المساعي تتراكم... فهل تصنع رئيساً؟
إنقطعت أخبار "اللجنة الخماسية" وغاب سفراء الدول المشاركة فيها عن السمع، بعدما سلّموا بنتيجة مبادرتهم الأخيرة التي وصلت إلى باب مسدود، حاول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أخيراً البحث عن كيفية فتحه عبر مفتاح الحوار أو التشاور أو الخيار الثالث، وعندما لم يحالفه النجاح، إستعان بالرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذي أطلق مسعىً رئاسياً ولكن من دون المجازفة في توقّع أي تغيير في خارطة المواقف السياسية.
وعلى الرغم من أن الركود الرئاسي قد بات قدراً محتوماً، على الأقل حتى اللحظة، يبدو أن المساعي الجنبلاطية المدعومة فرنسياً وقطرياً ستتواصل بالتزامن مع حركة بدأها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في الساعات ال48 الماضية، فيما لا تزال مبادرة "الإعتدال الوطني" التي طرحت مبدأ التشاور للتوافق، موضع نقاش على طاولة التفاوض في الكواليس النيابية.
مجدداً، تغرق الساحة الداخلية بالمساعي والمبادرات الرئاسية، وسط توقعات لا تخرج عن سياق ال "wishful thinking" في معظمها إن لم يكن غالبيتها، بدءاً من لودريان الذي لا يزال يقرّ بأن لبنان نفسه يغرق كسفينة "التايتنيك" وقد يزول سياسياً، وهو ما يُنذر بأن تواجه المبادرات المحلية المصير نفسه الذي واجهته حركة السفراء الخمسة التي بقيت من دون خلاصات واعدة.
وفق معلومات "ليبانون ديبايت"، فإن الإحتمالات التي تطفو على سطح الأحداث أخيراً، تشي ب"ميني" توافق سياسي داخلي وشيك بفعل تطورات الأسبوع الطالع، يسمح بأن تتمّ الدعوة إلى جلسة انتخاب رئاسية، كخطوة أولية أو كمقدمة لحصول الإستحقاق الرئاسي على فرصة في الأسابيع المقبلة.
ومن المبكر الحديث اليوم عن مبادرة جنبلاطية أو مبادرة مرتقبة لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، كان قد مهّد لها من بكركي بالأمس، لكن المعلومات المواكبة تكشف بأن الملف الرئاسي قد تحرّك أخيراً مدفوعاً بمجموعة ضغوط خارجية، وخصوصاً فرنسية وقطرية مباشرة، إلاّ أن الضوء الأخضر الأميركي ما زال متأخراً.
قد يكون السبب في قرار تعطيل الحياة الدستورية من خلال استمرار الشغور الرئاسي، هو غياب الضوء الأخضر الأميركي والسعودي، بانتظار بلورة الصورة العامة في المنطقة. إنما وبانتظار بروز هذا الضوء في نهاية النفق الأسود، فإن الحركة لن تتوقف، وهي تأتي من ضمن بنك أهداف خارجي "خماسي"، الأبرز فيها امتصاص واستيعاب التوتر السياسي المحلي، ولجم أي خطاب تصعيدي بين القوى السياسية، والإبقاء على الستاتيكو الحالي، بانتظار حدثٍ ما لا يزال مجهولاً موعده، لكن جغرافيته واضحة وهي في غزة اليوم.
ومن هنا، فإن عودة الدينامية "الرئاسية" إلى عين التينة هذا الأسبوع، تفتح الأفق الداخلي نحو مرحلة جديدة يدشّنها اجتماع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع رئيس "التيار الوطني الحر"، في محاولة جديدة ستنضم إلى كل المحاولات الجارية، ولكن من دون أن تكون نتيجتها مضمونة في ضوء المواقف المعلنة وليس التكهنات أو انطباعات بعض النواب المشاركين في إحدى هذه المحاولات التي تتراكم وتصطف تحت عنوان واحد فقط لاغير، وهو جمع النواب ولكن من دون الدعوة إلى جلسة انتخاب.