مظلة لمنع الحرب على لبنان.. وحركة داخلية لتسوية رئاسية
لا يزال لبنان يسعى للبحث عن مظلتين. الأولى، خارجية هدفها تقاطعات دولية على رفض توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وتشكيل عناصر ضاغطة على الإسرائيليين لمنعهم من توسيع المواجهة، ودفعهم إلى وقف الحرب على غزة. والثانية، هي مظلة داخلية تتقاطع فيها غالبية القوى السياسية في منطقة وسط، تحضيراً لما ستحمله التطورات في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن هناك قناعة داخلية حول وجوب توفير مظلة دولية لمنع الحرب على لبنان، والتي لا بد أن تكون نتيجتها قدرة اللبنانيين على مواكبتها سياسياً للوصول إلى تسوية. وعلى الرغم من عدم الربط النظري بين الوضع السياسي الداخلي والاستحقاق الرئاسي، وبين الوضع في غزة والجنوب، إلا أن الارتباط أصبح بحكم الأمر الواقع.
الضغوط الأميركية، الفرنسية، الإيرانية
على المسار الخارجي، لا تزال الضغوط الأميركية، الفرنسية، الإيرانية تشدد على وجوب منع تفاقم الصراع بين إسرائيل وحزب الله، وعدم تحوله إلى حرب. هذا العنوان كان واضحاً في قمة النورماندي، وفي البيان الختامي للقاء الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون. إذ شددا على وجوب منع التصعيد وضرورة تطبيق القرار 1701.
هنا تتشكل في لبنان ثلاث وجهات نظر. الأولى، تعتبر أن هذه المظلة ستتوفر ولن تسمح القوى الكبرى لإسرائيل بشن حرب على لبنان، ولذلك لا بد من مواكبة هذا التحرك بحركة داخلية تكون قادرة على إنجاز تسوية. الثانية، هي أن لا أحد لديه ضمانة بعدم تصعيد الإسرائيليين، ولكن ذلك يرتبط بمسار انتهاء الحرب في غزة، وتحديداً معركة رفح. ويمكن بعدها أن يتجه نتنياهو إلى الجبهة الشمالية مع لبنان، خصوصاً أن نتنياهو يستثمر في الظرف الأميركي الدقيق انتخابياً، ويسعى إلى ابتزاز الإدارة الأميركية قدر المستطاع. أما وجهة النظر الثالثة، فتعتبر أن حرب الاستنزاف ستطول ما بين غزة ولبنان، وقد تمتد إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، ولن يكون هناك أي أفق أو مجال للحلول قبل اتضاح الرؤية.
التجاوب الإسرائيلي؟
إلى جانب رسائل التحذير أو التهديد الخارجية، يرد إلى لبنان جزء من رسائل تتضمن احتمالات موافقة الإسرائيليين على إرساء تسوية سياسية وديبلوماسية، في هذا السياق تشير بعض المعطيات إلى أن الفرنسيين ينقلون بعض التجاوب الإسرائيلي حول الورقة الفرنسية لتطبيق القرار 1701. وهو ما سعى الفرنسيون إلى تكريسه في اللقاء بين جو بايدن وإيمانويل ماكرون، وسط رهانات خارجية على تزايد المواقف داخل إسرائيل حول السعي للوصول إلى تسوية سياسية وديبلوماسية مع لبنان بدلاً من الحرب، وارتفاع الأصوات الإسرائيلية المعارضة لأي حرب ضد حزب الله، نظراً لخسائرها الكبيرة، ولأن إسرائيل غير قادرة على شنها في ظل انشغال الجيش في حرب غزة وإنهاكه هناك.
التفاوض مع الثنائي الشيعي
في موازاة هذه التحركات الخارجية، والمعادلة الثابتة التي وضعها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حول منع التصعيد والوصول إلى تفاهم بعد انتهاء الحرب في غزة، علماً أن هوكشتاين كان قد زار دولة قطر قبل فترة، كما زار فرنسا ونسق مع المبعوث الرئاسي جان ايف لودريان، فإن ذلك ينعكس داخلياً أيضاً، من خلال تقاطع سياسي بين الحزب التقدمي الإشتراكي، والتيار الوطني الحرّ، بالإضافة إلى كتلة الاعتدال، للسعي إلى عقد جلسات تشاور أو حوار. فبعد الحركة التي أقدم عليها الاشتراكي، تقدم جبران باسيل بمسعى جديد، غايته إطلاق مسار جديد يعزز كتلة ثالثة تبحث عن خيارات جديدة، في محاولة لتجاوز التقاطع الذي حصل على ترشيح جهاد أزعور، وتسعى إلى التفاوض مع الثنائي الشيعي لا المواجهة معه. في حال نجح هذا التحرك بنسج تقاطع حول الحوار بين الاشتراكي، التيار، الاعتدال، والثنائي الشيعي، وتيار المردة، وبعض المستقلين، فإن هذا التقاطع سيتجاوز النصاب الدستوري لانعقاد الجلسات الانتخابية.