«جدار الصوت» يروّع اللبنانيين وينذر بالتصعيد
بموازاة الحرب العسكرية التي تمارسها إسرائيل في جنوب لبنان وعمليات الاغتيال التي تطال كوادر وقيادات ميدانية من «حزب الله»، تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية باختراق جدار الصوت لترويع المدنيين من أبناء الجنوب، خصوصاً الأطفال وطلاب المدارس، الذين تنتشر صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويظهر بعضهم بحال خوف وانهيار. وبينما يدرج البعض هذه الممارسة في سياق الحرب النفسيّة والتأثير على معنويات الناس، فإنه لا يمكن فصلها عن حالة التصعيد المتنامي على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.
رسالة ضد تصعيد «حزب الله»
وتقاطعت قراءات الخبراء العسكريين حول أبعاد اختراق جدار الصوت، كمؤشر على التصعيد في المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل، فذكر الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد وهبي قاطيشا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الغاية من اختراق جدار الصوت هو توجيه رسائل ردّاً على تصعيد (حزب الله) باستهداف شمال إسرائيل، وخطورته أنه يؤثر على المدنيين ويحدث حالة رعب لدى الناس الذين يظنون أنها غارة جويّة».
تحديد «بنك الأهداف»
ووضع قاطيشا اختراق الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية في سياق «تحديد بنك الأهداف التي ستستهدفه إسرائيل إذا وقعت الحرب مع (حزب الله)». وقال إن «الطائرات النفّاثة التي تخرق جدار الصوت، ليست طائرات استطلاع، بل سلاح جوّي هجومي واعتراضي، وربما تنفذ مهمّة تحديد الأهداف الممكن ضربها، وما إذا كانت عناصر الهدف ما زالت قائمة حتى تتآلف معها، وما إذا تغيّرت تضاريسه».
ولا يخفي الخبراء صعوبة الوضع في جنوب لبنان، وإمكانية اندلاع مواجهة شاملة، خصوصاً وأن الحكومة اللبنانية لم تتلقَ حتى الآن ضمانات دولية بلجم إسرائيل عن شنّ مثل هذه الحرب.
التأثير على معنويات المدنيين
وليست كثافة الطلعات الجوية للطيران الحربي الإسرائيلي واختراق جدار الصوت فوق المناطق المأهولة والمدن الرئيسية، مثل صور وصيدا، بعيدة عن التطورات الميدانية؛ إذ رأى المنسق السابق للحكومة اللبنانية مع قوات «يونيفيل»، العميد منير شحادة، أن «التصعيد الأخير يأتي بعد استخدام (حزب الله) أسلحة جديدة، منها المسيّرات الانقضاضية وصواريخ البركان، وإشعال الحرائق في شمال فلسطين المحتلة؛ وهو ما وضع الإسرائيلي في مأزق كبير، وجعله بين خياري الذهاب إلى عمل عسكري كبير ستكون نتائجه كارثية، أو الامتناع عن الردّ ما يضعه في حالة إحراج».
وأكد شحادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تستخدم اختراق جدار الصوت من أجل ترويع المدنيين والتأثير على معنويات سكان منطقة الجنوب، ولتأليب الرأي العام المؤيد للحزب في هذه المعركة».
وأضاف أنه «يمكن قراءة زيادة وتيرة اختراق جدار الصوت، على أنه رسالة للقول: اقتربنا من تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في لبنان، وأن الجيش الإسرائيلي مستعدّ لإشعال الحرب».
عوائق أمام توسعة الحرب
ورفعت التطورات العسكرية في جنوب لبنان حالة الاستنفار لدى «حزب الله» كما لدى إسرائيل، ودلّت زيارات نتنياهو ووزراء إسرائيليين إلى الجبهة الشمالية على الاستعداد الكامل لشنّ حرب على لبنان.
ويؤكد العميد منير شحادة أنه «رغم هذه الرسالة الخطرة، فإن الحرب أمامها عائقان: الأول إدراك إسرائيل أن (حزب الله) يملك ترسانة سلاح كبيرة ومدمّرة وتخشى المفاجآت، والآخر رفض الولايات المتحدة الأميركية الدخول في هذه الحرب؛ لأن الإدارة الأميركية، المنشغلة في الانتخابات الرئاسية، تدرك تماماً أن دخول الحرب إلى جانب إسرائيل قد يستدعي تدخل دول أخرى مثل إيران وروسيا، وقد نصبح أمام حرب إقليمية».