مواجهات الجنوب: سباق بين السياسة والميدان
سباق فعلي يحكم الساحة السياسية اللبنانية والاقليمية، بين المسار العسكري وتحديدا بين "حزب الله" واسرائيل وبين المسار الديبلوماسي الذي تقوده واشنطن في محاولة لمنع توسع الحرب جنوب لبنان لتصبح معركة شاملة قد تطال شظاياها كل المنطقة من دون استثناء.
ولعل السخونة المتزايدة في الميدان توحي بأن عملية الضبط تكاد تصبح صعبة مع مرور الاسابيع، اذ ان الحزب يسعى بشكل صارم الى ردع اسرائيل واللعب على حافة الهاوية، فبات قصف صفد مثلا امرا يتكرر بإستمرار ردا على استهداف منزل فارغ في النبطية.
الاشارات العلنية التي ترسلها واشنطن وتلك التي تنقل عبر الاوساط الديبلوماسية، تؤكد ان الحرب مرفوضة دوليا وتوسيعها امر لن تقبل به واشنطن، ولعل احجامها عن دعم اسرائيل بالسلاح، او الاصح ببعض انواعه لجعلها غير قادرة على فتح جبهة واسعة مع جهة مثل "حزب الله"، كما ان تل ابيب وبالتوازي مع التهديدات الاعلامية والاجراءات العملية التي توحي بقرب تحول المعركة الىواسعة، بدأت تعطي اشارات علنية بأن التصعيد غير وارد حاليا.
في الايام الماضية نقلت تطمينات لـ"حزب الله" بأن الجنون الاسرائيلي قد تم كبحه، وبالرغم من ان "الحزب" لا يبالي بمثل هذه التطمينات، كما تقول اوساذه، خصوصا انها تأتي بالتوازي مع ليونة عربية كبيرة تجاهه وايجابية استثنائية لم يحصل عليها منذ سنوات، الا انه يتعامل بإيجابية مماثلة ويحافظ على مستوى واسع من ضبط النفس فلا يوسع استهدافاته الا عندما تتخطى اسرائيل قواعد المعركة المعمول بها منذ السابع من تشرين الاول.
في اطار الحراك الديبلوماسي ينتظر ما سينتج عن زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الى واشنطن، اذ سيعلن الانتصار على حماس من دون اعلان وقف اطلاق النار، وهذا ما حصلت الولايات المتحدة الاميركية على جواب لبناني في خصوصه يقول، كما تقول اوساط معنية، بأن الانتقال الى المرحلة الثالثة في غزة لا يعني ابدا وقف اطلاق النار من لبنان، اي ان تخفيف التصعيد في غزة من دون تسوية مرضية للمقاومة الفلسطينية لن تجعل "حزب الله" يتراجع عن مطالبه.
هذا الامر يعني ان الجبهة اللبنانية، وفي حال عدم توسع الحرب، ستبقى مفتوحة ضمن الوتيرة الحالية لعدة اشهر الى الامام، خصوصا ان هناك اعتقادا ان نتيناهو يسعى الى تمرير الوقت في انتظار الانتخابات الاميركية وفوز الرئيس السابق دونالد ترامب كي يعطيه ضوءاً اخضر لفتح جبهة قد توصل الى حرب اقليمية مع ضمانة واضحة بدخول واشنطن بالحرب بشكل مباشر في حال فقدت اسرائيل السيطرة.
كل الهم الاميركي اليوم هو الحفاظ على مستوى منخفط من المواجهات العسكرية في جنوب لبنان، ومن اجل ذلك ينشط المبعوث الخاص للرئيس الاميركي اموس هوكشتاين منذ زيارته الاخيرة الى بيروت من اجل ايجاد حلول وضمانات نهائية، فيتواصل مع الفرنسيين حينا ومع الاسرائيليين احيانا ثم يعود للاتصال بالجانب اللبناني الرسمي، وقد باتت لديه قناعة بأن اسرائيل تراجعت عن رغبتها بالتصعيد وان "حزب الله" ملتزم بسقف معين من العمليات العسكرية اليومية.