جدار الصوت وأطفالنا... هلع وصدمات وأكثر!
خرجت الحرب في الجنوب عن قواعد الإشتباك ودخلت مرحلة المعركة المفتوحة. تعوّد سكان الجنوب على سماع القصف وخرق جدار الصوت وبات الأمر من حياتهم اليومية على عكس سكان المناطق البعيدة عن مرمى القصف والاستهداف. في المقابل، لم يمرّ خرق إسرائيل لجدار الصوت فوق بيروت وجبل لبنان مرور الكرام حتى عند الكبار، فكيف بالحريّ عند الصغار؟
أيقظ خرق جدار الصوت صدمة انفجار مرفأ بيروت عند كلّ من عايش تلك اللحظات المؤلمة. أمّا من يسمع للمرّة الأولى هذا الصوت، وقد ظّن أنّه صوت قصف قريب منه، فدخل في حالة رعب وخوف خصوصًا صغار السنّ.
الحاجة الأولى لدى الأطفال هي الأمان، وهو ما افتقدوه منذ بدء الحرب وتصاعد وتيرتها، الأمر الذي انعكس سلبًا على نفسيّتهم.
وتؤكّد الاختصاصية في علم النفس العيادي والمعالجة النفسية ريتا الأسمر أنّه "على الأهل مساعدة أطفالهم عبر الاستماع إليهم جيّدًا وفهمهم ومحادثتهم لتخفيف وطأة ما يحصل". وتشرح، في حديث لموقع mtv، أنّه "من الضروري ترك الولد ليعبّر عمّا يشعر به، فكبت الخوف والغضب وغيرها من المشاعر قد تؤدي إلى حالة توتر وقلق وتطوّر الأمر قد يُحدث أعراضًا جسدّية خطيرة كضيق في النفس والدخول في نوبة هلع ودقات قلب سريعة ووجع في المعدة...".
لا بدّ من أخذ شعور الولد وما يعبرّ عنه أو ما لا يعبّر عنه على محمل الجدّ، وطمأنته بأنّ ما يشعر به أمر طبيعي. ولا يمكن طمأنته ما دام الأهل في حالة هلع، لذلك تشرح الأسمر أنّه "من الضروري أن يهدأ الأهل أوّلًا ويهتمّوا بأنفسهم، ليتمكّنوا من تأمين شعور الأمان لأولادهم والإجابة على أسئلتهم بطريقة علميّة مع تقليل التفاصيل ومن دون اختراع إجابات وهميّة. وإذا لم يكن هناك جواب، فلا بأس بقول لا أعرف". وتضيف: "لا بدّ من سؤال الولد عن مصدر معلوماته من دون إظهار ردّة فعل، فاستيعاب الولد وإجراء حوار هادئ من أفضل الوسائل لاحتضانه وتخفيف مشاعره السلبيّة". وتنبّه أنّ بعض الأطفال بدأوا يعمّمون ويدخلون في حالة توتر مجرد أن يسمعوا صوتًا قويًّا، حتى ولو لم يكن ناجمًا عن قصف أو خرق جدار الصوت.
كما تنصح الأسمر الأهل بعدم إهمال أي عارض نفسي أو جسدي على ولدهم وطلب المساعدة من معالج نفسي إذا فاق الوضع قدرتهم على التعامل معه.
من واجب الأهل التنبّه ومتابعة أولادهم وتقليل أوقات مشاهدتهم للتلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي وملء هذا الوقت بنشاطات رياضيّة وثقافية.
في وقت أقل حقوق أطفالنا الشعور بالأمان والعيش بسلام، يسرق صوت القصف وخرق جدار الصوت طفلوتهم وبراءتهم وأيّامهم.