باكورة الردّ على الاغتيال: الضفة تغضب لدم هنيّة
نعت مكبرات الصوت في مساجد مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، الذي اغتيل، فجر أمس، في العاصمة الإيرانية طهران، فيما عمّ الإضراب الشامل محافظات الضفة والقدس المحتلّتَين، تنديداً بالجريمة. وإذ خيّم الحزن على الشوارع التي خلت من المارّة، فقد أعربت الفصائل الفلسطينية عن استنكارها الشديد لعملية الاغتيال، داعيةً إلى الصمود والوحدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي. كذلك، دعت القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين إلى الإضراب الشامل، والخروج في مسيرات غضب في مراكز المدن ومناطق التماس، عادّةً «اغتيال هنية في إطار إرهاب الدولة الصهيوني وحرب الإبادة والتدمير والقتل، مع عجز المجتمع الدولي عن وقف الحرب ومحاسبة الاحتلال على جرائمه»، ومؤكدةً أن ما جرى «لن يكسر إرادة شعبنا في المقاومة والصمود، بل سيزيدنا تصميماً وإصراراً على المضيّ قدماً في التمسّك بحقوقنا وثوابتنا وكفاحنا ومقاومتنا من أجل الحريه والاستقلال».من جهته، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الحداد وتنكيس الأعلام ليوم واحد، «حداداً على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسماعيل هنية»، الذي دانه بشدّة، واعتبره «عملاً جباناً وتطوّراً خطيراً»، داعياً إلى «الوحدة والصبر والصمود»، في وجه العدو. أيضاً، رأى أمين سر اللجنة التنفيذية لـ»منظمة التحرير»، حسين الشيخ، أن الاغتيال «تصعيد خطير»، داعياً هو الآخر، الشعب الفلسطيني إلى «الصمود والوحدة والتلاحم في ظلّ تصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني».
وكان عباس قد أجرى اتصالاً برئيس «حماس» في الخارج، خالد مشعل، معزّياً إيّاه باستشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة. وإذ نعت حركة «فتح»، والحكومة، هنية، بدا لافتاً ما قاله عضو اللجنة المركزية للحركة، جبريل الرجوب، الذي وصف الراحل بـ»القائد الكبير والمناضل الذي أفنى حياته لخدمة وطنه وقضايا شعبه العادلة وشكّل منارةً للصمود والنضال المتواصل على طريق الحرية والاستقلال، وكان يصرّ على الوحدة الوطنية بما يحافظ على المشروع النضالي الذي يقدّم فلسطين قضية عادلة وفكرة شريفة».
أيضاً، نعت حركة «الجهاد الإسلامي»، هنية، مشيرة إلى أن «عملية الاغتيال التي نفّذها العدو المجرم بحقّ رمز من رموز المقاومة لن تثني شعبنا عن استمرار المقاومة لوضع حدّ للإجرام الصهيوني الذي تجاوز كل الحدود». بدورها، نعت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، الشهيد، معتبرةً أن «إقدام العدو الصهيوني على اقتراف هذه الجريمة القذرة، يضاف إلى سجله الحافل بالمجازر والجرائم الوحشية على امتداد تاريخه الدموي، وفي ظنه أن اغتيال القادة والمقاومين وممارسة القتل اليومي والإبادة الجماعية، يضعف إرادة شعبنا ومقاومته». كذلك، دعت خلايا المقاومة في الضفة، الجماهير، إلى الخروج إلى الشوارع والمشاركة في المسيرات الجماهيرية المنددة بجريمة الاغتيال، لتشهد مدن وبلدات عدة (جنين، رام الله، الخليل، نابلس، طولكرم وطوباس)، ظهر أمس، مسيرات شعبية حاشدة طالبت بالردّ على العملية.
ويُتوقّع ان تشكّل الضفة إحدى الجبهات التي ستلعب دوراً في الرد على جريمة اغتيال هنية، بل يمكن القول إن الضفة شهدت أول الردود على ما حصل، بعملية مزدوجة: إطلاق نار وطعن، فجر أمس، قرب الخليل، حيث أصيب مستوطن بجروح وصفت بالخطيرة، في إطلاق نار على شارع 60 قرب مستوطنة «كريات أربع» في الخليل. وقال الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنه تم تلقّي بلاغ عن عملية عند مفترق الطرق الالتفافي المحاذي للمستوطنة. وبحسب التقارير الأولية، فإن فلسطينياً أَطلق النار على مركبة إسرائيلية ثم هاجم السائق، وطعنه باليد والرأس، وأصابه بجروح متفاوتة. وعلى الأثر، استنفر العدو قواته إلى المكان، وقام بنصب الحواجز العسكرية على الطرق والمحاور الرئيسة، وشرع بملاحقة منفّذ عملية الخليل، والذي تمكّن من الانسحاب من الموقع. وأعلنت «كتائب القسام»، في وقت لاحق، مسؤوليتها عن العملية، عادّة إياها باكورة الرد على اغتيال هنية، ومؤكدة أن الخليل ستكون في صدارة العمليات النوعية في الأيام المقبلة، فيما أعلنت «سرايا القدس - كتيبة جنين»، أنها «استهدفت مستوطنة شاكيد بصليات كثيفة من الرصاص». ووفقاً لـ»مركز معلومات فلسطين - معطى»، فإن فلسطينيين نفذوا، الثلاثاء، 19 عملاً مقاوماً، بما يشمل 8 عمليات إطلاق نار واشتباكات مسلحة وتفجير عبوات ناسفة، بالإضافة إلى اندلاع مواجهات وتحطيم مركبات مستوطنين والتصدّي لهم.
وفيما نعت «كتائب القسام» في مدينة طولكرم، هنية، فهي تعهّدت بتدفيع الجيش الإسرائيلي ثمن اغتياله، داعية «جميع أبناء الضفة إلى النفير العام وتنفيذ العمليات البطولية في كل مكان». وأكدت «القسام» أن عملية الاغتيال في طهران «حدثٌ فارقٌ وخطير، ينقل المعركة إلى أبعادٍ جديدة، وستكون له تداعياتٌ كبيرةٌ على المنطقة بأسرها»، محذّرة من أن «العدو سيدفع ثمن عدوانه من دمائه في غزة والضفة وفي داخل كيانه المسخ وفي كل مكان تصل إليه أيدي مجاهدي شعبنا وأمتنا بإذن الله تعالى». كما نعت «كتائب شهداء الأقصى»، هنية، مؤكدة أن «هذا الاغتيال الغادر لن يزيدنا إلا قوةً وتصميماً على ضرب العدو في كل مكان وزمان».