لا قرار سياسياً بإجرائها: امتحانات "الثانوي" على قياس الجنوب
كان يفترض أن تبدأ وزارة التربية مرحلة حصر الطلاب المرشحين للامتحانات الرسمية لشهادة الثانوي خلال هذا الأسبوع، لكن جرى التأخير في تقديم لوائح الترشيح، لأن المدارس لم تتمكن من إنجازها. فقد انتهت مهلة تقديم اللوائح يوم الجمعة الفائت لكن تأخرت المدارس في تقديمها. ما يعني أن الأسبوع الحالي سيخصص لتقديم اللوائح من خارج المهل، من خلال موافقات استثنائية. ما يؤدي إلى تأخير في بدء مرحلة تحديد مراكز الامتحانات في المناطق. وبالتالي، تأخير في توزيع الطلاب والأساتذة المراقبين عليها.
استعداد نظري لا عملي
نظرياً بإمكان وزارة التربية الانتهاء من كل الاستعدادات اللوجستية في الفترة المتبقية للامتحانات. ذاك أن الاعتقاد السائد هو أن الأمر يتطلب من العاملين في الامتحانات العمل ليلاً ونهاراً لإجراء الاستحقاق. قد تصطدم الوزارة بعائق مالي يتمثل بعدم رغبة العديد من الأساتذة والموظفين الذين عملوا في الأعمال الإدارية في الامتحانات السابقة، بعد تجربة خصم أكثر من ستين بالمئة من المستحقات السابقة. لكن الرهان هو على أن المقاطعة ستكون محدودة وغير مؤثرة إلا على مستوى بعض التأخير في إصدار النتائج النهائية.
لكن الاستعداد للامتحانات نظرياً شيء، وعملياً شيء آخر، تقول مصادر مطلعة لـ"المدن". فعملياً ثمة بطء كبير بالاستعدادات التقنية واللوجستية. ومرد البطء إلى عدم وجود تنسيق وترابط في العمل يدل على أن الامتحانات قائمة بموعدها. بل إن الأجواء المرافقة للامتحانات في الوزارة توحي بأن لا قرار سياسياً بإجراء الامتحانات بعد، في انتظار التطورات في الجنوب. ليس هذا فحسب، بل إن إيقاع العمل للاستعداد للامتحانات يسير على قاعدة أنه قد لا يتم التوصل إلى هدنة توقف الحرب على لبنان، مع امكانية توسع الحرب، وبالتالي إلغاء الامتحانات في اللحظات الأخيرة.
لا قرار بالأسئلة الاختيارية
ما بات محسوماً في هذه الامتحانات أن "الرزنامة التربوية الجنوبية" فرضت نفسها على هذا الاستحقاق. ففي حال لم تتفاقم الأوضاع العسكرية في الجنوب ستجرى الامتحانات بأقل من 40 بالمئة من المناهج، التي كانت معتمدة قبل ثلاث سنوات. وذلك عملاً بما تعلمه طلاب القرى الحدودية، الذين أقفلت مدارسهم منذ تشرين الأول الفائت. أما بما يتعلق بالطلاب النازحين إلى الشمال والبقاع وبيروت فيصار إلى نقلهم إلى مراكز امتحانات في أماكن النزوح.
ووفق مصادر "المدن" كان خيار وزارة التربية بعد اعتماد المواد الاختيارية، مقترناً بإجراء بعض التسهيلات لطلاب القرى الحدودية، لأنهم تعلموا من بعد ولا يستطيعون إنهاء كل المقررات التي تعلمها سائر الطلاب. وقد أتى هذا الخيار بعد تقليص المركز التربوي للبحوث والإنماء المناهج، الذي لم يراع عدم تمكن الثانويات المقفلة من إنهاء كل المقررات. وتم بحث تخصيص هؤلاء الطلاب بأسئلة اختيارية داخل المسابقة الواحدة. لكن رفض الأمر لصالح اعتماد المواد والأسئلة والمعايير والآلية عينها لجميع الطلاب من دون أي استثناء، على قاعدة عدم عزل الجنوب. بمعنى أنه يتم طرح أسئلة اختيارية من الفصل الأول للمواد ومن منتصفها ومن آخرها، لجميع الطلاب في لبنان. فيتم مراعاة طلاب القرى الحدودية الذين لم ينهوا المادة كاملة.
وتضيف المصادر أن البحث في الأسئلة الاختيارية توقف. الأمر الذي يبدو أن لا قرار بشأنها بعد. لا بل بات يتعذر تطبيق الأسئلة الاختيارية نظراً لضيق الوقت، لأنها تتطلب استعدادات لوجستية من ناحية، ولأنها بمثابة إنجاح الجميع من ناحية ثانية. ذاك أن الطالب يستطيع حفظ درس واحد وتقديم الامتحان.
الأسئلة من المقررات الجنوبية
لكن الإشكالية الحالية تتمثل بأن أساتذة مختلف المواد في الثانويات المقفلة في القرى الحدودية لم يتمكنوا من إنهاء أكثر من ستين بالمئة من المقررات، بعد تقليص المركز التربوي. تختلف النسبة المنجزة بين مادة وأخرى وثانوية وأخرى. لكن بالمجمل لم ينه الأساتذة المقررات رغم مواصلتهم التعليم من بعد حتى الساعة، في وقت انتهى العام الدراسي نهاية الشهر الفائت.
عملاً "بالرزنامة الجنوبية"، وزارة التربية ملزمة بإجراء امتحان يراعي ما تعلمه طلاب تلك الثانويات الحدودية المقفلة، التي في أفضل الأحوال أنهت المنهج الذي كان مقرراً للامتحانات الرسمية في العام 2023. وبما أنه لا تقليص إضافي للمناهج من المركز التربوي، وفي ظل صعوبة اعتماد الأسئلة الاختيارية، الخيار هو لوضع مسابقات بحسب المقررات التي أنجزت في القرى الحدودية. بمعنى آخر، لا يتم تبنٍّ رسمي لمنهج مقلص حسب ما تعلمه طلاب القرى الحدودية، بل يتقرر التقليص على مستوى لجان المواد. عندما تجتمع الأخيرة لوضع الأسئلة، يتم التوافق بين الأعضاء على طرح أسئلة في كل مادة من المقررات التي درسها طلاب القرى الحدودية. أي عملياً اعتماد منهاج مقلص على قياس طلاب القرى الحدودية، لكن من دون صدور قرار رسمي فيها.