بسبب التغيّر المناخي... صار "غير شكل الزيتون"؟
إن كان فصل الخريف أليفاً بالنسبة إلى فيروز، فمن المرجّح أنّه لم يعد كذلك. والرّبيع، الذي "كسا الديار اخضراراً" على أيّام فيلمون وهبي، ها هو يكسو أرضنا بالأمطار والغرق. وإن كان "غير شكل الزيتون" والزيت والصابون، فربّما لم تخطىء الأغنية حين قالت "يا ضيعانن راحوا"...
الطقس "المجنون" لم يرحم أحداً هذا العام. فهو لم يكتف فقط بإغراق سيّاراتنا بالمياه في أوّل أيّام أيّار، إنّما أخذ يصبّ غضبه على قطاعنا الزراعي فيؤذي أشجاراً لطالما شكّلت ركيزةً أساسيّة لتاريخ لبنان واقتصاده، حتّى بتنا نسأل: إلى أي مدى يمكن للتغيّر المناخي أن يؤثّر على إنتاج الزيتون؟ وهل فعلاً "طار" الموسم؟
"عادةً ما يتمّ قياس التغيّر المناخي من ناحيتين أساسيّتين. إرتفاع أو انخفاض درجات الحرارة وكمّيّة المتساقطات وتوقيتها". هذا ما أشار إليه رئيس فرع الزيتون وزيت الزيتون في مصلحة الأبحاث العلميّة الزراعيّة ميلاد الرياشي لموقع mtv، مضيفاً: "كان من المفترض أن تكون درجات الحرارة في هذا الوقت أكثر ارتفاعاً، لكنّ انخفاضها الذي سبّبه التغيّر المناخي، أثّر بشكل كبير على نموّ وتفتّح ثمار الزيتون. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ كميّة المتساقطات وتوقيتها الذي امتدّ إلى فصل الربيع أثّر بشكل سلبي على عمليّة عقد زهور الزيتون، خصوصاً وأنّ شجرة الزيتون من الأشجار التي تفضّل أن تنتقل إليها حبوب اللقاح من أشجار أخرى، لكنّ ما أحدثته الرطوبة هذا العام صعّب انتقال تلك الحبوب، لأنّها أسقطتها أرضاً بدلاً من أن تسهّل انتقالها".
من ناحية أخرى، حذّر الرياشي من "خطورة الأمراض الفطريّة التي تسبّبها الرطوبة، وتحديداً مرض "عين الطاووس" الذي يُعتبر من أخطر الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون".
أمّا إقتصاديّاً، فأكّد الرياشي أنّه "لا يمكننا القول إنّ الموسم "طار" كلّياً، لكنّنا سنشهد بالتأكيد انخفاضاً ملحوظاً بالإنتاجيّة". وتابع: "الإنعكاس الإيجابي الوحيد سيكون على مناطق البقاع التي يتأخّر فيها نموّ الزيتون أصلاً، لكنّ المناطق الواقعة على علوّ منخفض من سطح البحر تبقى المتأثّر الأكبر".
"المصائب" التي يمكن أن يسبّبها التغيّر المناخي ما زالت قيد المراقبة والدرس. لكنّ ما بات واضحاً، هو أنّ طقس لبنان الشهير "مش كاين هيك يكون"، وشجر الزيتون لن يكون الضحيّة الوحيدة. لذا، ها نحن نقول له، مثلما قالت فيروز لمن تحبّ: "إذا هلّق طقسك غيّر، ريتو عمرو ما يكون"...