كل الملفات مجمّدة حتى التسوية.. ولا جواب عن "اليوم التالي لبنانياً"
ما هو سائد في الاوساط السياسية، خصوصا تلك المعنية بالملف الرئاسي، أن تجميد الحل الداخلي الرئاسي والسياسي هو عنوان المرحلة حتى بلورة التسوية الاقليمية التي تتحدد في ضوئها معالم التسوية الداخلية. أما الثابت الاساس لدى هذه الأوساط فهو أن الفترة الفاصلة من الآن وحتى موعد التسوية المفترضة لا سقف زمنيا لنهايتها. وتحت هذا السقف سيراوح الاشتباك السياسي خلف متاريس التناقضات على ما هو حاصل في هذه الايام.
وأشار مصدر سياسي مطلع ل «الديار» الى أن الحسابات السياسية الضيقة خصوصًا «المسيحية»، تشكل العائق الأكبر أمام التقدّم في ملف الانتخابات الرئاسية. وإذ أشار المصدر إلى أن الثنائي الشيعي ينفّذ مصلحته، إلا أنه من الحق له المشاركة في إيصال رئيس الى قصر بعبدا لا يكون أداة في يد الخارج لضرب المقاومة من الداخل. وأضاف المصدر، أن جدّية المرشّح المطروح من قبل المعارضة هي الوحيدة التي تفكّك العقد أمام انتخاب رئيس للجمهورية، مرجّحًا تراجع الثنائي عن موقفه الحالي إذا ما رأى جدّية المرشّح المطروح من قبل المعارضة.
وعن الاصطفاف السياسي القائم وكيفية تخطّيه، اعتبر المصدر أن كل فريق سياسي يقوم بتنفيذ مصلحته بالدرجة الأولى وبما أن الانتخابات النيابية الأخيرة لم تُفرز كتلا بمواقف متقاربة، لذا هناك صعوبة في تخطّي الأزمة، اللهم إلا إذا ما تخلّى بعض الزعماء المسيحيين عن تحصيل مكاسب سياسية على حساب الوطن وقبلوا واقع الأمر أن لهم شريكا في الوطن يجب التحاور معه، وفي الوقت نفسه يُقرّ الثنائي الشيعي بدور الشريك الآخر في الوطن.
ورأى مصدر مطلع لـ«الأنباء الكويتية» ان «هناك قناعة لدى الجميع بأنه لا أحد من كل الأفرقاء يستطيع ان يوصل مرشحه إلى سدة الرئاسة. وفي الوقت عينه، فإن كل طرف قادر على عرقلة مشاريع الآخرين، وتاليا ستبقى القضية في الحلقة المفرغة إلى ان يتم وقف الحرب على الحدود، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام مسعى إقليمي - دولي يجمع بين الأطراف لانتخاب رئيس للجمهورية، ما يشكل بداية لخروج لبنان من النفق الطويل».
وعبّر مرجع سياسي عبر الجمهورية»، عن قلق بالغ مما هو غير منظور من تطورات قد تبرز على مستوى الداخل والمنطقة في أن معا. فلا أحد يدرك موعد التسوية سواء اكانت قريبة او بعيدة المدى، ولا احد يملك صورة تقريبية عن تداعياتها والأساس الذي سترتكز عليه وأكثر من ذلك، لا أحد من أطراف الداخل يملك اجابة عن اليوم التالي لبنانيا لهذه التسوية أو عن القواعد التي ستبنى عليها أو عن الاثمان التي يمكن أن تدفع في ذلك الوقت. هذا الوضع، يضيف المرجع عينه، يؤكد أن المستقبل مجهول ما يوجب وقف سياسة دفن الرؤوس في الرمال، وجعل هذه الفترة فرصة لتحصين البلد بحل رئاسي توافقي عاجل، يجنب لبنان الوقوع في أي محظور لاحقا.
وردا على سؤال عما هو المحظور الذي يحذر منه وما اذا كان ينعى احتمالات التسوية، قال المرجع التسوية ستحصل في نهاية الأمر، بدءا من قطاع غزة، وامتداداتها ستصل الى لبنان. لكن ما يخشى منه هو أن تكون امام فترة انتظار طويلة جزاء ما نشهده من مماطلة وتعقيدات يفتعلها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنياميننتنياهو في طريق التسوية. وهو أمر يعزز احتمالات القلق من أن تترتب على ذلك تداعيات سلبية على كل الساحات يمكن أن تخرج عن السيطرة».
وجاء في افتتاحية" الجمهورية": على الرغم من الاجواء الملبدة في أجواء التسوية الرامية الى انهاء الحرب في غزة الا ان التقديرات السياسية والديبلوماسية ترجح بلوغها في مدى قريب فيما تذهب قراءات سياسية الى مستوى عال من التفاؤل بانسحابها تلقائياً على لبنان في غضون بضعة اسابيع ليس على شكل حلّ سياسي للمنطقة الحدودية فحسب، بل على شكل سلة متكاملة تبدأ من الجنوب الى الملف الرئاسي، تؤسس بدورها المسار حكومي جديد يدفع نحو انفراج سياسي ومالي واقتصادي واجتماعي. هذه القراءة المتفائلة تقابلها قراءة واقعية يبديها مصدر مسؤول معني مباشرة بمفاوضات الحل السياسي، بقوله لـ «الجمهورية»: التسوية ستحصل والحرب ستنتهي، لكن عقبات نتنياهو تؤخرها. وليس في الامكان هنا تقدير فترة المماطلة التي يلعبها نتنياهو. ولكن في نهاية الامر سيرضخ الى التسوية.
اضاف امّا في ما خص الشق اللبناني من التسوية، فلا رابط على الاطلاق بين الحل السياسي لمنطقة الحدود الجنوبية، وبين ملف انتخابات رئاسية الجمهورية، الذي يبدو اكثر تعقيداً من الملف الحدودي. ومن هنا فإن تكبير الحجر والحديث عن سلة متكاملة تحشر فيها الحل السياسي الحدودي مع الملف الرئاسي والملف الحكومي وسائر الملفات الاقتصادية والمالية، لا يعبر عن الواقع، بل لا معنى له على الاطلاق.
ويضيف المصدر: انه كما ليس في الامكان تحديد موعد دقيق لبلوغ تسوية او صفقة تبادل بين اسرائيل وحركة حماس ووقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ليس في الامكان تحديد موعد بلوغ الحل السياسي. فما هو مؤكد أن التسوية في غزة تمهد الطريق للبحث في حل سياسي على جبهة لبنان، ولكن متى سيتم بلوغه، وكم من الوقت سيستلزم ذلك، فذلك مرتبط بمسار المفاوضات التي ستحصل، وليس معلوماً مداها او ما يبرز خلالها من اشتراطات وغير ذلك.
وكشف المصدر ان ملف الحل السياسي جامد كلياً، وخلافاً لكل ما يقال، فلا حديث مباشراً او بصورة رسمية او غير رسمية حوله. حيث ان كل الاطراف، لا سيما الاميركيين باتوا مقتنعين بأن لا بحث جدياً في مفاوضات الحل السياسي الا بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. وبالتالي ما يحكى عن اجراءات او ترتيبات او انسحابات او اخلاء مواقع او مناطق، لا اساس له على الاطلاق».
ورداً على سؤال، قال المصدر: نسمع كلاما كثيرا وتحليلات عن معوقات ومطبات من شأنها أن تعيق الوصول الى صفقة تبادل، ولكن مستويات مختلفة في الادارة الاميركية تؤكد ان هذه الصفقة باتت أقرب من أي وقت مضى. اما بالنسبة الى ما خص لبنان فما زال الاميركيون يؤكدون ان احتمالات الحرب ضعيفة، ويصرون أنهم مصممون على رعاية تسوية وحل سياسي عبر الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين.
ولكن ماذا لو تغيّر هوكشتاين؟ يجيب المصدر عينه: اولاً ، احتمال أن يتغير هوكشتاين ممكن في حال تغيرت الادارة الاميركية الحالية. وثانياً، يجب ان ننتبه الى ان امامنا ستة أشهر لنعرف إن كان سيحصل تغيير ام لا. وهي فترة طويلة، فيما الاميركيون وفق ما نعرف باتوا أكثر استعجالاً من ذي قبل على إنهاء الحرب وإنجاز حل سياسي للمنطقة الجنوبية.