هل ينجز هوكشتاين ما بدأ به قبل الانتخابات الأميركية؟
ما هو أكيد أن كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين مستمرّ في المهمة المنتدب إليها أقّله حتى تشرين الثاني المقبل، أي أن أمامه ما يقارب الأربعة أشهر حتى يتمكّن من تحقيق شيء ما في البرّ يشبه ما سبق أن حقّقه في الترسيم البحري، باعتبار أن لا شيء مضمونًا تحقيقه ما بعد تشرين الثاني ما يمكن إنجازه قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصًا إذا فاز دونالد ترامب فيها، وقد لا يكون اسم هوكشتاين من بين الأسماء الذين يمكن أن ينضمّوا إلى لائحة مستشاري الرئيس الجمهوري في حال فوزه.
لذلك يرى المراقبون أن واشنطن تبدو مستعجلة لتحقيق إنجاز ما على الحدود البرّية بين لبنان وإسرائيل قبل انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن، اعتقادًا من الذين يحيطون به أن هذا الأمر من شأنه أن يحسّن من ظروف الحملة الرئاسية للحزب الديمقراطي، التي تبدو متعثّرة بعد سلسلة الهفوات التي يرتكبها الرئيس الحالي مباشرة على الهواء وأمام ملايين المشاهدين في الولايات المتحدة الأميركية وفي خارجها، فضلًا عن أن محاولة الاعتداء التي تعرّض لها ترامب قد تزيد من حظوظ تأييد الأميركيين له.
فتحرّك الموفد الرئاسي الأميركي في اتجاه بعض الدول الأوروبية، ومن بينها وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا، يهدف، بحسب بعض المراقبين، إلى إحياء عملية التنقيب عن الغاز والنفط في البلوكات اللبنانية البحرية، لا سيما في البلوكات الحدودية 8 و9 و10 الواعدة. إلاّ أن هذه العملية تحتاج إلى الحدّ الأدنى من الهدوء على الجبهة اللبنانية، التي قال عنها الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله إنها لن تهدأ ما دامت الحرب على غزة قائمة بأشكالها العدوانية المتعدّة الوجوه، فيما العكس قد يبدو متجانسًا أكثر مع استعداد "حزب الله" للدخول في مفاوضات الحدّ الأدنى من حفظ ماء الوجه، خصوصًا بعد أن يكون قد أدّى قسطه للشعب الفلسطيني في غزة.
وما هو أكيد أن مهمة هوكشتاين وغيره من الموفدين الدوليين ستبقى من دون ذي جدوى ما دام الوضع على الجبهة الغزاوية على ما هو عليه من تصعيد. فـ "حارة حريك" قالت كلمتها النهائية ووضعت نقطة على سطر المفاوضات، التي لا تأخذ في الاعتبار الضغط على تل أبيب لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني في القطاع، وهي أبلغت جميع المعنيين أن لا حديث معها عن أي حل قبل اطمئنانها إلى ما يضمن للشعب الفلسطيني العيش في سلام في دولة مستقلة وغير خاضعة للهيمنة الإسرائيلية. وهذا ما بات واضحًا لجميع الذين يحاولون دفع المفاوضات خطوات متقدمة بالتوازي بين جبهتي غزة والجنوب اللبناني.
فـ "حزب الله" غير مستعد للتنازل عمّا يعتبره حقًّا مشروعًا لمساندة غزة وأهلها حتى ولو أن الثمن الذي يدفعه من خيرة شبابه وما يدفعه الجنوبيون من تدمير لمنازلهم وحرق لحقولهم ومواسمهم وتشريدًا وتهجيرًا كبير جدًّا. فلا ضمانات مجانية بوقف عملياته الجنوبية، مع ما تخشاه إسرائيل من قيام "المقاومة الإسلامية" بما قامت به حركة "حماس" في 7 تشرين الأول الماضي. ولذلك فهي تطالبه عبر الموفدين الدوليين بسحب عناصره من جنوب الليطاني، أي ما مسافته نحو تسعة كيلومترات، وهي المسافة الكافية لتجنيب إصابة الدبابات الإسرائيلية بالصواريخ المضادة للدروع، والتي لا يبلغ مداها أكثر من سبعة كيلومترات كحدّ أقصى، وهي متوافرة لدى "المقاومة الإسلامية" بما يضمن منع إسرائيل من القيام بأي مغامرة برّية في اتجاه الجنوب. ولكن هذا المطلب قوبل في الماضي برفض مطلق من قِبل "حزب الله"، الذي طالب في المقابل على لسان الرئيس نبيه بري بأن تسحب إسرائيل جنودها في منطقتها الجنوبية إلى المسافة ذاتها التي تطالب بها في المنطقة الجنوبية، وذلك بالتوازي مع ما يسعى إليه هوكشتاين لجهة شمول ما يمكن الاتفاق عليه بعد أن تهدأ جبهة غزة وقف الأعمال العدائية بين الجانبين، أي وقف العمليات العسكرية من قبل "حزب الله" ولا سيما أنّ اسرائيل تخشى كثيراً من تكرار عملية "طوفان الأقصى" من الجهة الشمالية لمستوطناتها، ما يجعلها تُطالب بانسحاب "الحزب" من جنوب الليطاني مقابل وقف إسرائيل القصف والطلعات الجويّة والخروقات البحرية والبريّة وكل عملياتها العدوانية ضدّ لبنان. على أن يلتزم الحزب بعدم إقامة أبراج مراقبة عند الشريط الحدودي، ويقوم الجيش بتعزيز انتشاره في منطقة جنوب الليطاني.