رغم الحرب: "متفائلون بموسم سياحي واعد"
ارتفاع حدّة المعارك على الحدود الجنوبية ترافق مع تهديدات العدوّ بشن حرب كبرى في لبنان، وحملات تهويل أطلقتها دول عربية وغربية عبر بيانات لسفاراتها تدعو رعاياها للمغادرة، وتنصح المواطنين بعدم السفر الى لبنان. لكن هذه الحملة، التي تبدو مكشوفة للجمهور لجهة أنها جزء من الحرب النفسية، لم تنعكس بقوة على الموسم السياحي أو على قدوم المغتربين اللبنانيين الى لبنان.أول الدلائل على فشل هذه الحملة هو حركة الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث تشير الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للطيران المدني الى أن أعداد الوافدين خلال شهر حزيران الماضي بلغت 405 آلاف مسافر، مقارنة بـ 427 ألف وافد في حزيران عام 2023. وكانت نسبة المسافرين قريبة أيضاً، إذ بلغت 297 ألف مسافر في حزيران الماضي، مقابل 179 ألف مسافر في حزيران العام الماضي.
حركة الطيران خلال الشهر الماضي، تجعل أصحاب المؤسسات السياحية يتحدثون بتفاؤل عن الموسم السياحي. ويصفونه بـ"الموسم الواعد" هذا الصيف. ومع أنّ أشهر الذروة التي تكون بين تموز وآب من كل سنة، فإنّ «طلائع» الانتعاش السياحي بدأت بالظهور من خلال الحجوزات في مكاتب السياحة والسفر. ويقول رئيس نقابة هذه المكاتب جان عبود إن النسبة وصلت الآن الى رقم يتجاوز الـ 90 بالمئة. بالإضافة الى زيادة شركات الطيران في عدد رحلاتها المحددة في الجداول اليومية، حيث رفعت شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل إيست» رحلاتها من ثلاث قبل أسبوعين إلى ست رحلات الآن، كما زادت شركة «إيفرست إير» من ثلاث رحلات إلى خمس، ما يعني أنّ الطلب يفوق العرض. غير أنّ الشعور بالأمان والاستقرار نسبياً ينسحب على اللبنانيين الذين يغادرون البلاد للاستجمام، ويقول عبود إننا "نواجه ضغطاً كبيراً في تسيير رحلات السياحة إلى تركيا، وهناك 5 طائرات تغادر يومياً إلى إسطنبول و5 أخرى إلى الساحل التركي".
بدوره، عبّر المدير العام للطيران المدني فادي الحسن عن التفاؤل بارتفاع نسبة حركة الطيران والمسافرين مع بداية الموسم السياحي الصيفي، ويتحدث عن «90 طائرة تحطّ في المطار و90 أخرى تغادره يومياً، وتسيير رحلات إضافية من دبي وإسطنبول كونهما محطتَي ترانزيت لعدد من الركاب». ويضيف الحسن أنه "باستثناء الطيران السعودي المتوقّف عن العمل في لبنان قبل العدوان الإسرائيلي، فإن جميع خطوط الطيران تعمل بقوة، وتستعمل «الميدل إيست» أسطولها الجوي بالكامل ويبلغ 23 طائرة تجارية، 21 منها تبيت في بيروت، فيما تبقى واحدة في قبرص وأخرى في تركيا.
أما في ما يخصّ قرار شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» إلغاء الرحلات الليلية والإبقاء على رحلة واحدة نهارية في اليوم، والذي أحدث بلبلة في الأيام السابقة، فيعيده الحسن «لأسباب تجارية بالدرجة الأولى ترتبط بتراجع الطلب على السفر عند الساعة الرابعة فجراً، إلى جانب هاجس الشركة من الإقلاع ليلاً بعد أحداث 7 تشرين الأول وتفضيل الطيران النهاري الآمن".
ويشكل اللبنانيون في بلاد الاغتراب، وخصوصاً الآتين من الدول العربية وأفريقيا النسبة الكبرى من الوافدين (بين الـ 60% و70%)، فيما تنحصر السياحة الأجنبية في الجنسيات العربية وخاصة السورية والعراقية وبنسبة أقل المصرية والأردنية ويشكّلون جميعاً 25% من الوافدين، ويبقى هناك قلّة من السيّاح الأجانب القادمين من أوروبا لا تتخطّى نسبتهم الـ 5%، ويقول جان عبود إن هؤلاء «يقصدون لبنان بشكل فردي وليس ضمن مجموعات»، موضحاً أنّ «تراجع السياحة العربية من دول الخليج يعود إلى ما قبل الحرب ولأسباب سياسية».
عملياً، يعوّل العاملون في القطاع السياحي على المغتربين لتنشيط السياحة في لبنان هذا الصيف. لكن الحركة الاقتصادية لن تشمل كل القطاعات كما يفترض. ويقول رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي إن قطاعه لن يتفاعل كلّه نظراً "إلى عدم حاجة المغتربين للفنادق والتي تراجعت نسبة إشغالها إلى 17%، أو مكاتب تأجير السيارات التي تعمل بنسبة دون الـ 20%، أو المرشدين السياحيين أو بيوت الضيافة... وهو ما يطلبه السائح في العادة». لكن الرامي يقول إن النشاط في قطاع المطاعم يبقى مقبولاً. ويشدد الرامي على أن أصحاب المؤسسات السياحية يؤمنون بأن «لا سياحة من دون أمان»، لذلك فالجميع يترقّب بحذر كيف ستسير الأوضاع الأمنية.