بالأدلة والشهود..تقرير يثبت ارتكاب إسرائيل جريمة حرب في جباليا
أفاد تحقيق حول مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مجمع سكني بمخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، بأن غارات جوية إسرائيلية قصفت بأسلحة أميركية مربعاً سكنياً يعرف بمربع آل أبو عيدة، ويتضمن مباني سكنية تؤوي مئات المدنيين والنازحين، ما تسبب باستشهاد نحو 120 شخصاً معظمهم من عائلة واحدة.
وكشف تحقيق للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الحادثة وقعت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر، وتمثلت ب"جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد مدنيين، في إطار هجومه العسكري واسع النطاق الذي يشنه ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، والذي يمثل جزءاً من جريمة الإبادة الجماعية الأوسع التي يرتكبها ضد الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر".
وأضاف أن "الاستهداف كان إما متعمداً مباشراً أو عشوائياً مفرطاً، وكل منها يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان وفقاً لنظام روما الأساسي".
وفي إطار تحقيقاته، زار الفريق الميداني للمرصد مرات عدة المربع السكني المعروف بمربع آل أبو عيدة قرب دوار الستة الشهداء في منطقة الفالوجا في مخيم جباليا للاجئين، لمعاينته والوقوف على حجم الدمار الهائل الذي خلفه الهجوم.
وأجرى الطاقم مقابلات مع 8 شهود من الناجين وسكان المنطقة ممن بقوا في الحي، حيث نزحت غالبية سكانه قسراً بسبب الدمار الواسع الذي حلّ بالمنطقة، كما حلّل مقاطع مصورة وصوراً فوتوغرافية لموقع الحادثة لحظة الاستهداف، وصوراً من الأقمار الصناعية للموقع قبل الاستهداف وبعده تظهر حجم الدمار الذي حل بالمكان، كما تم تحديد مواقع المباني المستهدفة المنهارة والمدمرة بشكل كلي والمباني المتضررة بشكل كبير.
ويقدر المرصد الأورومتوسطي بناءً على مقابلات الشهود ومصادر أخرى، عدد السكان الذين كانوا متواجدين في المنطقة وقت استهدافها بأكثر من 500 شخص، وغالبيتهم من عائلة أبو عيدة، ويشمل ذلك العدد الإجمالي للسكان المقيمين في المنطقة بالإضافة إلى نازحين لجأوا إليها.
ويقول التحقيق: "في الساعة 12:30 أسقطت طائرات الجيش الإسرائيلي على مربع آل أبو عيدة السكني دون أي سابق إنذار، نحو 6 إلى 8 قنابل جوية ذات قدرة تدميرية عالية، مستهدفة مباني سكنية متلاصقة يتراوح ارتفاعها بين طابق واحد إلى 5 طوابق، إلى جانب روضة أطفال".
وأضاف "في غضون ثوانٍ سويت مبانٍ بالأرض، وتعرضت مبانٍ أخرى لدمار كبير وخلف الاستهداف دماراً هائلاً في المنطقة وأضراراً بالمباني المحيطة، إلى جانب حفر كبيرة في الأرض، شوهد منها 3 على الأقل، يصل عمقها إلى نحو 2.5 متر، فيما يتراوح قُطر بعضها حوالي 10 متر".
وبحسب شهود العيان، كانت المنطقة المستهدفة تضم أكثر من 20 منزلاً متلاصقاً يغلب عليها البساطة كحال مباني مخيمات اللاجئين، حيث شيد العديد من المباني من أسقف من صفائح معدنية خفيفة، بالإضافة إلى مبنى روضة أطفال مكون من طابق واحد، وأسقف من الأسبست احتمى به بعض النازحين.
وأفادوا بأن "القنابل سقطت بشكل مفاجئ وفي وقت متقارب على مبانٍ سكنية في المنطقة، فيما يعرف بالحزام الناري، والذي انتهجه الجيش الإسرائيلي في العديد من مناطق في قطاع غزة منذ بدء هجومه العسكري على القطاع في 7 تشرين أول/أكتوبر".
ويتمثل الحزام الناري باستهداف القوات الإسرائيلية لمنطقة محددة بعدة قنابل ثقيلة تُسقط بشكل متتال على مبانٍ متجاورة خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، وتترك خسائر بشرية ومادية هائلة نتيجة لحجم الاستهداف الكبير من جهة، وعدم قدرة السكان على إخلاء المنطقة التي تستهدف بأكملها من جهة أخرى.
تبرير الجيش الإسرائيلي
وادعى الجيش الإسرائيلي أنه "في وقت مبكر من يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر، واستناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة، قامت طائرات الجيش الإسرائيلي بضرب مركز قيادة وتحكم حماس في جباليا"، وأضاف أنهم "قضوا على عناصر من حماس في الضربة".
كما ادعى أنه "حثّ سكان غزة في هذا الحي على الإخلاء كجزء من جهوده لتخفيف الأضرار التي تلحق بالمدنيين. وأن الجيش الإسرائيلي يستمر في دعوة جميع سكان شمال غزة ومدينة غزة للإخلاء جنوباً إلى منطقة أكثر أماناً".
وبخلاف ذلك، تؤكد جميع التحقيقات التي أجراها فريق الأورومتوسطي على عدم ورود أية تحذيرات أو إنذارات مسبقة من الجيش الإسرائيلي قبل استهداف هذه المنطقة المزدحمة بالسكان والنازحين.
ونفى جميع الناجين وشهود العيان خلال شهاداتهم وإفاداتهم التي حصل عليها فريق الأورومتوسطي تلقيهم لأية تحذيرات مسبقة بأي طريقة كانت قبل الاستهداف.
كما أظهر الفحص الذي أجراه الفريق على هواتف بعض سكان المنطقة بموافقتهم، عدم وجود أية إشعارات أو رسائل نصية تطلب منهم الإخلاء قبيل الاستهداف، بالإضافة إلى عدم وجود أية منشورات تحذرهم وتطلب منهم الاخلاء من المنطقة مسبقاً، وهو ما أكدته كذلك شهادات الناجين وشهود العيان.