المزاج العام في إسرائيل بدأ يتغير.. تقرير لـ"The Guardian": هل ستأتي نهاية الحرب من الداخل؟
ذكرت صحيفة "The Guardian" البريطانية أن "مقتل ما لا يقل عن 45 فلسطينياً في المنطقة الإنسانية بالقرب من رفح أثار غضباً وصل إلى ما هو أبعد من منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، فمن المتوقع أن يستمر الهجوم الإسرائيلي، حيث تم رصد عدة دبابات إسرائيلية في وسط رفح يوم الثلاثاء، حسبما قال شهود لوكالة رويترز للأنباء. ويأتي ذلك بعد أن طلبت المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب ثلاثة من كبار قادة حماس،جميعهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة. كما وطالبت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف هجومها على رفح. وأفاد معهد دراسة الحرب، ومقره الولايات المتحدة، أن الجيش الإسرائيلي كان يستخدم "قدرًا أقل من القوة الجوية والمدفعية، وقنابل أقل وأصغر حجمًا"، حيث يقوم الجنود بتطهير "المناطق الحضرية سيرًا على الأقدام".
وبحسب الصحيفة، "انتهى ذلك بقصف منطقة تل السلطان، حيث تسبب هجوم الجيش الإسرائيلي في حريق هائل في منطقة خيام للنازحين. قد يصف نتنياهو الغارة الجوية بأنها حادث مأسوي، لكن هذا لا يخفف من وطأة الهجمات الإسرائيلية المستمرة التي استمرت أكثر من سبعة أشهر والتي أسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 35 ألف فلسطيني وإصابة حوالي 80 ألف آخرين، بالإضافة إلى ما يصل إلى 10 آلاف شخص آخرين في عداد المفقودين، ويفترض أنهم لقوا حتفهم. وتتجه الحرب نحو شهرها التاسع، وخلال تلك الفترة صرحت حكومة نتنياهو مراراً وتكراراً أن إسرائيل تستخدم القوة ضد حماس، وليس ضد المدنيين، لكن هذا يتعارض مع السلوك الفعلي لهذه الحرب وطريقة القتال الإسرائيلية برمتها".
وتابعت الصحيفة، "منذ البداية، كان الجيش الإسرائيلي يوسع هجماته إلى ما هو أبعد من الوحدات شبه العسكرية التابعة لحماس، وكانت المدارس والمستشفيات ومحطات معالجة المياه وما شابه ذلك من الأهداف المبكرة، وكذلك الصحفيين وعمال الإغاثة والطاقم الطبي. إن التدمير المتعمد للبنية التحتية المدنية أمر شائع بشكل مثير للقلق في حروب المدن الحالية، سواء من قبل روسيا في ماريوبول أو غروزني، أو الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا في الموصل، لكن التدمير المطلق للطريقة الإسرائيلية في الحرب يتطلب بعض الجهد للتفوق على ما سبق ذكره. وقد يشكل هذا الاستخدام "للقوة غير المتناسبة" امتداداً لاستراتيجية الضاحية، الذي يُعتقد أنها نشأت في أحد أحياء بيروت أثناء حرب عام 2006 في لبنان ضد حزب الله".
وأضافت الصحيفة، "بالعودة إلى الحصار الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على بيروت الغربية في عام 1982، والذي تكرر في عام 2006 في لبنان وحروب غزة الأربع التي سبقت الصراع الحالي، فإن الأمر يتوقف على فهم ضمني مفاده أن الخسائر الإسرائيلية في عملية مكافحة التمرد في المناطق الحضرية تصبح مرتفعة للغاية، وهي في نهاية المطاف غير مقبولة سياسيا، حتى لو كانت الخسائر الفلسطينية أكبر بعشر أو عشرين مرة. وبموجب استراتيجية الضاحية، يتم استخدام القوة على نطاق واسع وطويل الأمد ضد عامة السكان المدنيين من أجل تحقيق هدفين محددين: الأول قصير المدى، ويتمثل بتقويض الدعم المقدم للتمرد، بهدف زيادة صعوبة عمل حماس في غزة. أما الخيار الثاني فهو على المدى الطويل، وهو العمل كرادع للحركات شبه العسكرية في المستقبل من أي نوع، سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة أو جنوب لبنان. وبصراحة، ما حدث لغزة هو نفس ما سيحدث لأي حركة تتحدى الأمن الإسرائيلي هناك أو في أي مكان آخر".
وبحسب الصحيفة، "لفهم ذلك، ولماذا يحتفظ نتنياهو بالدعم الكافي لمواصلة الحرب، فلا بد من الاعتراف بعنصرين آخرين. الأول هو التأثير الدائم لهجوم حماس العام الماضي، فحتى مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، فإن الخسائر الإسرائيلية في 7 تشرين الأول ما زالت تهز المجتمع الإسرائيلي حتى النخاع. علاوة على ذلك، قد تعتبر إسرائيل نفسها دولة ديمقراطية، ولكن إذا أخذنا في الاعتبار كل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، فإن السكان غير اليهود في "إسرائيل الكبرى" هم الذين يتمتعون الآن بأغلبية إجمالية صغيرة. والعنصر الثاني هو أن الحرب تسير بشكل سيئ بالنسبة للإسرائيليين. فعلى الرغم من استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة على نطاق واسع وتدمير جزء كبير من قطاع غزة، إلا أن حماس لا تزال موجودة وتستمر في إعادة تشكيل نفسها. لقد أصبح فشل الجيش الإسرائيلي واضحًا منذ عدة أشهر، لكن حكومة نتنياهو ليس لديها مكان آخر تذهب إليه، ولن يتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن بعد الخطوة الرئيسية الوحيدة المتمثلة في قطع كل شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. وما دامت الولايات المتحدة، وبريطانيا، ترفض قبول قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، فإن نتنياهو قادر على البقاء".
وختمت الصحيفة، "هناك علامة واحدة تبعث على الأمل، وهي أن المزاج العام في إسرائيل يتغير ببطء ولكن بثبات، لكن هذا يعني أنه من الممكن أن تأتي نهاية الحرب من الداخل".