جبهة لبنان ومفاوضات غزة: ما بين الضغوط والتسوية والتصعيد الكبير
أثبتت تطورات، الأسبوع الماضي، أن لبنان معني بالمفاوضات القائمة، بهدف الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، أكثر من غيره، حيث أن المواجهات العسكرية في الجنوب كانت قد تراجعت حدّتها نسبياً، قبل أن تعود إلى الإنفجار من جديد، بعد الكشف عن أن العراقيل لا تزال تحول دون الوصول إلى إتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس".
بالتزامن، كانت الساحة المحلّية قد شهدت حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، سواء من الجانب الفرنسي أو الأميركي، حيث الأساس يبقى أن واشنطن وباريس تنتظران الوصول إلى إتفاق في غزة، للإنتقال إلى البحث فيما يمكن القيام به على مستوى الجبهة الجنوبية، في مؤشر على أن الجميع بات مقتنعاً بمعادلة وحدة الساحات.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه بات من الطبيعي ترقب ما سيحدث في غزة، لمعرفة ما سيكون عليه الوضع في لبنان، بالرغم من التهديدات الإسرائيلية، بأن وقف إطلاق النار في القطاع قد لا يؤدّي إلى تهدئة في الجنوب، حيث تؤكّد أنّ تل أبيب عاجزة عن الذهاب إلى عمليّة عسكرية موسعة في مواجهة "حزب الله"، لكنها في المقابل تعمد إلى التصعيد السياسي بغية الضغط على الأفرقاء اللبنانيين، إلى جانب دفع الجهات الدوليّة الفاعلة إلى تكثيف ضغوطها.
بالنسبة إلى هذه المصادر، كل هذه الصغوطات لن تقود إلى تغيير المعادلة القائمة، التي كان قد أعلن عنها الحزب منذ الأيام الأولى لدخوله الحرب، أي أن وقف الأعمال العسكريّة على هذه الجبهة لن يتم قبل وقف إطلاق النار في غزّة، لا بل تذهب إلى الحديث عن أن الحزب قد يذهب إلى التصعيد بشكل أكبر، في حال بادرت تل أبيب إلى تنفيذ تهديداتها بشن عملية ضد مدينة رفح.
وتلفت المصادر نفسها، في هذا المجال، إلى أنه قبل إنطلاق جولة المفاوضات الحالية، كانت الجبهة الجنوبية، على وقع التهديدات المتعلقة برفح، قد شهدت إرتفاعاً في وتيرة العمليات العسكرية، قبل أن تهدأ الأمور، خلال فترة المفاوضات، ثم عادت إلى التصعيد مع عودة الحديث الإسرائيلي عن التحضير لعمليّة ضدّ المدينة، بالتزامن مع تعرقل المفاوضات، ما يفتح الباب إلى التأكيد أن الأمور تسير على الوتيرة نفسها في الجبهتين.
إنطلاقاً من ذلك، تذهب المصادر المطلعة للحديث عن مجموعة من السيناريوهات المرتبطة بالواقع في الجنوب، حيث تشير إلى أنّ العودة إلى طاولة المفاوضات ستقود إلى إعادة ضبط العمليّات العسكريّة، التي قد تدخل، في الأيام المقبلة، موجة من التصعيد الهادفة إلى زيادة الضغوط من قبل جميع الجهات المعنيّة، خصوصاً في ظلّ الحديث عن أن التهديدات المتعلقة برفح هدفها الضغط على قيادة "حماس" لتقديم تنازلات.
في المقابل، ترى هذه المصادر أن مبادرة تل أبيب إلى شنّ عملية عسكرية في رفح سيقود، على الأرجح، إلى تصعيد كبير في هذه الجبهة، بالإضافة إلى الجبهات الأخرى المرتبطة بالحرب الحاصلة، وتشير إلى أن هذا الأمر لن يقتصر على العمليات العسكرية التي يقوم بها "حزب الله"، بل سيشمل تلك التي تقوم بها باقي القوى والفصائل، لا سيما أن "حماس" كانت قد عادت إلى العمل من الجنوب، بعد توقف عملياتها لأسابيع، أما في حال الوصول إلى إتفاق في غزّة، فتؤكد أن تداعياته ستنعكس سريعاً جنوباً.
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنه على الرغم من ذلك ليس من المتوقع خروج الأمور عن السيطرة بشكل تام، على قاعدة أنّ الجميع بات يبحث اليوم عن المخرج من الواقع الراهن، لا سيما أنّ الضغوط الأميركية الحاليّة كبيرة جداً، لكنها تلفت إلى أنّه قبل ذلك فإن المفاوضات السياسية قد تتطلّب المزيد من الضغوط العسكريّة، نظراً إلى أنّ المعادلة التي ستحكم الإتفاق لم يتم التسليم بها من قبل الأفرقاء المعنيين بعد.