هآرتس: حرب برّية محدودة.. ومشاريع استيطان جنوب الليطاني!
أشارت صحيفة "هآرتس" العبريّة، إلى أنّه "خلال الأشهر الثّمانية الأولى من الحرب، لم تكن لدى صُنّاع القرار أيّة نوايا حقيقيّة للدخول في حرب برّيّة في لبنان. لقد هدّدوا بتصريحات متغطرسة من قبيل "الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله سيرتكب خطأ حياته"، إلّا أنّه كان من الواضح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وزير الدّفاع الإسرائيلي يوآف غالانت والقيادة العسكريّة، أنّه لا جدوى من مثل هذه المواجهة، وأنّها لن تحقّق أيّة نتيجة لا يمكن تحقيقها بالطّرق الدّبلوماسيّة؛ وأنّ الثّمن سيكون باهظًا ويفوق القدرة على تحمّله".
المهانة الثقيلة
ولفتت في مقال، إلى أنّه "خلال الأسابيع الأخيرة، تغيّر الوضع قليلًا. الإهانة الّتي يتسبّب بها حزب الله أصبحت ثقيلة جدًّا. تشويش روتين الحياة في الشّمال، دخول الطّائرات المُسيَّرة، انكشاف الخاصرة الرّخوة الإسرائيليّة، وبات من الصّعب جدًّا على نتانياهو احتواء ذلك كلّه". وركّزت الصّحيفة على أنّ "هكذا، وُلدت فجأة حربٌ "رخيصة"، فلم يعد الحديث يجري عن إعادة لبنان غلى العصر الحجري ولا عن احتلال أراضٍ حتّى نهر الليطاني. أصبح الحديث يجري عن مناورة بريّة محدودة، على امتداد بضعة كيلومترات، هدفها الأساسي هو القول لسكان شمال البلاد: لقد أُزيل تهديد الاختراق البرّي على غرار ما حدث في 7 تشرين الأوّل الماضي، وبإمكانكم العودة إلى بيوتكم".
وذكرت أنّ "حتّى اتفاق التّرتيبات، الّذي أصبح ناجزَا عمليًّا، لم يعد من الممكن وضعه موضع التّنفيذ. فقد كان مشروطًا منذ البداية بتسوية في الجنوب (غزة)، لكن هذه لا تلوح في الأفق"، مبيّنةً أنّ "صفقة التّبادل لإعادة المخطوفين أصبحت غير ممكنة، ويبدو أنّنا ذاهبون إلى حرب استنزاف في قطاع غزة، مع تطلّع غير واقعي بأن يتمّ القبض على رئيس حركة حماس في غزة يحيى سنوار في يوم من الأيّام، ربّما؛ فيكون بإمكاننا عندئذ أن نعلن أنّنا انتصرنا".
قرار سيء
كما أوضحت أنّ "من شأن هذه العوامل أن تجعل العمليّة البريّة في الشّمال ممكنة، وذلك للمرّة الأولى. سيكون هذا قرارًا سيئًا"، مشدّدةً على أنّ "الوضع قاسٍ ومُهين، غير أنّ عمليّة بهذا الأسلوب قد تعقّده وتفاقمه أكثر. من الصّعب رؤية كيفيّة تحقيق أيّة فائدة منها". وأضافت "هآرتس": "سيعلن المتحدّث الرّسمي باسم الجيش الإسرائيلي عن بطولة المقاتلين (الحقيقيّة)، عن اغتيال مخرّبين وعن تفجير ملاجئ مُحصَّنة تحت الأرض، لكن الجيش لن يبقى متمركّزًا في المنطقة بعد انتهاء العمليّة. لن يكرّر أيّ شخص كان خطأ الحزام الأمني"، مشيرةً إلى أنّه "عندما يخرج الجيش، لن يكون بالإمكان الادّعاء حقًّا بأنّ تهديد الاختراق البرّي قد أُزيل تمامًا ونهائيًّا. سيضطر الجانبان في كلّ الأحوال، إلى العودة إلى اتفاق التّسوية الّذي كان قد وُضع على الطّاولة".
استيطان جنوب الليطاني؟
وعلى وقع التوتر القائم على الجبهة الجنوبية، عمدت مجموعة "أبناء جلود الشمال- حركة الاستيطان في جنوب لبنان" الإسرائيلية إلى التحريض على احتلال جنوب لبنان، من خلال مؤتمر عن بعد عقدته قبل نحو 10 أيام، مقدمة فيه "رؤيتها" بشأن إقامة المستوطنات بين حدود إسرائيل الشمالية ونهر الليطاني. وقد تحدث خلال هذا المؤتمر بن أرتسي، شقيق سارة نتانياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، معتبراً أنه "يجب أن نتوقف عن استخدام مصطلح لبنان". وأشار إلى أن "الحدود الموجودة اليوم مصطنعة بالكامل، إذ أن الجليل يمتد إلى الليطاني، وهو كتلة جبلية لا يمكن فصلها إلى أجزاء".
بينما تطرق المحامي دورون نير تسفي إلى المسألة القانونية الافتراضية لاستيطان جنوب لبنان بعد احتلاله، مشيراً إلى أن سابقة الإستيطان في الضفة الغربية تظهر أنه حتى من دون الضم يمكن تسوية منطقة ما، وأن التسوية قد تحظى بموافقة دولية. كما ذكر بأن ضم الجولان حظي باعتراف دولي من الرئيس الأميركي ترامب، الذي صرح بأن الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل، موضحاً أن "تعريف التسوية المستقبلية في جنوب لبنان بأنها تسوية لأسباب أمنية، قد يبسط المسار القانوني للاعتراف بشرعيتها".
بالتزامن، ناقش الرائد الاحتياطي عمياد كوهين، الذي كان يخدم على الحدود مع لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية، الفوائد الأمنية لاحتلال جنوب لبنان حتى نهر الليطاني، معتبراً أن "مجرد معرفة حزب الله أنه سيدفع ثمناً باهظاً، على شكل احتلال جنوب لبنان، في حالة نشوب حرب ضد إسرائيل، قد يهدئ رغبة في ذلك".
تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر ليس العمل العلني الأول لـ"حركة الاستيطان في جنوب لبنان"، التي أسسها الباحث في الذكاء الاصطناعي من جامعة بار إيلان، عاموس عزاريا. وهي كانت قد أقدمت، في الفترة الماضية، على إرسال مئات المنشورات إلى لبنان باستخدام البالونات، دعت فيها سكان جنوب لبنان إلى إخلاء منازلهم.