حركة ديبلوماسيّة على خط الرئاسة... لكن لا مُؤشرات على خرق مُحتمل.. البزري: المواقف السياسيّة تكرّس الشغور الرئاسي
مع أن الإستحقاق الرئاسي قد عاد مجدداً وبزخمٍ إلى الواجهة في الأيام الماضية، فإن الآمال بإمكان حصول خرقٍ في هذا الملف تبدو ضئيلة إن لم يكن معدومة، في ضوء المواقف والسجالات السياسية الأخيرة. وفي هذا المجال، يقول النائب الدكتور عبد الرحمن البزري لـ "الديار" أنه إلى اللحظة الراهنة "لا يوجد أي مؤشرات على احتمال اختراق جدي في الإنسداد السياسي، وبالتالي على مستوى تحرك "اللجنة الخماسية"، رغم تصريحات بعض السفراء الإيجابية، إلاّ أنه ما من مؤشر إيجابي".
ويلاحظ أنه "قد يكون لدى "الخماسية" معطيات جديدة أو أنها ستبادرإلى تحرك رئاسي جديد.، ولكن في المقابل فإن ما سمعناه بالأيام الأخيرة سواء من إعادة طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوته السابقة للحوار أو التشاور قبل انتخاب الرئيس، أو حول انتخاب الرئيس ثم الحوار أو التشاور، يدل على استعادة الجهود، حيث أن الجميع يطرح الرئاسة ولكن دون وصول أي جهة لأي تقدم جدي في انتخاب الرئيس الآن".
وبنتيجة هذا الواقع، يأسف لأنه "رغم خطورة ما يحدث في لبنان والمنطقة، و رغم الإعتراف السياسي بأن المنطقة قادمة على جغرافيا سياسية جديدة ومتغيرات سياسية خطيرة جداً، إلاّ أن هذا لم يكن حتى هذه اللحظة دافعاً كافياً للقوة السياسية المتمركزة عند مواقفها، أن تقدم خطوات جدية وإيجابية باتجاه أي حل." وبالتالي، يقول:"حالياً، تبقى مسؤولية القوى الوسطية التي هي طاقة مهدورة، لأنه لا يكفي أن نقول نحن في الوسط، ولا يكفي الإعلان عن أولوية انتخاب الرئيس وأن نحضر جلسة الإنتخابات، بل يجب إعادة تحريك الملف الرئاسي مرة أخرى، من خلال دينامية سياسية داخلية لمحاولة كسر الجمود، إلاّ أنه يبدو أن الكل يراهن على أحداث المنطقة وما سينتج عنها ليعيد حساباته من جديد".
وعن الحركة الناشئة لتحريك مياه الإستحقاق الرئاسي الراكدة، لا يعتبر أنها "غير كافية ويجب أن تترافق مع إعادة إحياء ديناميكية سياسية، وهذا كله مرهون بعدة أمور، مع أنه من الواضح جدًا أن حتى هذه اللحظة، فإن كل المواقف التي سمعناها لا توحي بأن هنالك حلول قريبة بموضوع الرئاسة، حتى لا نقول إن الرئاسة قد وضعت على الرف، وللأسف بانتظار ما يُسمّى بالتطورات الأمنية والعسكرية التي تحدث بالمنطقة، وبالتالي فهذه أحد الأسباب التي تدفعنا مرة ثانية أن نرجع ونقول إنه ربما آن الأوان لإعادة تغليب المصلحة العامة اللبنانية ونقاط التلاقي اللبنانية على نقاط التمايز".
وحول الطروحات المتعلقة بانتخاب الرئيس قبل الحوار أو بالحوار بعد انتخابه، يؤكد أن "طرح موضوع التعديلات الدستورية قبل الإنتخابات الرئاسية، يعني إطالة أمد غياب الرئاسة، خصوصاً وأننا كلنا متفقون الآن أننا نريد اتفاق الطائف، وموافقون جميعاً أننا بنتيجة تطبيق الطائف ببعض النواحي وعدم تطبيقه في نواحٍ ببعض النواحي، تأكدنا أننا بحاجة إلى تطبيقه أولاً ومن ثم إقرار النقاط التي يُمكن تحسينها، و لكن أن ندخل الآن في معادلة حوار دستوري جديد وطبيعة حكم جديد، فهذا يعني أننا نترك البلاد في الفراغ وفي أفق مجهول، إضافةً إلى أن بعض المكونات اللبنانية قد لا تقبل بتعديل الطائف".
ويشير الى أن "الحديث عن التمديد للرئاسات الأمنية يدل على أن الملف الرئاسي ما زال موضوعاً على الرف بانتظار المتغيرات، خصوصاً مع بدء الحديث عن التمديد للرئاسات الأمنية وخصوصاً قيادة الجيش، وهي الأمر الوحيد الذي يتفق عليه الجميع، لأن لا أحد يريد الفراغ في قيادة الجيش، فاستمرارية هذه المؤسسة هامة جداً، ولذا نؤيد الصيغة الأكثر دستورية لعدم حصول فراغ في هذا الموقع".
إلاّ ان البزري يحذر من "خطورة غياب رئيس الجمهورية واستمرار الشغور، لأن التوافق اليوم على عدم الفراغ في قيادة الجيش، قد لا يكون متوفراً في الغد، أو قد لا يكون التوافق على عدم الفراغ ببعض المؤسسات الأخرى في الدولة متوفراً أيضاً، وهي قد تكون مؤسسات أمنية أو غير أمنية، إذ أن الفراغ قد يمتد إلى مؤسسات حيوية وخدماتية في المرحلة المقبلة، وهناك اليوم موظفون يتولون مواقع رسمية فيما هم من درجات متدنية ولا يحق لهم ذلك، كما أن هناك طرحا بتمديد سن التقاعد في الإدارات الرسمية يواجه بعض التحفظات، وهذه كلها أزمات ناتجة عن الفراغ الرئاسي".