بين بيروت ودمشق وتركيا.. قصة "شنطة نسائية عابرة للحدود"
خلال شهر نيسان الماضي، حطمت الأربعينية السورية سعاد الكيلاني رقماً قياسياً على صعيد تجارتها "العابرة للحدود"، إذ تجاوز عدد رحلاتها من دمشق إلى إسطنبول وبالعكس، حاجز 3 رحلات في الأسبوع الواحد.
وتحمل الكيلاني في حقائبها شالات وألبسة تركية و"أوراق" وتتجه بها إلى دمشق، وعند العودة تكون محملّة بالكثير من "الاستثناءات السورية"، على حد تعبيرها.
وتشرح كيلاني لبلينكس تفاصيل فكرة راودتها قبل 5 سنوات، وكيف أنها تحولت "من لا شيء" إلى "بزنس" يؤمن معيشتها مع زوجها المريض في مدينة إسطنبول التركية.
وإيمان كذلك التي تُعرف على نطاق واسع في تركيا، وبين الدمشقيات بالتحديد، توضح من جانبها محاسن ومساوئ الرحلة الصعبة والسهلة في آن واحد.
لكن ما الأسباب الحقيقية التي تدفع النساء لاتباع هذا المسار بدلاً عن الرجال؟
"تجارة تركية سورية بالتدريج"
كانت البداية بالنسبة للكيلاني عندما قررت قبل خمس سنوات زيارة عائلتها في العمارة بدمشق لأول مرة منذ وصولها إلى تركيا، في 2014.
وسبقتها إيمان في ذلك بعامين تقريباً، وتقول إنها من بين "النساء الأوائل اللواتي عملّن بالتجارة على خط إسطنبول --دمشق".
في المرحلة الأولى اتجهت السيدتان إلى التجارة بالألبسة والهدايا التركية، عبر حقائبهن الصغيرة، وانطلاقاً من مطار إسطنبول باتجاه دمشق عبر مطار العاصمة اللبنانية، بيروت.
وشيئاً فشيئاً تطوّر الحال ليصل إلى حد تأمينهن نقل الأوراق الثبوتية من دمشق إلى إسطنبول وبالعكس، عبر الحقائب الخاصة بهن أيضاً.
كذلك، توسعت تجارتهن مؤخراً، لتصل إلى حد تأمين استلام جوازات السفر وإيصالها، لأولئك الذين يريدون تجديدها داخل البلاد، ومقابل مبالغ مالية محددة بالدولار.
طريق جوي وبري ينتهي بـ"الدفع"
تؤمن تجارة "الشنطة" كما بات يطلق عليها لإيمان مبلغاً صافياً يزيد عن 1500 دولار شهرياً.
وبالنسبة للكيلاني يصعد الرقم الذي تحصّله من التجارة في أوقات، ويهبط في أخرى.
ومع ذلك، تقول إنه يؤمن معيشتها بالكامل مع زوجها المريض والعاجز عن العمل في إسطنبول، رغم ما يحمله من متاعب نفسية وجسدية.
ويبدأ طريق السيدتين من مطار إسطنبول ويحط بعد ذلك في مطار بيروت.
ولا توجد بين هاتين المحطتين أي مصاعب أو مخاطر، كما تقولان لبلينكس، على عكس المحطة الأخيرة، عندما يردن الدخول إلى سوريا عبر المعابر البرية.
وبعدما كانتا تواجهن في السنوات الأولى للتجارة مخاطر وعراقيل لإدخال الهدايا والألبسة التركية من جانب "الجمارك السورية"، تجاوزتا ذلك في مرحلة لاحقة عن "طريق الدفع" والتنسيق مع أحد السائقين "الواصلين أمنياً".
تضع إيمان هامش ربح جيد على الألبسة التي تشتريها في تركيا وتبيعها في دمشق، وتفعل ذلك على صعيد بقية الأغراض التي تنقلها بالعكس "بناء على توصية سوريين في إسطنبول"، ومن بينها "المونة" والهدايا التذكارية الخاصة بالبلد.
وبالنسبة للأوراق الرسمية توضح لبلينكس أنها تطلب مبلغ 35 دولار على نقل جواز السفر بحقيبتها من إسطنبول إلى دمشق، و25 دولار على بقية الأوراق مهما كان نوعها.
الكيلاني تحدد ذات الأسعار تقريباً، لكنها تقول إنها تعاني من دخول الكثير من النساء على خط هذه التجارة في المرحلة الأخيرة.
وجاء ذلك بعدما كسر كثير منهن حاجز الخوف المتعلق بالعودة إلى البلد، والعبور من الحدود اللبنانية-السورية.
لماذا النساء السوريات بالتحديد؟
وفقاً للكيلاني توجد عدة أسباب وراء اتجاه النساء إلى الخوض بهذه التجارة على خلاف الرجال:
الأول: سهولة التحرك والعبور أمنياً باتجاه سوريا.
الثاني: خوف الرجال من أي إجراء أمني قد يؤدي إلى اعتقالهم.
الثالث: يتعلق بطبيعة المواد التي تتاجرن بها، وغالبيتها ألبسة نسائية.
الرابع: ترتبط بأوضاع الرجال السوريين القانونية في تركيا.
ورغم أن إيمان تشير إلى ذات الأسباب، تتحدث لبلينكس عن رجال "يستغلون قدرة النساء على التحرك في سبيل دفعهن للعمل بهذه التجارة". وذلك من أجل تأمين الأموال "كبزنس تجاري آخر" يضاف إلى ما يجنونه بأنفسهم، كما تشرح.