اخبار لبنان اخبار صيدا اعلانات منوعات عربي ودولي صور وفيديو
آخر الأخبار

المشهد الانتخابي "يغزو" العالم... هل تنتقل "العدوى" إلى رئاسة لبنان؟!

صيدا اون لاين

رغم أجواء الحرب التي لا تزال تسيطر على المنطقة، من غزة العالقة في دوامة العدوان الإسرائيلي المستمرّ منذ نحو تسعة أشهر، وسط استعدادات للانتقال إلى ما تسمّى "المرحلة الثالثة" منه، إلى جنوب لبنان الذي يستمرّ قرع طبول الحرب فيه، ربطًا بما يجري في القطاع الفلسطيني، تصدّر المشهد الانتخابي الاهتمامات في الأيام الأخيرة، على المستويين الإقليمي والدولي، من إيران إلى الولايات المتحدة، مرورًا بفرنسا وبريطانيا.
ففي الولايات المتحدة، مناظرةٌ أولى بين "الخصمين اللدودين"، الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، شغلت العالم بأسره، في إطار سباق متجدّد نحو البيت الأبيض، يبدو أنّه سيصبح "الحدث من دون منازع" في الأشهر القليلة المقبلة. وفي إيران، انتخابات رئاسية "مبكرة" تُنجَز الجمعة بتتويج رئيس جديد للبلاد، بعدما فرضها مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرته المفاجئ قبل أسابيع.

 

وفي أوروبا لا يبدو المشهد مغايرًا، على وقع انتخابات متنقّلة من فرنسا إلى بريطانيا، يبدو أنّ "المفاجآت" تشكّل عنوانها شبه الأوحد، ولا سيما في فرنسا، التي التحقت بغيرها من الدول الأوروبية، بعدما أظهرت نتائج الجولة الأولى التي شهدت إقبالاً منقطع النظير، صعودًا غير مسبوق لليمين المتطرف، وضع معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون في المرتبة الثالثة، ودفع رئيس الوزراء إلى التحذير من أنّ اليمين أصبح "على أعتاب السلطة".
أما في لبنان، فلا شيء يوحي بأيّ حركة أو بركة، لا على مستوى الانتخابات الرئاسية المؤجَّلة منذ تشرين الأول 2022، ولا على غيرها من المستويات، بل إنّ الحديث يتصاعد عن تأجيل محتمل للانتخابات النيابية بعد التمديد للمجالس البلدية، إن لم يتمّ انتخاب رئيس في الأشهر القليلة المقبلة. فأين يتموضع لبنان عمليًا وسط هذه المشاهد الانتخابية؟ ومتى تنتقل العدوى إليه فيتحرّك الاستحقاق الرئاسي فيه؟ وماذا عن المبادرات "المجمَّدة" على خطه؟

قبل أيام، أطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري تصريحًا وصف فيه شهر تموز الحالي بـ"الحاسِم"، تصريحٌ فُهِم للوهلة الأولى أنّ المقصود به هو الحرب مع إسرائيل، قبل أن يسارع المحسوبون على بري للتأكيد أنّه يسري أيضًا على ملف رئاسة الجمهورية، باعتبار أنّ هذا الشهر "مفصلي"، فإما يُنجَز فيه التفاهم ويُنتخَب رئيس للجمهورية، وإما تذهب الأمور إلى انتظار طويل، وربما قاتل، حتى مطلع العام، باعتبار أنّ الأشهر المقبلة بحكم "الميتة"، في السياسة.

بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ كلام رئيس المجلس أراد منه "تحريك" الملف الرئاسي بصورة أو بأخرى، هو الذي كان أول "المبادرين" على خطّه بالدعوة إلى حوار لم يبصر النور بعدما اصطدم بأكثر من "فيتو"، ولهذا "التحريك" العديد من الأسباب والاعتبارات، بعضها يرتبط بوقائع الحرب في جنوب لبنان، وبما يُطبَخ من "تسويات" في الإقليم، لا بدّ من وجود رئيس ليواكبها، ويكون لبنان بالتالي حاضرًا على طاولة المفاوضات، متى حان أوانها.
وإلى هذا العامل الجوهري، ثمّة من يضيف عاملاً آخر مرتبطًا بالتوقيت، فعدم انتخاب رئيس هذا الشهر قد يعني ترحيل الاستحقاق إلى أشهر طويلة مقبلة، وربما إلى العام المقبل بالحدّ الأدنى، باعتبار أنّ الملف لن يحظى بأيّ أولوية دوليّة في المرحلة المقبلة، لا على مستوى "الخماسية" العربية والدولية، ولا على غيرها من المستويات، خصوصًا بعد أن يتفرّغ الأميركيون لانتخاباتهم الرئاسية، التي سيُجمَّد كلّ شيء بانتظار طيّ صفحتها.
ولأنّ لبنان اعتاد على "ربط" استحقاقاته بكلّ ما يجري في العالم، سواء كان معنيًا به أم لا، ثمّة من يعتقد أنّ مثل هذا التأجيل سيوقظ بدوره "الرهانات" على توظيف الانتخابات الأميركية على مستوى الرئاسة اللبنانية، وهو طرحٌ قد يبدو غريبًا للبعض، باعتبار أنّ لا علاقة بين الأمرَين، إلا أنّ العديد من "السوابق" تسمح بالاعتقاد أنّ جهات عدّة ستفضّل انتظار ما بعد الانتخابات الأميركية، لعلّها ترسم "معادلات جديدة" على خطّ الرئاسة.

عمومًا، وبعيدًا عن التحليلات والاستنتاجات، وربما الرهانات التي يتمسّك بها اللبنانيون على بعض الاستحقاقات التي قد ترفع أسهم مرشح من هنا وتخفض أسهم آخر من هناك، فإنّ الثابت وفق ما يقول العارفون هو أنّ لا جديد فعليًا على خط المبادرات الرئاسية، التي تبدو "مجمَّدة" حتى إشعار آخر، وكلّ ما يُحكى عن احتمال "تحريك" بعضها يبقى محصورًا في خانة "جس النبض"، طالما أنه يفتقد إلى الجدية المطلوبة.

فصحيح أنّ العديد من التسريبات أشارت إلى أنّ المجموعة الخماسية حول لبنان تستعدّ للتحرك من جديد، بعد تجميد نشاطها منذ الزيارة الأخيرة للمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، إلا أنّ أيّ معطيات حقيقية حول هذا التحرك لم تلُح في الأفق بعد، ولا سيما أنّ حراكها يستند إلى مبادرة كتلة "الاعتدال" المعلَّقة هي الأخرى، وإن تحدّث بعض أعضائها عن اجتماع مرتقب لها لتحديد خريطة طريق المرحلة المقبلة.
ويسري الأمر نفسه على سائر المبادرات، أو ما يتفرّع عنها، ومنها حراك "اللقاء الديمقراطي" الذي دخل "التيار الوطني الحر" على خطه، علمًا انّ بعض التسريبات أشارت إلى أفكار جديدة سيطرحها رئيس "التيار" الوزير السابق جبران باسيل من أجل تجاوز "عقدة" الحوار أو التشاور الذي لا يزال يصطدم بـ"فيتو" المعارضة، وتحديدًا "القوات اللبنانية"، بما يتيح الجلوس على الطاولة، تمهيدًا للذهاب إلى "الخيار الثالث" الذي يدفع باسيل باتجاهه.

ومع كثرة المبادرات والأفكار، يبقى الثابت أنّ لا جديد رئاسيًا يُحسَب له الحساب، وأنّ كلّ ما يُطرَح في الأوساط السياسية هو محاولة لملء الوقت، طالما أنّ النيّة لا تزال غير متوافرة بالتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية، وطالما أنّ كلّ فريق لا يزال يبحث عن "انتصار" يحققه على الطرف الآخر، وطالما أنّ لعبة "تقاذف" كرة المسؤولية لا تزال الطاغية على كلّ ما عداها، في مشهد بات مملاً لكثرة ما يتكرّر.

في النتيجة، يمكن القول إن لبنان الذي "يتفرّج" على استحقاقات العالم الانتخابية، من دون أن تكون له أيّ "حصّة" فيها، ولا يتردّد في "الرهان" عليها لقلب موازين القوى بهذا الشكل أو ذاك، لا يزال بعيدًا عن إنجاز استحقاقاته، بل إنّ هناك من يذهب في التشاؤم أبعد من ذلك، لحدّ القول إنّ مجلس النواب الحالي لن ينتخب رئيسًا للجمهورية، بل إنّ المفارقة أنّ هناك من بدأ يحضّر لمكافأة هذا المجلس على أدائه، عبر التمديد له، لإطالة أمد الأزمة ربما!.

تم نسخ الرابط