اختفاء أحكام شورى الدولة بقضية أساتذة "اللبنانية" المتعاقدين!
فيما كان الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية يعتصمون أمام وزارة التربية، للمطالبة بإقرار ملف التفرغ، اليوم الأربعاء في 24 تموز، كانت المجموعات الخاصة بهم تضج بخبر صدور قرار عن مجلس شورى الدولة، يتعلق بطعن تقدم به أكثر من 150 متعاقداً لم يشملهم ملف التفرغ في العام 2014. فرغم صدور أحكام عن شورى الدولة تلزم الجامعة اللبنانية والحكومة بتفريغ الأساتذة الذين صدرت لهم الأحكام، لم يتبلغ أي منهم رسمياً بعد.
الأحكام صدرت في شهر شباط
في متابعة "المدن" للملف، تبين أن رئيس الغرفة الرابعة في مجلس شورى الدولة، القاضي يوسف نصر، قد أصدر حكماً بالعديد من ملفات الطعون التي تقدم بها أساتذة من الجامعة، عبر محامين، ثبت حقهم في التفرغ في الجامعة اللبنانية، أسوة بزملائهم الذين تفرغوا في العام 2014. وقد صدر الحكم باسم الشعب اللبناني في شهر شباط المنصرم، أي منذ نحو خمسة أشهر. لكن لم يعرف إذا تبلغ وكلاء المستدعين بالقرار، أم أنهم تبلغوا ولم يبلغوا الأساتذة به.
مصادر شورى الدولة تؤكد لـ"المدن" أن مسؤولية التبليغ تقع على عاتق المحامين لتبليغ الأساتذة المستدعين، فيما المحامون الذين تواصلت معهم "المدن"، يؤكدون أنهم لم يتبلغوا، لأن لا أحكام صدرت بعد لموكليهم. فأين أختفت الأحكام؟
ووفق مصادر مطلعة على الملف، أصدر شورى الدولة أحكاماً بنحو 10 ملفات من أصل نحو 15 ملفاً تقدم بها الأساتذة عبر محامين. بعض الملفات كانت فردية لكن هناك ملفات تضم أكثر من سبعين مستدعياً. وقد وصل مجموع الأساتذة المتعاقدين الذين صدرت لهم أحكام تلزم الجامعة اللبنانية بتفريغهم إلى نحو 120 متعاقداً، فيما لا يزال هناك نحو خمسة ملفات لم يصدر فيها أي حكم بعد. فبعض هذه الملفات تحتاج إلى المزيد من المستندات لإثبات حقهم في التفرغ.
فتوى قانونية
تلفت المصادر إلى أن مجلس شورى الدولة لجأ إلى فتاوى قانونية تتعلق بتعطيل جزئي للقرار رقم 32 الذي تفرغ بموجبه نحو 1200 متعاقد في العام 2014، لأنه لم يذكر أسماء الأساتذة المستدعين في الطعن. وعليه صدرت الأحكام وكان يفترض أن يتبلغ أصحاب العلاقة. وحول أن عدداً من المستدعين تواصلوا مع قلم شورى الدولة للحصول على الحكم، وتبلغوا أن لا حكم صدر لهم بعد، أكدت المصادر أن الأحكام طالت نحو تسعة ملفات، من بينها ملف يصل عدد الأساتذة فيه إلى نحو سبعين شخصاً. لكن هناك ملفات لم تنجز بعد ويصل عددها إلى نحو خمسة ملفات. والذين استفسروا في قلم شورى الدولة وكان الجواب أن لا حكم صدر لهم، ربما هم من الأساتذة الذين لم تبت ملفاتهم بعد. غير ذلك هناك نحو 120 أستاذاً صدرت أحكام لهم بحقهم بالتفرغ. وباتت الجامعة اللبنانية والحكومة اللبنانية ملزمة بتنفيذ الحكم. أي على الحكومة إصدار مرسوم يضم هؤلاء الأساتذة إلى التفرغ، إلا إذا قررت الحكومة طلب إعادة المحاكمة.
وتشرح المصادر أن لدى الحكومة مهلة شهرين من تاريخ التبليغ، كي تقرر إذا كانت تريد إعادة المحاكمة. وهذا لم يحصل رغم مرور خمسة أشهر على صدور الأحكام. فلماذا لم يتبلغ لا المستدعين ولا المستدعى ضدهم هذه الأحكام؟ لا جواب رسمياً حول هذه القطبة المخفية.
عقدة التوازن الطائفي
الجواب غير الرسمي حول هذه القطبة المخفية ربما يعود إلى أساس مشكلة التفرغ في الجامعة اللبنانية وعقدة التوازن الطائفي. وتفيد مصادر مواكبة لملف التفرغ أن ثمة ضغوطاً تمارس كي يتم تفريغ أساتذة في الجامعة من دون مراعاة مبدأ التوازن الطائفي في لبنان. فغالبية الأساتذة الذين طعنوا بقرار التفرغ في العام 2014 ينتمون للطائفة الشيعية. وربما يريد البعض تفريغ هؤلاء من خارج ملف التفرغ الذي ما زال عالقاً في عقدة التوازن الطائفي، ولم يرفعه وزير التربية عباس الحلبي إلى مجلس الوزراء. فتفريغ أكثر من مئة أستاذ من الطائفة الشيعية، حصلوا حكم من شورى الدولة، يخفف الضغط "الشيعي" عن ملف التفرغ الحالي.
وتضيف المصادر أن ملف التفرغ الحالي ما زال يراوح مكانه، لأنه لم يراع لا التوزان الطائفي ولا الحاجات الفعلية للجامعة اللبنانية بتفريغ المتعاقدين. فقد تم إدخال عدد ضخم من المتعاقدين خلال السنوات المنصرمة من دون الخضوع للجان العلمية ومن دون إعلان شغور، ولا حاجة الجامعة لهم. وهذا أدى إلى الحاق ظلم كبير بالأساتذة المستحقين فعلياً للتفرغ. وأصطدم الجميع بجدار التوزان الطائفي، لا سيما أن إقرار ملف متوازن يؤدي إلى شطب أكثر من 300 أستاذ من الطائفة الشيعية ونحو 150 أستاذاً من الطائفة السنية. وبالتالي تفريغ الأساتذة الذين تقدموا بطعون لشورى الدولة سيصطدم بدوره بجدار التوزان الطائفي مرة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الأساتذة اعتصموا أمام وزارة التربية اليوم، وطالبوا بإقرار ملف التفرغ. وسبق الاعتصام توجه وفد من نحو خمسة أساتذة إلى عين التينة، لتسليم رسالة إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، لرفع المطلب عينه، لكنه لم يستقبلهم. وكذلك الأمر في وزارة التربية، حيث لم يكن الوزير الحلبي متواجداً فيها.