إختر من الأقسام
آخر الأخبار
مضطرب وخائف وحزامه الانتحاري لم يفارقه.. تفاصيل الأيام الأخيرة للبغدادي عندما ضاقت عليه الأرض
مضطرب وخائف وحزامه الانتحاري لم يفارقه.. تفاصيل الأيام الأخيرة للبغدادي عندما ضاقت عليه الأرض
المصدر : عربي بوست
تاريخ النشر : الخميس ١٨ تشرين ثاني ٢٠٢٤

كشفت وكالة Voice of America الأمريكية تفاصيل الأيام الأخيرة التي عاشها زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، أبوبكر البغدادي، والتي طغى عليها الخوف والاضطراب.

ففي الأشهر الأخيرة من هروبه عاش البغدادي مضطرباً خائفاً من الخونة، فتارةً كان يتنكَّر في صورة راعي أغنام، وتارة يختبئ تحت الأرض، وكان يعتمد على دائرةٍ متقلصة من الأشخاص الموثوقين.

تحركاته وآخر قراراته
وأشار بعض مساعديه إلى أن البغدادي كان رجلاً مهووساً بأمنه ورفاهيته، وكان يحاول إيجاد ملاذٍ آمن في البلدات والصحاري في شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية مع خسارة الأراضي التي كان التنظيم يسيطر عليها.

وفي نهاية المطاف، ترك القائد الذي كان يوصَف بـ «الخليفة» مناطق داعش السابقة بالكامل، واضطر إلى الذهاب إلى أرضٍ معادية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا خاضعة لسيطرة جماعةٍ منافسة لتنظيم داعش ومرتبطة بتنظيم القاعدة.

وهناك، فجَّر نفسه في مداهمةٍ شنتها القوات الخاصة الأمريكية على ملاذه الآمن المحصَّن بشدة في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

فتاة إيزيدية تروي مرافقتها للبغدادي
وطوال عدة أشهر، كان البغدادي يستعبد مراهقةً إيزيدية، وذكرت تلك الفتاة لوكالة The Associated Press كيف كان البغدادي يصطحبها في الأماكن التي ينتقل إليها حين كان يسافر مع مجموعةٍ أساسية مكونة من سبعة أشخاصٍ من المساعدين المقربين إليه.

ويُذكَر أنَّه فوَّض معظم صلاحياته منذ أشهر إلى نائبٍ بارز من المرجح أن يكون الرجل الذي أعلنه التنظيم خلفاً له.

وقالت الفتاة الإيزيدية، التي حُرِّرَت في مداهمةٍ نُفِّذَت بقيادة الولايات المتحدة في شهر مايو/أيار الماضي، إنَّ البغدادي حاول الفرار إلى إدلب لأول مرةٍ في أواخر عام 2017. وذكرت أنَّها، في إحدى الليالي، وُضِعَت في عربةٍ ضمن موكبٍ كان يضم زعيم داعش، وزوجته وحاشيته الأمنية، متوجهاً إلى إدلب.

وكشفت الفتاة -التي كانت في السابعة عشرة من عمرها آنذاك- أنَّ الموكب وصل إلى طريق رئيسي، لكنَّه تراجع خشية التعرُّض لهجومٍ على ما يبدو.

وقد مكثوا آنذاك حوالي أسبوع في مدينة هجين جنوب شرق سوريا، بالقرب من الحدود العراقية. ثم انتقلوا شمالاً إلى الدشيشة، وهي بلدةٌ حدودية أخرى في سوريا داخل الأراضي التي كان داعش يسيطر عليها.

وهناك، بقيت المراهقة الإيزيدية 4 أشهر في منزل والد زوجة البغدادي، وهو مساعدٌ مقرب اسمه أبوعبدالله الزوبعي. وقالت المراهقة إن البغدادي كان يزورها هناك باستمرار ويغتصبها ويضربها في بعض الأحيان.

وذكرت أنَّه كان يتحرك ليلاً فقط، وكان يرتدي أحذية رياضية ويغطي وجهه، ودائماً ما كان يتنقل بصحبة حوالي 5 من حُراسه كانوا ينادونه بـ «حاج» أو «شيخ». تجدر الإشارة إلى أنَّ وكالة The Associated Press لا تذكر أسماء ضحايا الاعتداءات الجنسية.

وأضافت الفتاة: «حين كنت أسأله عن أي شيء، لم يكن يجيبني لأسباب أمنية. ولم يكن الجميع يعلم مكانه».

وفي ربيع العام الماضي 2018، سُلِّمَت الفتاة إلى رجلٍ آخر أخرجها من الدشيشة. وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي شاهدت فيها البغدادي، لكنَّه أرسل إليها قطعةً من الحُلِي هديةً لها، على حد قولها.

البغدادي كان يشك بوجود خونة بين أعضاء التنظيم
ويبدو أنَّ البغدادي ظل يتنقل بعد ذلك من مكانٍ إلى آخر في شرق سوريا طوال العام التالي مع سقوط معاقل تنظيم داعش واحداً تلو الآخر في أيدي القوات الكردية التي كانت الولايات المتحدة تدعمها، قبل أن يتوجه إلى إدلب في وقتٍ ما في فصل الربيع.

وخلال ذلك الوقت، كان البغدادي «عصبياً للغاية»، إذ كان يمشي جيئةً وذهاباً بخطواتٍ متسارعة وهو يشكو من وجود خونة وعملاء متسللين بين «ولاة» المقاطعات التي أعلنها التنظيم ضمن أرض الخلافة، حسبما قال عديله محمد علي ساجت، في مقابلةٍ بثَّتها قناة العربية الأسبوع الماضي.

وذكر ساجت أنَّ البغدادي كان يصرخ أحياناً وهو يقول: «هذه كلها خيانة».

يُذكَر أنَّ السلطات العراقية ألقت القبض على ساجت في يونيو/حزيران الماضي، وهو رجلٌ عراقي تزوَّج بنتاً أخرى من بنات الزوبعي. وقال ساجت إنَّه شاهد البغدادي عدة مرات على مرِّ 18 شهراً بدأت برؤيته في مدينة هجين في أواخر عام 2017، وانتهت برؤيته في المناطق الصحراوية على طول الحدود السورية العراقية قبل فترة طويلة من إلقاء القبض على ساجت.

وقال إنَّ البغدادي كلَّفه بتسليم رسائل على وحدات ذاكرةٍ فلاشية إلى بعض قادة التنظيم العسكريين داخل العراق.

هذا وقال مسؤولون أكراد عراقيون وسوريون إنَّهم زرعوا مخبرين قادوهم إلى مكان زعيم داعش، ويُعتَقَد أنَّ ساجت كان أحدهم. فيما قال مسؤول أمريكي إنَّ الأكراد السوريين تمكنوا على ما يبدو من زرع «ضيفٍ» داخل الدائرة الداخلية المقربة إلى البغدادي كانت معلوماته بالغة الأهمية في عملية المطاردة.

تحركات البغدادي وحالته الصحية
وقال ساجت إنَّ تحركات البغدادي كانت مقيدة بشدة، وإنَّ هذا التقيُّد كان يتفاقم كلما خسر تنظيم داعش مزيداً من الأراضي. وأضاف أنَّه كان يسير مرتدياً حزاماً انتحارياً، بل وكان يضعه بالقرب منه أثناء النوم، وكذلك كان يجعل مساعديه يرتدون أحزمة انتحارية.

وأشار ساجت، الذي ما زال محتجزاً في العراق، إلى أنَّ البغدادي لم يكن يستخدم الهاتف المحمول قط، وأنَّ مساعده أبوحسن المهاجر فقط هو الذي كان يستخدم هاتفاً محمولاً من طراز Galaxy 7.

وقد أسهمت حالة التوتر العصبي في تفاقم مرض السكري لدى قائد داعش، فكان يضطر إلى فحص نسبة السكر في دمه باستمرار وتناول الأنسولين. وقال ساجت إنَّ البغدادي لم يصُم في شهر رمضان المبارك وأجبر مساعديه كذلك على عدم الصوم.

وذكر ساجت أنَّ البغدادي أحياناً ما كان يتنكر في صورة راعي أغنام. وحين تنبَّه أبوصباح، قائد حرس البغدادي، إلى احتمالية شن غارةٍ على المنطقة الحدودية الصحراوية بين سوريا والعراق التي كانوا يختبئون فيها، هدموا خيامهم وخبَّأوا البغدادي والمهاجر داخل حفرةٍ مغطاة بالتراب. وسمحوا للأغنام بالتجول فوق الحفرة لإخفائها. وقال ساجت إنَّه فور انتهاء تهديد الغارة المحتملة، عادوا ونصبوا الخيام مرةً أخرى.

مرافقو البغدادي في أيامه الأخيرة
وكان البغدادي يتنقَّل بصحبة مجموعةٍ يتراوح عدد أفرادها بين 5 و7 أشخاص، من بينهم المهاجر والزوبعي وأبوصباح، ووالي التنظيم السابق في العراق، المعروف باسم تيسير أو أبوالحكيم.

وقد قُتِل المهاجر في اليوم نفسه الذي قتل فيه البغدادي، في عمليةٍ عسكرية منفصلة بقيادة الولايات المتحدة -إثر معلومةٍ من أكراد سوريا- في مدينة جرابلس التي تقع كذلك في شمال غرب سوريا، فيما قُتِل الزوبعي في غارةٍ في مارس/آذار الماضي.

وقال مسؤولون أتراك يوم الإثنين الماضي 4 نوفمبر/تشرين الثاني إنَّهم اعتقلوا أخت البغدادي الكبرى في منطقة أعزاز شمال غرب سوريا. جديرُ بالذكر أنَّ كل هذه المناطق المذكورة تقع خارج سيطرة النظام السوري.

وقال ساجت إن زعيم داعش كان على اتصال مع نائبه الأعلى، الحاج عبدالله. ويقول مسؤولون عراقيون إنَّ البغدادي كلَّف الحاج عبدالله بمعظم شؤون التنظيم الإدارية والمالية.

وذكر ساجت أنَّه يعتقد أن الحاج عبدالله هو في الواقع الرجل الذي عيَّنه التنظيم خليفةً للبغدادي قبل مقتله تحت اسم أبوإبراهيم الهاشمي القرشي.

هذا وقال المسؤولون الأمريكيون إنَّهم لا يعرفون متى وصل البغدادي إلى إدلب، لكنَّهم ذكروا أنَّه اختار هذا المكان لأنَّه كان آخر منطقةٍ تقع خارج سيطرة النظام السورية. فيما قال مسؤولون أكراد سوريون متحالفون مع الولايات المتحدة إنَّهم قيَّدوا تحركاته في شهر مايو/أيار الماضي، لكنَّهم يظنون أنَّه ذهب إلى هناك بعد سقوط آخر معاقل داعش في أواخر مارس/آذار الماضي.

المكان الأخير الذي اختبأ به البغدادي
يُذكَر أنَّ البغدادي كان يختبئ هناك في مجمعٍ في قرية باريشا، على بعد حوالي 5 كيلومترات من الحدود مع تركيا. ومثل العديد من البلدات الحدودية في إدلب، تكتظ باريشا بأشخاصٍ نازحين من جميع أنحاء سوريا، وتقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة ومنافسة لتنظيم داعش.

وكان المجمع مملوكاً لرجلٍ يُدعى أبومحمد الحلبي، وكان تاجر أغنام ولكن لم تكن له علاقةٌ تُذكَر بجيرانه، وفقاً لما قاله العديد من السكان لوكالة The Associated Press. وتحدَّث السكان بشرط عدم الكشف عن هويتهم خشية تعرضهم للخطر بسبب الحديث عن مكان الاختباء.

وقال مسؤولون عراقيون إنَّ الرجل الذي كان مكلفاً بتولي شؤون اللوجيتسيات لدى البغدادي قُتِل معه في المداهمة.

وذكر أحد السكان أنَّ حوالي 10 طائرات مروحية حلَّقت فوق قريتهم قبل الساعة 11 مساءً في ليلة المداهمة التي قادتها الولايات المتحدة في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال: «خرجنا إلى الشرفة لنرى ما يحدث، وبدأت القوات في إطلاق النار بأسلحةٍ آلية. لذا ذهبنا إلى الداخل واختبأنا». ثم شنَّت القوات عمليةً محمولة جواً غرب القرية في اتجاه منزل الحلبي. وبعد ذلك، حذَّر الأمريكيون السكان من الاقتراب من المنزل لأنَّهم كانوا سيفجرونه.

وقال أحد السكان: «لم يكن أحدٌ يتوقع حقاً أن يكون البغدادي هنا».

عرض الصور


عودة الى الصفحة الرئيسية