لبنان يستعد لـ"جدري القرود": سبل التشخيص والعلاج متوفّران
دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، وأعلنت حالة طوارئ صحيّة عامة على الصعيد العالمي، للمرة الثانية خلال عامين، نتيجة ظهور متحور جديد من الوباء الفيروسي "جدري القرود"، وتفشيه من أفريقيا إلى دول أخرى خارج القارة. وأبدت منظمة الصحة العالمية قلقها من رصد سلالة جديدة من هذا المرض وارتفاع عدد الإصابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية واحتمال تفشيه دوليًا.
وكانت وكالة الصحة العامة في السويد قد أعلنت أيضًا عن رصدها أول إصابة من "جدري القرود" خارج أفريقيا، حيث تم تشخيص إصابة شخص في "استوكهولم" يوم أمس الخميس، 15 آب الجاري.
تفشي الوباء
أما في لبنان، فقد رصدت وزارة الصحة اللبنانيّة إصابتين في آذار الماضي العام 2024، حيث تم تشخيصهما، وتبين أنهما يحملان السلالة الجديدة من "جدري القرود". وحسب رئيسة برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة، الدكتورة ندى غصن، في حديثها لـ"المدن": "المصابان وصلا إلى مطار رفيق الحريري الدولي في آذار الماضي، وتلقيا العلاج اللازم بعد التأكد من إصابتهما، وتعافيا بشكل كامل".
وكان لافتًا أنهما وصلا إلى بيروت من دولة أخرى، وليس من القارة الأفريقية، وهذا يعني أن الوباء بدأ بالانتشار خارج أفريقيا منذ بداية العام 2024.
ما هو "جدري القرود"؟
وتشرح الدكتورة غصن لـ"المدن" أنه مرض ناتج عن "فيروس جدري القرود"، وانتقل من الحيوانات للإنسان من خلال ملامسة جلده أثناء صيده. أما أعراضه، فهي "ارتفاع حرارة الجسم، الأوجاع الحادة في الجسم، الطفح الجلدي"، إضافة إلى "الصداع، الحمى، الطفح الجلدي وخصوصًا في الفم، التهاب الحلق، تورم الغدد الليمفاوية، آلام العضلات والظهر"، وتنتقل العدوى من خلال "العلاقات الجنسية، والاحتكاك بالشخص المريض من خلال ملامسة جلده ومخالطته عن طريق التقبيل أيضاً".
عوارضه وسبل الوقابة منه
فصّلت وزارة الصحة العوارض، مؤكدةً أن هذا المرض بامكانه الانتقال من المرأة الحامل إلى جنينها خلال الولادة وأثناء الرضاعة، ومن خلال صالونات الوشم والتجميل، ومن خلال ملامسة الحيوانات المصابة بهذا المرض أثناء صيدها أو طهيها. كما طلبت وزارة الصحة من المواطنين في حال تشخيصهم بهذا المرض عدم مخالطة الناس، والبقاء في المنزل، غسل اليدين بالماء والصابون، واستخدام المعقمات، ارتداء الكمامة، وغسل الثياب بحرارة عالية أكثر من 60 درجة، حيث أن الشخص المصاب يبقى معديًا حتى إختفاء العوارض بشكل كامل.
تدابير وزارة الصحة اللبنانية
ونظرًا لاعلان حالة طوارئ صحيّة عامة على الصعيد العالمي، فقد باشرت وزارة الصحة اللبنانية بتعزيز نظام الرصد من خلال الكشف المبكر عن الحالات وتشخيصها بالسرعة الممكنة. ووفقًا للدكتورة غصن، فإن الوزارة تستعد للتعامل مع هذا المرض، وستطلب خلال الفترة المقبلة الحصول على كميات من اللقاح اللازم (MPOX)، كما أنها ستبدأ بتدريب الطواقم الطبية وتجهيزها للتعامل مع المصابين. لافتةً إلى ضرورة توجه المصاب إلى مستشفى رفيق الحريري الذي سيقدم التشخيص مجانًا، كما أن وسائل التشخيص متوفرة أيضًا في مختبرات مستشفى رزق.
"سلالة جديدة وخطيرة"
في السياق نفسه، يوضح البروفيسور جاك مخباط، المتخصص في الأمراض الجلدية والجرثومية في حديث مع "المدن"، أنه "بين العامين 2022-2023 أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة بسبب انتشار مرض "جدري القرود"، وفي لبنان ظهرت عدة إصابات بهذا المرض، وارتفع عددهم في العام 2023 إلى حوالى 30 إصابة، وتلقوا العلاج اللازم وكانت الأعراض خفيفة. لكن في العام 2024 عاد المرض مرة أخرى ولكن بسلالة جديدة وخطيرة، ومختلفة عن السلالة السابقة". ويقول "إن السلالة الجديدة تنتقل من خلال الغشاء المخاطي والتلاصق الجلدي، والعلاقات الجنسية وخصوصًا من خلال العلاقات الجنسية المثلية".
والمفارقة أن هذا المرض سيكون مختلفًا عن جائحة فيروس كورونا. ووفقًا لكلام البروفيسور مخباط، "إن المريض يجب أن يبقى في الحجر المنزلي من 3 إلى 4 أسابيع، ويحتاج إلى راحة تامة حتى إختفاء البثور عن جلده. وهذا يعني أنه تعافى بشكل كامل، ولا يحتاج إلى دخول المشفى إلا في الحالات الطارئة"، لافتًا إلى أنه "في السلالة الأولى لم يكن المرض خطيرًا ولكن السلالة الجديدة خطيرة وعوارضها قوية ومن الممكن أن تكون قاتلة".