بري يستبق حراك «الخماسية» باختبار «المعارضة»
بخلافِ الحراك الدبلوماسي المُستجدّ لسفراء «الخماسية» في محاولةٍ لإنعاش الملف الرئاسي، لا مؤشرات جدّية توحي بأنّ الاستحقاق سيُغادر دائرة المراوحة، والأخذ والرّد المُعتاد عليهما بين الأطراف المُتصارعة ضمن إطار مواقفها المرسومة والمعلومة سلفاً.الأسبوع المُنصرم أعادت «الخماسية» الملف الرئاسي إلى الواجهة، محركةً المشهد السياسي بسلسلةِ لقاءاتٍ تهدف وفق المعلومات إلى «إطلاق عجلة تشاورٍ جديدة لإقناع الأطراف بالذهاب إلى الحوار، وسط قناعة بأن لا خرق سيُسجّل إلا عبر الحوار المباشر، وبالاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري». وهو الموقف سبق أن سمِعته قوى «المعارضة» من سفراء «الخماسية» عندما عرضت «المعارضة» مبادرتها الرئاسية في تموز الفائت. وفيما لم يتّضح بعد ما هو الجديد الذي تستند إليه دول «الخماسية»، كان لافتاً أنّ السفراء لم يتحرّكوا كمجموعة، إنّما أعادوا الاتصالات بشكلٍ فردي مع عددٍ من المسؤولين اللبنانيين.
وبحسب الأوساط «تصدّر الحراك بعيداً عن الأضواء سفيرا مصر وفرنسا علاء موسى وهيرفيه ماغرو». بالتوازي نقل زوار السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، أجواء حول تنسيق سعودي - فرنسي من إجل إحياء الملف الرئاسي، على أن يزور الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الرياض قريباً للقاء المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا بحضور البخاري وماغرو.
في هذا السياق أتت زيارة البخاري لعين التينة السبت، قبل مغادرته بيروت، ليضع رئيس مجلس النواب نبيه بري في صورة ما بلغه الحراك الدبلوماسي. وواكب بري حراك «الخماسية»، مفتتحاً المواقف العلنية في كلمته في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه. ووفق مصادر عين التينة، «تقصّد بري تجديد الدعوة إلى الحوار، وهو يعلم أن المعارضة ستصوّب السهام مرة جديدة على الطرح، وبذلك يكون قد وجّه رسالة إلى سفراء الخماسية وعلى رأسهم البخاري بأن الفريق الذي يرعاه هو من يعرقل التفاهم والحوار وسيفشّل المحاولات الراهنة للخماسية التي إن أرادت أن تنجح عليها الضغط على حلفائها الداخليين أولاً». سريعاً استجلب كلام بري رداً من المعارضة، التي خرجت ببيانٍ قديمٍ - جديد تذكّر فيه بمبادرتها الرئاسية، القائمة على التشاور من دون دعوة رسمية من رئيس المجلس أو الدعوة إلى جلسة انتخاب رئاسية، رافضةً إبقاء بري للحوار طريقاً للرئاسة.
على الضفة نفسها، استغلّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية»، ليتصرّف كرأس حربة «المعارضة» في وجه بري ومبادرته الحوارية، منطلقاً من مقارنةٍ ساقطة بين الحوار النيابي الذي طلبته قوى «المعارضة» لمناقشة الحكومة في مجلس النواب حول الحرب والحوار لانتخاب رئيس للجمهورية. فاعتبر جعجع أنّه لا يمكن لفريق «الثنائي» رفض الحوار حول الحرب، والدعوة إلى حوار حول الملف الرئاسي، مفسّراً الدعوة إلى الحوار على أنها «دلالة على عجز إيصال مرشحهم إلى رئاسة الجمهورية عبر الآليّاتِ الدستوريةِ والديمقراطية». فيما لم يملّ جعجع من تكرار طلبه الذهاب إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، يقود مشهد الأمس، إلى الاعتقاد بأنّ هناك صعوبة في إحداث خرقٍ في جدار الأزمة الرئاسية، بعدما سارع بري إلى اختبار نوايا الخصوم علناً لإدراكه بأنهم متشبّثون بمواقفهم، رامياً الكرة في ملعبهم وملعب رعاتهم الإقليميين والدوليين.
وسط هذا الحراك، لم يبرز نشاط للسفير القطري في لبنان سعود بن عبد الرحمن، إلا أنّ قطر وفق معلومات «الأخبار»، «تواصل اتصالاتها ولقاءاتها بالمسؤولين اللبنانيين، وآخر الاجتماعات لم يكن الدوحة إنما في إسطنبول التي زارها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، قبل عشرة أيامٍ للقاء الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني، إضافة إلى اجتماعاتٍ مع كل من مدير جهاز المخابرات إبراهيم قالن ووزير الخارجية هاكان فيدان».