مواجهات الجنوب على وتيرتها وأمن "الشمال" محور نقاشات اسرائيل
بعد الليلة العصيبة الّتي عاشها سكّان الجنوب اللّبنانيّ، جراء الغارات الإسرائيليّة المكثفة والمتزامنة الّتي طالت المساحات الحرجيّة والأوديّة في عمق الجنوب الممتد بين بلدات فرون وصريفا والغندوريّة (لأوّل مرةٍ منذ بداية الحرب)، تجدّدت المواجهات العسكريّة بين طرفيّ الاقتتال -حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيليّ- منذ صباح اليوم، السبت 7 أيلول.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيليّ، صباح اليوم، رصد عبور نحو 30 صاروخًا من لبنان باتجاه إسرائيل. وقال في بيان إنه لم يُسجل سقوط إصابات، في وقت تبيّن أن صفارات الإنذار التي دوّت في الجليل الغربي صباحًا، خشية تسلّل طائرات مسيّرة، كانت ناجمة عن إنذار خاطئ. وأعلن جيش الاحتلال أيضًا أنه استهدف منصة لإطلاق الصواريخ ليلاً في بلدة ياطر في جنوب لبنان. واستهدف عددًا من البلدات الجنوبيّة بغاراتٍ جويّة، طالت أطراف كل من بلدة كفرشوبا وكونين، وبلدة بني حيان جنوبي لبنان. فيما صدر عن مركز الطوارئ التابع لوزراة الصحّة بيان، أكدّ فيه سقوط جريحين من الدفاع المدنيّ في الهيئة الصحيّة الإسلاميّة جراء غارة إسرائيليّة على بلدة قبريخا.
ردّ حزب الله
من جهته أشار حزب الله في بياناتٍ متتاليّة، إلى العمليات الّتي نفذها اليوم، مستهدفًا عددًا من المواقع العسكريّة التابعة للجيش الإسرائيليّ، وذلك ردًّا على الاعتداءات الإسرائيليّة الّتي طالت القرى والبلدات الجنوبيّة. وأوّلها كان استهدافه لقاعدة "جبل نيريا"، وهو مقرّ قياديّ كتائبي تشغله حاليًّا قوات من لواء غولاني، بصليات من صواريخ الكاتيوشا ردًّا على الاعتداء الأخير على بلدة فرون. كما واستهدف موقع "حدب يارون" بقذائف المدفعيّة. كما أعلن عن سلسلة متزامنة من الهجمات أولها استهدف انتشارًا لجنود العدو في محيط مستوطنة "منوت" بالأسلحة الصاروخيّة، كما واستهدف التجهيزات التجسسيّة في موقع "مسغاف عام" قائلًا أنه أصابها إصابة مباشرة مما أدى إلى تدميرها. وتلاها استهداف مقرّ الاستخبارات الرئيسيّة في قاعدة "ميشار" بصلية من صواريخ الكاتيوشا، وذلك "ردًّا على اعتداءات العدو الإسرائيليّ على القرى الجنوبيّة وخصوصًا على بلدة فرون" وفق ما جاء في البيان.
بوحبيب ورسالة اسرائيل
وتأتي هذه العمليات في وقتٍ طالبت فيه إذاعة الجيش الإسرائيليّ من سكّان منطقتي الحولة و"ميرون" البقاء بالقرب من الملاجئ. وذكرت تقارير إسرائيليّة عن رصد إطلاق رشقة صاروخيّة نحو صفد، سقطت بمناطقٍ مفتوحة. ولفتت تقارير أخرى عن سماع دوي صافرات الإنذار في قرية الناعورة في مرج ابن عامر، وذلك من دون أن يتم تفعيلها بواسطة "تطبيق الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة". وأشارت مصادر محليّة -بحسب التقارير- إلى أنه جرى تفعيل الدفاعات الجوية في المنطقة، وسط أنباء عن اعتراض "جسم مشبوه". وذكرت أن صافرات الإنذار كانت قد دوت في نفس المنطقة سابقًا، عند اعتراض طائرة مسيّرة قادمة من العراق.
وفي سياق متصل، كشف وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب، في مقابلة مع قناة الجزيرة الإنجليزية والتي ستبث كاملة مساء اليوم، أن "إسرائيل نقلت لنا رسالة عبر وسطاء مفادها أنها غير مهتمة بوقف إطلاق النار في لبنان حتى بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة".
التمسك بجبهات المساندة
إلى هذا، شدّد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق على أن "العدو الإسرائيلي يزداد ضعفاً، بينما المقاومة ازدادت قوة وعدة وعدداً دفاعاً وهجوماً، عسكرياً وسياسياً، وهي بردّها على الاعتداءات الإسرائيلية، أكدت أنها لا تؤخذ لا بالتهديدات ولا بالتهويلات ولا بالمدمّرات ولا بحاملات الطائرات". وقال خلال احتفال تأبيني: "المقاومة لن تسمح بإسكات جبهات المساندة، وستبقى في الموقع المتقدم لنصرة غزة، ولن يكون للعدو من مجال لإنقاذ المستوطنين وإعادتهم إلى منازلهم إلا عن طريق واحد، وهو إيقاف العدوان على غزة". ولفت إلى أن "العدو عاجز عن الخروج من مأزقه ومن المعادلات التي تفرضها المقاومة عليه كل يوم، وهو دخل مسار التراجع والاعتراف بالهزيمة، بينما المقاومة في لبنان واليمن وفلسطين والعراق دخلت في مسار النصر الاستراتيجي التاريخي الذي لن يكون إلاّ لصالح محورها".
معركة طويلة في "الشمال"
من جهتها، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية اليوم السبت أن إسرائيل تستعد لخوض معركة مكثفة وطويلة الأمد على مختلف الجبهات، بما في ذلك في الشمال مع لبنان وفي الضفة الغربية. وأفادت الصحيفة، أن التحدي الكبير الذي يواجه الجيش الإسرائيلي في هذه المعركة هو الحاجة إلى تعزيز قواه البشرية لأقصى درجة، بما في ذلك استدعاء قوات الاحتياط.
وأشارت أيضًا إلى أن من أبرز القضايا المطروحة هي الحاجة المتزايدة لإعادة سكان المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود اللبنانية إلى منازلهم، مع تقديم ضمانات تضمن لهم الأمان. وفي سياق آخر، كشفت "يديعوت أحرنوت" أن مفاوضات سرية تجري بين مسؤولين أمريكيين ولبنانيين بهدف التوصل إلى تسوية، حتى قبل استقرار الوضع في غزة. ولكن، وفقاً لتلك المصادر، فإن فرص الوصول إلى تسوية تظل ضئيلة، حتى مع وقف إطلاق النار في غزة. وتابعت قائلةً أن الحزب غير مستعد لسحب قواته وصواريخه إلى مسافة بعيدة عن الحدود، مما يدفع إسرائيل للاعتقاد بأن مواجهة واسعة النطاق باتت وشيكة، تشمل هجمات جوية وبرية وبحرية في لبنان، لتحقيق ما لم تنجح الوساطة الأمريكية في تحقيقه.
وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل التحضيرات لشن حملة جوية وبرية واسعة النطاق في جنوب لبنان، وذلك بعد الهجوم الذي شنه "حزب الله" على إسرائيل في 25 آب وما تبعه من ردود إسرائيلية. وتشير التقديرات إلى أن قدرة "حزب الله" على إطلاق الصواريخ قصيرة المدى باتجاه مناطق مثل عكا قد تضررت، لكن الصحيفة أوضحت أن "حزب الله" لا يزال يمتلك هذه القدرة. وتعمل القوات الجوية الإسرائيلية الآن على تدمير منصات الإطلاق بناءً على معلومات استخباراتية أو باستخدام طرق طورتها القوات الجوية لتحديد تلك المنصات واستهدافها.
كما وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يواصل هذا النشاط المكثف بهدف تقليل الأضرار التي قد تصيب إسرائيل، لا سيما عند تنفيذ المناورات في جنوب لبنان أو ضرب أهداف أخرى داخل الأراضي اللبنانية. وأحرزت القوات الإسرائيلية تقدماً في اعتراض الطائرات المسيّرة التي يطلقها "حزب الله" بنسب نجاح متزايدة. وأخيرًا، ذكرت "يديعوت" أن إسرائيل قد تحتاج إلى الدعم الأمريكي، سواء في تحقيق التسوية الدبلوماسية أو في حال اتخاذ قرار بشن حملة عسكرية في لبنان تهدف في نهايتها إلى إعادة سكان المستوطنات إلى منازلهم.