انقطاع الوقود ينهك الغزيين: معاناة إيجاد البدائل
تعبق الشوارع الغزية، في هذه الأيام، برائحة «المقالي»، لا الصادرة من بيوت أهالي القطاع، بل من السيارات التي أصبحت تستخدم زيت الطهو بديلاً من الوقود، بعدما أغلق الاحتلال الإسرائيلي المعابر، ومنع دخول هذه المادة إلى قطاع غزة، الأمر الذي انعكس معاناة يومية في مختلف مناحي الحياة، وعلى رأسها الحصول على الخبز وخدمات الكهرباء والمياه والمواصلات. وعن ذلك، تقول الحاجة أم طلب (65 عاماً): «آتي لعيادة الشيخ رضوان الصحية لعمل علاج طبيعي بعدما دبّت الآلام والأوجاع في قدمي ويدي وظهري. فبعد انقطاع الوقود لم تعد تعمل المخابز، وأصبحنا نعد الخبز بأيدينا، فضلاً عن ندرة المواصلات الغالية الثمن، بحيث نضطر للسير مسافات طويلة لم نكن نسير مثلها في الوضع الطبيعي». وتتابع الحاجة، في حديثها إلى «الأخبار»، أنه «حتى هنا أزمة الوقود تلاحقنا، فالجلسة التي تكون مدتها نصف ساعة إلى ساعة أصبحت تأخذ وقتاً أطول بسبب توقف مولّد الكهرباء عن العمل وبالتالي توقّف الأجهزة الطبية حتى عودة الكهرباء».أما السائق أحمد الترك (29 عاماً)، فيعبّر عن استيائه من ندرة الوقود، والذي دفعه إلى استخدام زيت الطهو، قائلاً: «الآن عدت من محل التصليح بعدما تعطّل موتور السيارة، والذي كلّفني مبلغاً كبيراً نتيجة استخدام زيت الطهو بدلاً من وقود السولار»، علماً أن سعر ليتر زيت الطهو ارتفع أيضاً ليصبح 17 شيكلاً بدلاً من 7 شواكل. ويصف السائق محمود الصوالحي (25 عاماً)، بدوره، وضع السائقين بأنه «مأساوي، بعدما انعدم دخول الوقود وارتفع سعر السولار في السوق السوداء مئة مرة، فتكلفة الليتر الواحد منه تسجل حالياً 70 شيكلاً بعدما كان سعره في الوضع الطبيعي 6 شواكل»، مشيراً إلى أن ذلك «أدى إلى رفع سعر المواصلات من شيكل واحد إلى 5 شواكل». ويضيف: «لا يمكن أن نرفع السعر أكثر كي لا نثقل كاهل المواطنين، الذين يفضّلون في كثير من الأوقات المشي لعدم توفر المال معهم».
من جهته، يؤكّد حمزة ياسين، وهو مدير «محطة عبد السلام ياسين» لتحلية مياه الشرب، أن المحطة تعاني من قلة الوقود وعدم توفّره في القطاع، «فنضطر لشراء السولار من السوق السوداء بسعر مرتفع جداً، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر كوب المياه من خمسة شواكل إلى مئة شيكل». ويتابع أن «العبء يزداد أيضاً على سيارات نقل المياه، والتي تحتاج إلى الوقود هي الأخرى، فنضطر لاستخدام زيت الطهو مع السولار كي نقدّم الخدمة للمواطنين، ونوصل المياه إلى أماكن تواجدهم قدر المستطاع، علماً أننا المحطة الوحيدة لتحلية المياه في محافظة غزة،». ويناشد ياسين المؤسسات الدولية توفير الوقود للمحطة «كي لا تتوقف عن العمل، ويضطر الناس لشرب المياه المالحة، على غرار ما حدث في الأشهر الماضية».
ويذكّر المتحدث باسم المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، بأنه مذ شن جيش الاحتلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، اتخذ قراراً على لسان وزير حربه، يوآف غالانت، بمنع كل شيء عن القطاع بما في ذلك الوقود، مشدّداً على أنه «في ذلك جريمة ضد الإنسانية وضد القانون الدولي». ويوضح الثوابتة، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الاحتلال أغلق كل المعابر النافذة إلى غزة، وقبل 38 يوماً أغلق معبري رفح وكرم أبو سالم واللذين تمّ فتحهما إثر الهدنة الإنسانية، وبالتالي منع بشكل كامل إدخال الوقود إلى القطاع، ما أدى إلى تعطل 98% من المخابز، إضافة إلى تعطل ما تبقّى من آبار المياه التي استهدف منها 700 بئر». ويضيف أن «عدم إدخال الوقود هو كارثة إنسانية حقيقية يتسبب بها الاحتلال، بالإضافة إلى سياسات التجويع والتعطيش والقتل التي ينفّذها ضد المدنيين».
ويشير الثوابتة إلى أن المكتب الإعلامي الحكومي أصدر أكثر من 100 بيان ومؤتمر صحافي «خاطبنا فيها المؤسسات الدولية، وطالبناها بالضغط على الاحتلال من أجل إدخال الوقود وفتح المعابر لإدخال البضائع والمواد الغذائية»، مضيفاً أن «الاستجابة كانت ضعيفة، فضلاً عن رفض الاحتلال مطالب المؤسسات التي تستجيب للنداءات». ويحمّل الثوابتة الاحتلال المسؤولية عن كل تلك الجرائم، داعياً «كل دول العالم والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى الضغط عليه لوقف الإبادة الجماعية ومن ثم إدخال المساعدات».