكن أن نقيم هنا روتينًا أثناء الحرب، حيث سيكون لدى أولادنا ساعات طويلة داخل المناطق المحصنة في رياض الأطفال والأطر التعليمية"، مضيفين: "حان الوقت للخروج في حرب مكثّفة في لبنان وإزالة التهديد".
رفائيل سلاف، أحد مستوطني كريات شمونة ومن روّاد ما تُسمى هيئة "نقاتل من أجل الشمال" قال: "رأينا فقدان الردع في الشمال، حيث نقضي ليلة كاملة من التأهب وتلقي النيران، وفي الصباح يعلنون عن التعليم كالمعتاد، ونحن نعتاد هنا على حرب كاملة". وسأل: "هل يبدو هذا منطقيًا لأحد ما؟"، مردفًا: "أن كمية عمليات الإطلاق باتجاه إسرائيل تصاعدت أكثر من السابق باتجاه المستوطنات المخلاة، بينما يدّعي المسؤولون العسكريون رفيعو المستوى أننا "أبعدنا حزب الله" وأنه مردوع".
من جهته، قال متان دوفديان من مستوطنة شلومي: "هناك أمر واحد فقط يوصل إلى الأمن في القطاع الشمالي وفي كل القطاعات، وهو تفعيل كل الوسائل القوية للجيش "الإسرائيلي"، واحتلال جنوب لبنان حتى الليطاني" وفق زعمه. ورأى "أنه في حال لم تقم الحكومة بهذا الأمر، ستخسر كل الإنجازات التكتيكية التي حققتها في 11 شهرًا، فدم المذبحة التالية في الشمال سيكون على أيديهم"، بحسب تعبيره.
أنفاق الحزب
وذكرت شبكة "Fox News" الأميركية أنه "بعد مرور ما يقرب من عام على هجوم حماس، يعتقد خبراء الأمن في إسرائيل أن التهديد الأعظم لتل أبيب يكمن في الواقع في الشمال، حيث طور حزب الله نظام أنفاقه. لقد قام حزب الله على مدى العقدين الماضيين بتطوير شبكة من الأنفاق يبلغ طولها أكثر من 100 ميل في كل أنحاء جنوب لبنان. إن الدور المهم الذي تلعبه الأنفاق في تسليح حزب الله ظهر مرة أخرى إلى العلن خلال الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، حيث لم يعتمد المقاتلون على الأنفاق لإعادة التسليح العملياتي والقدرات على المناورة فحسب، بل وأيضاً لإيواء الرهائن الذين اختطفتهم حماس قبل ما يقرب من عام".
وبحسب الشبكة، "في حين تشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي نجح في القضاء على نحو 80% من أنفاق حماس، فإن أنفاق حزب الله يُعتقد أنها أكثر تطوراً و"أكبر حجماً بشكل ملحوظ"، وفقاً لتقرير صادر عن مركز ألما للأبحاث والتعليم، وهي منظمة غير ربحية تبحث في التحديات الأمنية الإسرائيلية على طول حدودها الشمالية. ويعتقد أن حزب الله بدأ في حفر أنفاقه بعد حرب لبنان الثانية عام 2006 بالتنسيق الوثيق بين إيران وكوريا الشمالية. وخلص التقرير إلى أن حزب الله، تحت إشراف كوريا الشمالية، بنى نوعين من الأنفاق عبر جنوب لبنان، وهي "أنفاق هجومية وأنفاق للبنية التحتية".
"مترو الأنفاق"
وتابعت الشبكة، "كانت الأنفاق الهجومية مخصصة لاستخدامات عملياتية، وقد اكتشف الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن ستة أنفاق تؤدي إلى الأراضي الإسرائيلية خلال عملية درع الشمال، التي بدأت في كانون الأول 2018. وتوصلت أبحاث ألما إلى أن بعض أنفاق حزب الله قادرة أيضًا على نقل مركبات رباعية الدفع ودراجات نارية و"مركبات صغيرة" أخرى، رغم أنها لم تحدد عدد الأشخاص الذين يمكن أن تستوعبهم هذه الأنفاق. وذكر التقرير أن الأنفاق مجهزة بـ"غرف قيادة وسيطرة تحت الأرض، ومستودعات أسلحة وإمدادات، وعيادات ميدانية ومنافذ مخصصة لإطلاق الصواريخ من كل الأنواع"، مشيرا إلى أن الأسلحة مثل الصواريخ والصواريخ أرض-أرض والصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات يمكن إطلاقها من "منافذ" في الأنفاق. وذكر التقرير أن "هذه المنافذ مخفية ومموهة ولا يمكن اكتشافها فوق الأرض".
وأضافت الشبكة، "يُعتقد أن الأنفاق تربط العاصمة بيروت بالجنوب اللبناني. وذكر تقرير ألما:"نحن نطلق على شبكة الأنفاق بين المناطق هذه اسم 'أرض أنفاق حزب الله'"، مشيرا إلى أن نظام الأنفاق يشبه إلى حد كبير "مترو" الأنفاق وليس نفقا طويلا واحدا. وتشكل السلسلة الثانية من الأنفاق التي حفرها حزب الله، والمعروفة باسم أنفاق البنية التحتية، شبكة تحت الأرض في القرى اللبنانية الجنوبية وفي محيطها، وتشكل "خطوط الدفاع" الأولى والثانية ضد الغزو الإسرائيلي، وهو مشروع "هائل الحجم"، وفقاً لتقرير ألما. ويُقدر طول أحد هذه الأنفاق بنحو 28 ميلاً، مما يثير التساؤل حول كيف تمكن الحزب من بناء مثل هذا النظام المتطور دون معارضة داخلية".
وبحسب الشبكة، "قال الباحث في مركز ألما، بواز شابيرا، لشبكة فوكس نيوز ديجيتال: "يحاول حزب الله إبقاء مواقع هذه الأنفاق وطرقها وبنيتها الداخلية وما إلى ذلك سرية. وهو يفعل ذلك من خلال مصادرة الأراضي، ومنع المدنيين من دخول مناطق معينة". وقال شابيرا إن حزب الله لا يتمتع بدعم ما يقرب من 40% إلى 50% من الشعب اللبناني فقط، بل إنه "ممول ومنظم ومدرب ومسلح بشكل أفضل بكثير" من الجيش اللبناني أو حتى من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان". ورأت الشبكة أنه "تعاون حزب الله مع إيران وكوريا الشمالية جعله منذ فترة طويلة يشكل تهديدًا كبيرًا لإسرائيل. وقال اللواء السابق في الجيش الإسرائيلي يعقوب عميدرور للشبكة إنه يعتقد أن إسرائيل بحاجة إلى اتباع نهج استباقي عندما يتعلق الأمر بمواجهة حزب الله. وأضاف "يجب أن نبدأ الحرب ضد حزب الله"، مشيرا إلى أن توقيت بدء العملية هو العامل الأساسي الذي يجب تحديده. وتابع قائلاً: "لن تكون هذه مهمة سهلة. ستكون حربا مدمرة للغاية بالنسبة لنا وبالنسبة للبنان".