مزراب هدر تحاول "المال والموازنة" سدّه… فهل يحاسب القضاء؟
مزاريب الهدر في لبنان كثيرة. وكلّما أقفل مزرابٌ، فُتح آخر. ومن مزاريب الهدر "ملف الطوابع المالية" الذي تتحكّم به السوق السوداء، في الوقت الذي يشكّل الطابع حاجة للمواطنين لانجاز معاملاتهم في إدارات الدولة.
تناقش لجنة المال والموازنة، قبل ظهر اليوم، تقرير ديوان المحاسبة الخاص حول أزمة فقدان الطوابع، بحضور وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل ورئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران. ووفق المعلومات، يتضمّن التقرير إضاءة على هدر سنوي يصل الى ٢٠ مليون دولار.
وكانت لجنة المال أثارت الملف وتابعته قبل أسابيع، بعدما تحرّك رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان مقدّماً اخباراً موثّقاً الى وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري.
وأحال وزير العدل، على أثر ذلك، الاخبار الى النائب العام لدى محكمة التمييز بتاريخ 27/2/2024 وتضمّن "الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات ضدّ كل من أقدم على احتكار الطوابع المالية والمتاجرة بها على وجه مخالف للقانون، وكل ما يتفرع عن ذلك من جرائم تبييض أموال وإثراء غير مشروع واستغلال سلطة وهدر المال العام، وذلك سنداً للمادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. وطلب وزير العدل اجراء المقتضى والإفادة بالسرعة الممكنة".
سلك الملف مساره القانوني، وتابعته أعلى سلطة قضائية مالية متمثّلة بديوان المحاسبة.
ويقع تقرير ديوان المحاسبة، وفق المعلومات، في 60 صفحة، ويلفت الى أن الطوابع بدأت تفقد من الأسواق مع بداية العام 2019 حيث دارت الشبهات حول المرخصين الذين اشتروا كميات كبيرة منها وقاموا باحتكارها وبيعها بأضعاف ثمنها الحقيقي في السوق السوداء.
والبارز، وفق التقرير، أن معظم المرخّصين لم يلتزموا ببيع الطوابع المالية بالسعر الرسمي، بل تم بيعها بأضعاف ثمنها المحدد، الأمر الذي نتج عنه تحقيق المرخصبن أرباحاً طائلة، بحيث بلغت حوالي 20 مليون دولار في السنة بمقابل مردود سنوي للدولة بلغ حوالي 1.8 مليون دولار فقط.
وكشف التقرير أيضاً عن رخص لبيع الطوابع لا تستوفي الشروط القانونية، ما يوجب على النيابة العامة المالية التحرّك فوراً لملاحقة من جنى الأرباح على حساب الخزينة ومن سلك طرقاً غير قانونية وانغمس في لعبة بيع الطوابع في السوق السوداء وهدر الملايين على الدولة.
كما أوصى التقرير بملاحقة المرخصين المخالفين جزائياً، حيث كان عدد من هؤلاء يتسلمون الطوابع فيحتكرونها، ويبيعونها في السوق السوداء.
كما أوصى التقرير بإحالة الموظفين المخالفين على القضاء وتوقيفهم عن العمل.
هو ملف جديد تتابعه لجنة المال، بعد ملفات عدة من أبرزها الحسابات المالية للدولة اللبنانية، والتوظيف العشوائي. فهل يذهب القضاء حتى النهاية هذه المرة، ويحاسب، حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانيّة؟