"أسوشيتد برس":حملات إسرائيل الجوية والبرية بغزة أبادت سلالات بأكملها
نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الاثنين تحقيقاً موسعاً وثق استشهاد عائلات فلسطينية بأكملها في حرب الإبادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وأكدت الوكالة أن الهجمات الجوية والبرية الإسرائيلية في القطاع المحاصر تبيد عائلات فلسطينية بأكملها، "لدرجة لم يسبق لها مثيل"، مشيرة إلى أن سلالات بأكملها وأحياناً 4 أجيال من العائلة نفسها تُقتل في غارات جوية واحدة، أو سلسلة غارات على أفراد من العائلة نفسها كانوا يحتمون معاً من القنابل، و"الأمر يحصل في كثير من الأحيان من دون تحذير مسبق من القصف".
وأضافت الوكالة أنه ما لا يقل عن 60 عائلة فلسطينية استشهد فيها 25 شخصاً أو أكثر، في غارات بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر من العام 2023، خلال "المرحلة الأكثر دموية وتدميراً في الحرب".
عائلات أبادتها إسرائيل
ويخلص التحقيق إلى أن عائلات عدة في قطاع غزة لم يتبق لديها أحد تقريباً لتوثيق عدد الشهداء، فيما لا يستطيع آلاف الأشخاص تحديد جميع شهدائهم بسبب وجود الكثير من الجثث تحت الأنقاض.
ورصدت "أسوشيتد برس" أعداد الشهداء بحسب العائلات، وتبين من خلال ذلك أنه من بين الأكثر تضرراً عائلة المغربي، التي استشهد منها أكثر من 70 شخصاً في غارة إسرائيلية واحدة في كانون الأول/ديسمبر، تليها عائلة أبو النجا التي استُشهد منها أكثر من 50 فرداً في غارات في تشرين الأول/أكتوبر، بينهم امرأتان حاملتان على الأقل.
وفقدت عشيرة دغمش بحسبغ الوكالة، 44 فرداً على الأقل في غارة على أحد المساجد، ليرتفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 100 بعد أسابيع. أما عائلة أبو القمصان فقد خسرت أكثر من 80 فرداً بحلول الربيع.
وشملت مراجعة الوكالة سجل الشهداء الصادر عن وزارة الصحة في قطاع غزة حتى آذار/مارس وإشعارات الوفيات عبر الإنترنت وصفحات وجداول البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالعائلات والأحياء وحسابات الشهود والناجين، بالإضافة إلى بيانات من "إير وورز" وهي منظمة لمراقبة الصراعات.
استهدافات دون أهداف عسكرية
وحددت الوكالة الموقع الجغرافي لعشر غارات إسرائيلية وتحليلها، وهي من بين أكثر الهجمات دموية في الحرب، والتي أدت مجتمعة إلى استشهاد أكثر من 500 شخص، في الفترة بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و24 كانون الأول/ديسمبر.
وتقول الوكالة إن الغارات العشر التي حللتها، استهدفت بشكل أساسي مباني سكنية ومنازل وملاجئ، حيث كان الأهل والأطفال والأجداد يجتمعون معاً بحثاً عن الأمان، مشيرة إلى أنه لم يكن هناك بأي حال من الأحوال أي هدف عسكري واضح أو تحذير مباشر لمن كانوا داخل هذه المباني.
وخسرت عائلة سالم ما مجموعه 270 من أفرادها، وذكرت الوكالة أن العائلة رفعت العلم الأبيض على مبناها الذي كان في وسط منطقة قتال، وأبلغت الجيش الإسرائيلي أنها لن تغادر لأنه لا يوجد مكان آمن.
وأضافت: "قتل 170 فرداً من العائلة في غارتين بفارق 8 أيام. ومنزل العائلة في شمال غزة الذي دمّر مرتين عامي 2009 و2014، بات الآن عبارة عن هيكل محترق من الداخل".
كما أسفرت 3 غارات على مدى 4 أسابيع عن استشهاد 30 شخصاً من عائلة الآغا، فيما أدت سلسلة من الغارات على مخيم للاجئين في كانون الأول/ديسمبر إلى استشهاد 106 أشخاص من 4 عائلات على الأقل.
وأشارت الوكالة إلى أن القنابل الإسرائيلية دمرت مجموعة كاملة من المباني في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر، واستشهد في الغارات ما يقرب من 40 فرداً من عائلة أبو القمصان، في حين لا يزال عدد شهداء الغارة الإجمالي غير معروف. ويومها، زعمت إسرائيل أنها استهدفت قائداً كبيراً في حركة حماس.
إسرائيل خففت معاييرها
ويقول المحاضر في جامعة "نيوكاسل" كريغ جونز بما يخص الحرب على غزة إن إسرائيل خففت بوضوح معاييرها في ما يتعلق بالخسائر في صفوف المدنيين.
وأضاف جونز الذي درس دور المحامين العسكريين الإسرائيليين أن "قانون الحرب يسمح بنوع من أشكال الحرب المتسرعة حيث يحتاج الجيش إلى الاستجابة بسرعة وفي الظروف المتغيرة"، مؤكداً أن "إسرائيل تنتهك القانون بشكل واضح للغاية لأنها تتجاوز حدود القواعد بشكل صارخ".
ويقول رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده: "الفلسطينيون سيتذكرون عائلات بأكملها اختفت من حياتهم، كأنما قرية أو قرية صغيرة قد محيت تماماً".
وفي السياق، يقول المؤرخ الفلسطيني الأميركي في جامعة كولومبيا رشيد الخالدي إن هذه الحرب أكثر فتكاً من نكبة عام 1948، التي استشهد فيها 20 ألف شخص. ويضيف: "لا أعتقد أن التاريخ الفلسطيني الحديث شهد أمراً مماثلاً".
بدورها، تشير مديرة منظمة "إير وورز" إميلي تريب، إلى أن محققيها واجهوا صعوبة في التعامل مع مقتل أجيال من عائلات بأكملها، مضيفة "في بعض الأحيان كان علينا إنشاء شجرة عائلية لفهم الضرر المدني".