إسرائيل تُفاجئ "الحزب" بـ "اغتيالات الدراجات"
على وقع «المفاجآتِ» في الميْدان الغزاوي من جنوب القطاع إلى شماله والتي باغَتَتْ إسرائيل في جوف الأرض وفوقها، استمرّ الوضع في جنوب لبنان لاهباً وسط «تحديثِ» تل أبيب آليات استهدافاتها لـ«حزب الله» وعناصره، ومضيّ الأخير في الردّ بما «يَلْزم» ومن دون أن يحجبَ صوتُ «جبهة المشاغَلة» هديرَ ضربتيْ جباليا وتل أبيب اللتين نفّذتْهما «حماس» وجاء صَداهما «متفجِّراً» في «بلاد الأرز» وعاصمتها بيروت التي أصابَها الذعرُ ليل السبت - الأحد بفعل «احتفالية الرصاص» من المخيّمات الفلسطينية والتي تكررت بعد ظهر أمس.
فمن جباليا، حيث أكدت «كتائب القسام» ليل السبت وقوعَ جنود إسرائيليين قتلى وجرحى وأسرى في عمليةٍ مركَّبة داخل أحد الأنفاق، إلى رفح التي انطلقتْ منها أمس، رشقة صواريخ في اتجاه تل أبيب، بدا لبنان مشدوداً إلى التطورات المتلاحقة على جبهة غزة التي بات في «وحدة مسارٍ ومصير» معها والتي تم التعاطي مع تَوَهُّجِها العالي في الساعات الماضية على أنه في إطار السِباقٍ مع استئناف المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل حول صفقة تبادل أسرى ووقف النار هذا الأسبوع، وفق ما أعلنت تل أبيب.
ورغم الخشية الماثلة في بيروت من أن «الربطَ بالنار» الذي أحْدثه «حزب الله» بين جبهتيْ الجنوب وغزة قد يُقابَل إسرائيلياً بـ «فكّ ارتباطهما» على مستوى وقف النار وذلك بفعل الدينامية القائمة في ذاتها التي صارت تَحكم الجبهة اللبنانية، فإن هذا لم يمنع من تَرَصُّد مَغازي استعادة «حماس» النَفَس والنسَق الهجوميّ ولو الموْضعي في مواجهة إسرائيل ولاسيما في ظل الإشاراتِ التي تكرّرتْ في الأيام الماضية، ومن قلب طهران، حيال تزخيم «وحدة الجبهات» وفق ما عبّر عنه ما سُمّي لقاء «قادة فصائل المقاومة» في فلسطين ولبنان واليمن والعراق مع قيادة الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس (على هامش مراسم تأبين الرئيس إبراهيم رئيسي ورفاقه) والذي أُعلن أنه تم فيه «بحث الأوضاع في غزة ودور جبهة المقاومة، ومواصلة الجهاد والنضال حتى تحقيق النصر الكامل للمقاومة الفلسطينية في غزة، وبمشاركة فصائل وجبهات المقاومة بالمنطقة كافة».
ومن هنا، شخصتْ الأنظار على ما إذا كانت جبهة الجنوب ستُلاقي الارتقاءَ الذي قامت به «حماس» في جباليا وبقصْفها تل أبيب، رغم اعتبار أوساط مطلعة في بيروت أنه على أهمية الأبعاد المعنوية والعسكرية لهذا الارتقاء فإنه لا يَعْكس في أي حالٍ أن الحركة استعادت القدرة على الانتقال «من الدفاع إلى الهجوم» في سياق الحرب المفتوحة منذ نحو 8 أشهر، بمقدار ما أنها أعطتْ إشارةً متعمّدة، ولا سيما بمعاودة استهداف تل أبيب وهذه المرة من رفح، إلى أنها مازالت بعيدة عن رفْع «الراية البيضاء»، في حين جاء «فخ» جباليا مؤشراً إضافياً إلى أن إسرائيل التي ارتدّتْ مجدداً إلى الشمال عائدة إلى «حقل ألغام» مدجّج بالمفاجآت و... الكوابيس.
وفي رأي هذه الأوساط فإن أداء «حماس» في الساعات الماضية لا يؤشر إلى منحى تصعيدي كاسِر لقواعد الاشتباك التي حكمت إسنادَ «جبهاتَ المحور» لغزة، وأنه لا يمكن فصْل هذا التطور عن استشعارٍ لدى الحركة و«الممانعة» بأن الموافقةَ الإسرائيلية المباغتة على العودة إلى المفاوضات، كمبدأ، تعكس حجم المأزق السياسي خصوصاً الذي باتت تتخبّط فيه تل أبيب، سواء في ظل التفسّخات في حكومة بنيامين نتنياهو أو وقوع إسرائيل للمرة الأولى بين «فكّي كماشة» محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ناهيك عن دلالات اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين كدولة مستقلة، وما يرتّبه ذلك من خشية إسرائيلية من أن يتدحرج الأمر على طريقة «تأثير الدومينو».
ووفق الأوساط نفسها، فإن طغيانَ صورة «حماس المُبادِرة» في الميدان، يصعب فصله عن «حرب الشروط» التي تستعر في الكواليس حيال مرتكزات العودة الى التفاوض ومحاولة الحركة انتزاع المزيد من التنازلات من اسرائيل، وفق ما عبّر عنه ما أعلنه القيادي الحمساوي عزت الرشق أمس من أنه لم يتم تبليغ الحركة من الوسطاء في شأن استئناف المفاوضات غير المباشرة وتكراره أن «المطلوب بشكل واضح وقف العدوان بشكل دائم وكامل في كل قطاع غزة، وليس في رفح وحدها، وهذا ما ينتظره شعبنا، وهو المرتكز ونقطة البداية لأي شيء».
من هنا، كانت المعاينة أكبر لجبهة الجنوب اللبناني والتي كانت المفاجأة فيها إسرائيليةً حيث حرصت تل أبيب ليس فقط على إبقائها مشتعلة بل هي فعّلت بقوة أكبر «اغتيالات الدراجات» في سياق المواجهة مع «حزب الله».
وكان لافتاً أن «يوم الدراجات» الطويل حَمَلَ خسائر موجعة لـ«حزب الله» الذي قضى ما يقلّ عن 4 من عناصره استهدفتهم تل أبيب بمسيّرات بينما كانوا على دراجات نارية، في الناقورة حيث سقط عنصر وفي عيتا الشعب (ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن مسيَّرة مفخخة استهدفت الثانية) ما تسبب بمقتل عنصرين، قبل أن يُعلن عن غارة نفّذتها مسيرة ضدّ دراجة في حولا وعن سقوط شخص وجرْح 3 آخَرين.
وفي حين اشتملت خسائر الحزب أيضاً على سقوط عنصرين في بلدة يارون بغارة إسرائيلية، توحّشت إسرائيل في قصف قرى جنوبية أخرى بينها عيترون التي استُهدفت بقذائف فوسفورية ما تسبب باندلاع حرائق واسعة، وكذلك العديسة وكفركلا والجبين.
وردَّ «حزب الله» على هذه الاعتداءات بعملياتٍ ضدّ «المنظومات الفنية في موقع العباد» وموقع جلّ العلام بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية وموقع المالكية، قبل أن تتحدث تقارير إسرائيلية عن إصابةٍ مباشرةٍ لمبنى في مستعمرة «أفيفيم»، وانفجار مسيَّرة مفخَّخة في مستوطنة «مرغليوت» وجرى التداول بفيديو عن الأضرار التي لحقت بها، قبل أن يعلن الحزب عصراً استهداف «مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة سنير بالأسلحة المناسبة».
وكان رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد توجّه إلى بعض القادة الإسرائيليين رداً على تهديداتهم للبنان «نعرف وضعكم بالدقة ونعرف ما أنتم عليه، ونحن ننتظركم».