مناوشات محدودة جنوباً ومطالبات اسرائيلية بـ"هجوم وقائي"
جدّد جيش الاحتلال الإسرائيليّ، صباح اليوم الجمعة 6 أيلول، قصفه لعددٍ من القرى والبلدات الجنوبيّة الحدوديّة، حيث شنّ وحتى اللحظة، سلسلةً من الغارات الجويّة على عيترون، كفركلا، بليدا، والضهيرة. في وقتٍ استهدف فيه حزب الله موقع معيان باروخ بمحلّقة انقضاضيّة، أكدّ أنها أصابت هدفها بدّقة. ونفذ حزب الله، أمس الخميس، ثماني عمليات ضد مواقع وتجمعات جيش الاحتلال، مؤكدًا تحقيق إصابات دقيقة ومباشرة.
وأعلن الجيش الإسرائيليّ، اليوم، استهداف مستودع أسلحة و"مبانٍ عسكريّة"، زعم أنها تابعة لحزب الله، جنوبيّ لبنان. وقال في بيان إن طائراته الحربيّة، قد "أغارت خلال ساعات الليلة الماضية، على مستودع أسلحة لحزب الله في منطقة بليدا في جنوب لبنان". وذكر أنه "تمّ قصف مبانٍ عسكريّة في عيتا الشعب ويارين"، لافتًا إلى أنّه "على مدار السّاعات الماضية قصف بالمدفعيّة عدّة مناطق في جنوب لبنان". كما واستهدف أطراف بلدة تلّ النحاس في القطاع الشرقيّ. وشهدت بلدات عيترون وميس الجبل وكفركلا وأطراف مارون الراس وبيت ليف وكفرشوبا قصفًا مكثفًا. واُفيد عن تدمير منزلٍ بالكامل في عيترون جراء تعرضه لغارتين في عشر دقائق. ووردت أنباء عن سقوط جريح جرّاء غارةٍ إسرائيليّة استهدفت منزلًا في الضهيرة. ونقلت تقارير لبنانيّة، أنّ "الطيران الحربيّ المعادي، شنّ غارة استهدفت أطراف بلدة بيت ليف لجهة بلدة القوزح، مستهدفة منزلًا فيها". وقال الجيش الإسرائيليّ في بيانٍ آخر "هاجمنا مبنى عسكريًّا بداخله عناصر لحزب الله" وأفاد عن سقوط قذائف بمنطقة المطلة.
من جهته، أعلن الحزب وفي بياناتٍ متتاليّة، عن استهدافه لموقع "معيان باروخ" بمسيّرة انقضاضيّة، فضلًا عن استهدافه لـ "ثكنة زبدين بالأسلحة الصاروخيّة وإصابتها مباشرةً". كما أعلن عن قصفه لمبانٍ يستخدمها جنود الاحتلال في المطلّة وتحقيق إصابة مباشرة. وفي الوقت الذي وردت فيه أنباء عن إطلاق صواريخ باتجاه موقعين إسرائيليين في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين جنوبي لبنان، أشار الحزب في بيان أنه استهدف موقع رويسة القرن بالأسلحة الصاروخيّة، وأصابوه إصابة مباشرة، ذلك فضلًا عن التجهيزات التجسسية في موقع المطلة.
حسابات غلاف غزّة وتل ابيب
في مقال بعنوان "سياسة الاحتواء انتقلت من غلاف غزة إلى الشمال"، قال مراسل موقع القناة 12 الإسرائيليّة في الجبهة الجنوبيّة، ألموغ بوكر: "بعد الهجوم على حزب الله في الشمال، قيل لنا إن نية حسن نصر الله بإطلاق صواريخ على الوسط ليست مرتبطة بالقرار بشن هجوم واسع ضد حزب الله. ومع ذلك، أوضحت المؤسسة الأمنية الإسرائيليّة أن معظم هذه الصواريخ كانت موجهة نحو مستوطنات الشمال".
وأضاف بوكر: "في ذلك الوقت، بدا الأمر خارج السياق، حيث إن حزب الله لم يكن قد بدأ بإطلاق الصواريخ بعد الهجوم الوقائي المزعوم في 25 آب 2024. فمنذ بداية الحرب، أُطلقت 2400 قذيفة صاروخية من لبنان، ولم نشهد مثل هذا الهجوم الوقائي من قبل". وأردف: "يكفي أن نلاحظ ما حدث منذ يومين: في الساعة 11:40 صدرت تعليمات لسكان الجليل الأعلى وكريات شمونة بالبقاء قرب الأماكن المحصنة بسبب الاشتباه بإطلاق نار من لبنان. وبعد عشر دقائق، عند الساعة 11:50، أُطلقت صافرات الإنذار في كريات شمونة والمنطقة المحيطة، حيث تم إطلاق عشرات الصواريخ على مستوطنات الشمال".
وتابع بوكر قائلاً: "إذا كنا نعلم أن هجومًا سيحدث، فلماذا لا يكون هناك هجوم وقائي أو فرض ثمن مسبق؟ لماذا لا نهاجمهم قبل أن يهاجمنا حزب الله؟ التفسير بسيط: معادلة كريات شمونة تختلف تمامًا عن معادلة "غوش دان" (قلب إسرائيل)".
وأوضح أن "هذه السياسة مألوفة لسكان غلاف غزة: على مدار 20 عامًا، عشنا وفق حسابات لغلاف غزة وحسابات أخرى لتل أبيب. هذه السياسة هي التي أدت في النهاية إلى السابع من تشرين الأوّل 2023. وإذا لم تتغير، فقد تؤدي أيضًا إلى كارثة في الشمال".
وختم بوكر بالقول: "على مر السنوات، كان السنوار هو من يحدد جدول أعمال سكان الجنوب، والآن نصر الله هو من يحدد جدول أعمال سكان الشمال. ولكن لا تقلقوا، في النهاية سيصل أيضًا إلى "غوش دان". وعندها فقط، سيحصل سكان الشمال على الحماية التي يستحقونها".
موجة سرقات في "الشمال"
إلى هذا أفادت القناة 12 الإسرائيليّة، في نشرتها المسائيّة ليل أمس، عن موجة سرقات تشهدها مستوطنات الشمال على الحدود الجنوبيّة مع لبنان والمهجورة بفعل الحرب.
وقالت القناة في نشرتها: "بدلًا من أن يكون مستوطنو "كريات شمونة" يسبحون في المسابح البلدية، الوحيد الذي وصل إلى هناك مؤخرًا هو سارق، من "سكان" حيفا، والذي قام بمساعدة شخص آخر بقطع أسلاك الكهرباء في المكان، واقتلعها مع منظومة التحكّم بالمياه بهدف بيعها بعد ذلك. وهذه ثروة تقدر بعشرات آلاف الشواكل". وتابعت القناة: "هذه السرقة تنضم إلى عمليات سرقة أخرى؛ نجح فيها مجرمون من استغلال إخلاء عدد من "السكان" في الجليل".
بين حزب الله وحماس
وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن محاولة اغتيال نضال حليحل، الناشط في حماس، في منطقة عبرا بصيدا الشهر الماضي تأتي ضمن حملة اغتيالات إسرائيليّة متصاعدة تستهدف المسلحين الفلسطينيين في لبنان، بالتزامن مع تصاعد التوترات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن معظم الأهداف هم من أعضاء حماس، إلا أن الهجوم الأكثر بروزًا وقع في كانون الثاني الفائت عندما اغتالت إسرائيل صالح العاروري، أحد مؤسسي الجناح العسكريّ للحركة، في الضاحية الجنوبية لبيروت. وصرّح أيمن شناعة، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في لبنان، للصحيفة: "على جميع الفصائل الفلسطينية أن تعي أن أي شخص قد يكون عرضة للاستهداف في أي لحظة".
وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيليّ أكدّ استهدافه لأشخاص متورطين في هجمات ضدّ إسرائيل بالتعاون مع حزب الله أو بشكلٍ مستقل، مما يعكس التطور الكبير في قدرات الاستخبارات الإسرائيلية. ووفقًا لمحللين في لبنان، فإن هذه الهجمات دفعت حماس إلى تعزيز تحالفها مع حزب الله. وأشار إميل حكيّم، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن هذا التحالف يجعل حماس أكثر اعتمادًا على دعم حزب الله وإيران.
ورغم أن حماس وحزب الله يتشاركان في العداء لإسرائيل والدعم الإيراني، إلا أن خلفياتهما الأيديولوجية تختلف، حيث أن حماس سنية وحزب الله شيعي. منذ التسعينيات، حافظت حماس على وجودها في لبنان من خلال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث تقدم الدعم اللوجستي لعملياتها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشارت الصحيفة إلى تزايد شعبية حماس بعد 7 أكتوبر بين الفلسطينيين في لبنان، الذين يُقدر عددهم بنحو 250 ألف لاجئ يعيشون في المخيمات التي تعد قاعدة تجنيد للجماعات المسلحة. وشهد مخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات، عدة عمليات اغتيال، كان آخرها استهداف القيادي في حماس سامر الحاج بغارة إسرائيلية، بالإضافة إلى استهداف خليل المقدح، الذي كان يعمل مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني لبناني أن معظم المستهدفين من الفلسطينيين في لبنان ليسوا من القيادات العليا، مما يشير إلى توسع إسرائيل في حربها ضد حماس. وعبّر رئيس بلدية صيدا، حازم خضر بدير، عن قلقه من تصاعد العنف، مؤكدًا أن الأزمة الاقتصادية تمثل تحديًا أكبر.
وبحسب الصحيفة، أسفرت الغارات الإسرائيلية منذ تشرين الأوّل الفائت عن مقتل 21 مقاتلًا فلسطينيًا في لبنان، مقارنة بنحو 400 قتيل من حزب الله. ويرى محللون أن هذه الهجمات تجعل حماس تعتمد أكثر على حزب الله، بينما تكسبها أيضًا المزيد من التعاطف والدعم، مما يسهم في تجنيد المزيد من الأفراد.